منبر الحرية \ بالتعاون مع معهد كيتو \ الولايات المتحدة
قد يكون ظهور مصادر جديدة للاستثمار الأجنبي من الدول النامية ذا أهمية خاصة بالنسبة للبلدان النامية المضيفة لتلك الاستثمارات ذات الدخل المنخفض. وشركات اقتصادات الدول النامية هي الآن مستثمرة هامة في العديد من أقل البلدان نمواً . ومن تلك البلدان التي تعتمد أشد الاعتماد على الاستثمار الأجنبي المباشر من الاقتصادات النامية: بارغواي، الصين، تايلند، قيرغيزستان، وأيضاً البلدان الأقل نمواً في العالم وهي أثيوبيا وبنغلادش، تنزانيا، ميانمار.
مجمل الاستثمارات الأجنبية بين الدول النامية تتسم بطابع الاستثمارات داخل المنطقة. فمجموع الاستثمار الأجنبي الوارد إلى عدد من أقل البلدان نمواً من قبل الدول النامية يشكل ما يزيد على 40% من مجموع الاستثمار الوارد لتلك الدول. وحتى عام 1990 لم تكن سوى 19 شركة عبر وطنية من الاقتصادات النامية والانتقالية مدرجة في تصنيف مجلة"FORTANE 500" وما لبث أن ارتفع العدد بحلول 2006 إلى47 شركة، والشركات الخمس عبر الوطنية من الدول النامية المدرجة على القائمة 100 شركة الرائدة في العالم مقراتها في آسيا وثلاث منها تملكها الدول وهذه الشركات هي :
1-هونغ كونغHutchison Whampoa
2- ماليزياPetronas
3- سنغافورة Singtel
4- كوريا Samsung
5- الصين Citicgroup.
ويمكن ملاحظة درجة عالية نسبياً من ملكية الدولة في كبرى الشركات عبر الوطنية من الاقتصادات النامية. وكثير من الشركات الرئيسية التي تملكها الدول قد أخذت تتوسع في الخارج على نحو متزايد خاصة في بعض الصناعات ولا سيما المتعلقة بالموارد الطبيعية، كقيام شركة آرامكو السعودية بشراء حصة بنسبة25% من مصنع تكرير النفط في فوجيان الصين، وشراء شركة اتصالات الكويت المتنقلة لشركة سيلتيل انترناشيونل الهولندية أو قيام شركة موانئ دبي العالمية بشراء شركة بي أند أو P&O البريطانية .
والشركات عبر الوطنية من البلدان النامية والانتقالية الأن تتنافس نداً لند مع نظيرتها من البلدان المتقدمة في كثير من القطاعات النفط,الغاز,الصناعات التحويلية كالفلزات,والصلب,والتعدين. وأيضاً الشركات عبر الوطنية من الدول النامية أصبح لها باع كبير في مجال الصناعات المختلفة كصناعة السيارات والأدوات الكهربائية والالكترونية,وقطاع الخدمات التكنولوجية.
كما أن نصف الشركات البترولية الخمسين الكبرى في العالم هي مملوكة لحكوماتها إما بشكل كامل أو بنسبة الأغلبية ومعظمها في الدول النامية. وتصنيف شركات النفط وفقاً لمعايير محددة يؤكد أن هناك 5 شركات من أصل10 شركات كبرى في صناعة النفط هي شركات بترول وطنية لكل من السعودية، المكسيك، فنزويلا، إيران.
تقوم بعض الدول النامية بالاستثمار في الخارج أكثر مما تفعله بعض البلدان المتقدمة إذا قيس ذلك كنسبة من تكوين رأس المال الثابت الإجمالي، سنغافورة مثال على ذلك36% ،تشيلي7%، ماليزيا 5% بالمقارنة مع الولايات المتحدة7%،وألمانيا4%، واليابان3%. فإذاًً هل نحن اليوم أمام جغرافيا جديدة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على نحو قد يكمل الجغرافيا الجديدة للتجارة؟ وإذا كانت نسبة كبيرة من استثمارات الشركات عبر الوطنية من البلدان النامية تدخل في إطار الموارد الأولية فهل نحن أمام معادلة جديدة وهي حالة من التبعية المتبادلة، فتطلب الدول المتقدمه المواد الأولية من الدول النامية، مقابل ما تطلبه البلدان النامية من البلدان المتقدمة من السلع المصنعة والتكنولوجيا؟
ومن المتغيرات الملفتة للانتباه في الاستثمار الأجنبي المباشر، ظاهرة تدويل البحث والتطوير من جانب الشركات عبر الوطنية ، وأصبح هناك توّجه الآن يظهر عدداً من السمات الجديدة في عملية التدويل وبصورة خاصة على صعيد أنشطة البحث والتطوي. فالشركات لأول مرة تقوم بإنشاء مرافق للبحث والتطوير خارج البلدان المتقدمة، وتذهب إلى أبعد من مجرد التكيّف مع الأسواق المحلية. فالنشاط في بعض البلدان النامية وبلدان جنوب شرق أوروبا وكومنولث الدول المستقلة، يستهدف على نحو متزايد الأسواق العالمية ويجري إدماجه في الجهود الابتكارية الأساسية التي تقوم بها هذه الشركات.
وعملية تدويل أنشطة البحث والتطوير في البلدان النامية هي أمر يمكن توقعه، وفي ظل زيادة الشركات لنشاطها في الدول النامية، يمكن توقع أن يلي ذلك قدر من البحث والتطوير من منطلق التكيّف. ونشاط البحث والتطوير يعتبر شكلاً من أشكال أنشطة الخدمات، فهو يتجزأ، ويمكن إجراء أجزاء معينة منه في الأماكن التي يمكن أداؤها فيه بأعلى كفاءة، وهذا ما تقوم به على سبيل المثال شركة موتورلا للبحث والتطوير في الصين, مركز تويوتا التقني في تايلند, مركز البحوث العالمي السادس لشركة مايكروسوف في الهند.
للإفادة من اقتصاد عالمي معولم ومترابط على نحو متزايد، يتعين على البلدان أن تعزز قدراتها على عرض خدمات تنافسية، وأهم إسهام للاستثمار هو جلب رأس المال والمهارات والتكنولوجيا، التي تحتاج البلدان إليها لإقامة صناعات ذات قدرة على المنافسة. وينبغي معالجة قضايا الاستثمار المباشر حسب ما تقتضيه الخصوصية، وليس على أساس مفاهيم مستعارة من نماذج أكثر تقدماً. وإن تقديم الضمانات القانونية، وتحرير الأسواق قد تحتوي وتنطوي على مخاطر. لكن إعادة ترتيب جذرية الأولويات الوطنية للبلدان وتخصيص الموارد وفقاً لزيادة الاستثمار، والعمل على تحسين ظروف الهياكل الاجتماعية على أساس الكفاءة والجدارة، قد يشكلان ميزتين أكثر ملاءمة وفعالية.
يجب الحذر عند اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر، فالاستثمارات في بعض القطاعات كقطاع الخدمات، قد تكون احتكارات طبيعية كالمرافق العامة، وتكون عرضة لإساءة استعمال القوة السوقية، سواء كانت الشركات محلية أو أجنبية. من هذا المنطلق على البلدان ان تقيم توازناً بين الكفاءة الاقتصادية والأهداف الإنمائية الأوسع نطاقاً، ومحاولة إيجاد توازن بين المحافظة على تطوير واردات الدولة وبين تشجيع الاستثمار والاستفادة منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق