2019-05-01

الاقتصاد العالمي والخيارات الاستراتيجية للدول





سلام الربضي:  باحث ومؤلف في العلاقات الدولية \ اسبانيا



أن كل الجهود التي يبذلها السياسيون والاقتصاديون للعثور على بدائل لفرص العمل الضائعة في كافة القطاعات لم تحقق النتائج المرجوة. فكلما ازدادت وتيرة المتاجرة في البضائع والخدمات عبر الحدود الدولية بكل حرية، تزداد المصاعب حيث هناك تقليص وترشيد يؤديان إلى فقدان العمل البشري قيمته. إذ لا بد من الإشارة إلى الإشكالية الأساسية في عالمنا المعاصر حول علاقة التنمية المستدامة بالنمو الاقتصادي وهي:


 إشكالية الفجوة بين الأغنياء والفقراء فهل نحن في عصر الاقتصاد من أجل الاقتصاد وليس من أجل المجتمع؟


الوقائع القائمة على مصلحة المواطنين، ستبقى هي المعيار الأساسي لتقييم السياسة الاقتصادية الناجحة. وبناء على ذلك، من البديهي أن تؤدي الهوّة بين دخول أصحاب المشاريع ومُلاّك الثروة من ناحية ودخول العمال من ناحية أخرى إلى تزايد الشكوك حول سلامة المجتمع ووحدته. فإذا كانت التجارة الحرة وانتقال رؤوس الأموال والبضائع والخدمات عبر الحدود، هي التي تحقق النمو والرفاه، وفي حال تم تحقيق أهداف منظمة التجارة العالمية بألغاء القيود الكمية وتوحيد كافة الضرائب الجمركية وجعل العالم منطقة تجارة حرة بحلول العام :2020


 فهل هذه السياسات والأهداف سوف تؤدي إلى تعميق أزمة سوق العمل ؟ أم أنها ستكون بمثابة نقطة التغيّر والتحوّل الإيجابي؟  


 إن احتدام المنافسة بين الدول سواء كانت صناعية أم نامية على خفض الأجور لن يؤدي إلا إلى نتائج وخيمة ولن يزيد من رفاهية المجتمعات، بل سيزيد من تحجّر الوضع الاجتماعي المؤلم. فالتخفيض في الأجور ينعكس على أسعار السلع ويستفيد منه بشكل مباشر المستهلك صاحب الدخل المرتفع، الذي لم يخسر شيئاً يذكر من دخله، في مقابل تخفيض تكلفة الإنتاج. في حين، أن الطبقات المتوسطة والفقيرة، هي التي تخسر جزءاً من دخلها، وتكون أكثر تضرراً.


 وانطلاقاً من ذلك، لا يمكننا تجاهل جدلية أو معضلة مَن الذي يستوجب عليه تحمل الأعباء: رأس المال أم العمال؟


 فالحكومات ترمي الأعباء الضريبية على كاهل عنصر العمل أكثر فأكثر والإعفاءات والتسهيلات والمنح الضرائبية المقدمة للشركات، ينتج عنها انخفاض في إيرادات الدولة المالية، والتي تعوّضه عن طريق زيادة الضرائب على الطبقات الاجتماعية الأخرى. أو عن طريق تقليص الخدمات والرعاية الاجتماعية والصحية. فالمعادلة التي كانت أكثر تعبيراً عن اتّساع الهوّة بين الأغنياء والفقراء : الأغنياء يزدادون غنى بينما الفقراء يزدادون فقراً، في ظل الوقائع الحالية القائمة، لم تعد تكفي لتوضيح الصورة، حيث من الواضح ظهور صيغة جديدة تقوم على مبدأ : 


الأغنياء يصبحون أغنى، والفقراء أفقر، وبمعدل أسرع ؟


إذ تفاجئنا السرعة الفائقة، في توفير المبالغ الخيالية لحل الأزمات المالية والاقتصادية العالمية وتمويل الحروب والنزاعات مقابل التقاعص الشديد الذي يعرف عادة عند تمويل البرامج الإنسانية التي أقرتها الأمم المتحدة للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، والتي ما زالت حبراً على ورق. فهذه الحقائق المآساوية، وبعيداً عن الأبعاد الايديولوجية في مقاربة عالم الاقتصاد تضعنا أمام التساؤل الجدلي المنطقي التالي:  هل الإشكالية تكمن في الأولويات والخيارات الاستراتيجية ؟ أم هي مسألة الإمكانيات الفعلية المتاحة للدول؟؟؟



Global Economy And Strategic Options To States



Salam AL Rabadi

There are no real globalization even the minimum with respect to the labor market. Although the free movement of goods, services, and capital but various obstacles and restrictions put in place to prevent workers from moving freely between countries. Addition to increasing pressure as a result of the difficult challenges for all countries on the deficit in the government budget level.

Also, all the efforts of politicians and economists to find new opportunities and alternatives in all sectors have not achieved the desired results. And higher the level of trade in goods and services across international borders freely in return increasing difficulties. Thus it must be recognized by the fact that free trade is growing away from the labor market. But it leaves a negative impact on this sector. It must be noted the basic problem in the modern world on a level relationship between sustainable development and economic growth are:

The problem of the gap between the rich and the poor. So do we in the era of the economy for the economy and not for the community?

Far from theorizing and according to the statistics and data on the economic gap (If we take into account that the largest percentage of citizens are workers or employees are gainfully employed), we can say that the economy is no longer working for the benefit of the peoples. The facts based on the public interest will remain the primary criterion to evaluate the successful economic policy.

Accordingly, it is obvious that the gap between the leading entrepreneurs and the owners of wealth on the one hand and the salaries of the workers, on the other hand, it will growing doubts about the safety of the community.

So if the Free trade and movement of capital are initiating the growth and wellbeing and if we able to initiate the World Trade Organization goals to cancel quantitative restrictions and the unification of all duties and make the world a free trade area by the year 2020:

Are these policies and objectives will lead to a deepening of the labor market crisis? Or is it will serve as a point of change and positive transformation?

Addition to that the competition between countries (Whether industrial or developing) to cut wages or salary will lead to disastrous results. This will not increase the well-being of communities but will increase the rigidity of the painful social status.

The markdown in wages is reflected in the prices of goods and benefit from it directly to the owner of the high-income consumer who has not lost a bit of his income as a result of reducing the cost of production. In contrast, the middle and lower classes are that you lose part of their income and they are more affected. Based on this we can not ignore the dialectical:

Who Should Bear The Burden: Capital Or Workers?

Governments increase the tax burden on the responsibility of the labor sector.Also, the tax exemptions and facilities provided by governments to transnational corporations resulted a decline in the financial state revenues which compensated it for by increasing taxes on other social classes or by reducing the social services and health care.
In the past: the equation was the more reflective of the widening gap between rich and poor that: The rich are getting richer while the poor are getting poorer. But now under the current list facts, this equation is no longer sufficient to clarify the picture. Where it is clear the emergence of a new formula based on the principle:

The rich become richer and the poor are getting poorer and at a faster rate?

There is surprise or shock when we know there is high-speed in the provision of money solve the global financial and economic crisis compared to that there is cautious and stingy when it comes to financing modest programs for the benefit of humanity. For example:  only we need to tens of billions annually to eradicate hunger and malnutrition in the whole world. And the United Nations has endorsed several different programs to achieve this goal. But this programs still on paper only due to lack of availability of the necessary funds???

These tragic facts (away from the ideological dimensions in study and evaluation of the global economy) put us in front of the dialectical next logical question:

Is the problem lies in the strategic priorities and options to states? Or Is it, in fact, the problem of the actual possibilities available to States?






2019-03-22

المسألة المائية والفضاء الجديد للعلاقات الدولية










سلام الربضي \ باحث ومؤلف في العلاقات الدولية

تتصدر إشكاليات المسألة المائية الأولويات، فهنالك أكثر من80 دولة يوجد بها 40% من سكان العالم تعاني نقصاً شديداً في المياه. وبافتراض استمرار طرق الاستهلاك المائي الراهنة سوف يتعرض5 مليارات شخص لنقص المياه مع حلول العام 2025. ويتوقع أن يكون للتغير المناخي تأثيرٌ على التوزيع الموسمي لسقوط الأمطار، إذ ستزداد فترات الجفاف جفافاً وستزداد الفترات الماطرة مطراً، وسيكون تأثير الفيضانات أكبر سوءاً من تأثيرها على الكمية الإجمالية للمياه المتاحة، مما سوف يضع كثيراً من علامات الاستفهام حول:


1- الأمن الإنساني بمفهومه الواسع.
2- الخطورة المحرجة للغاية لنوعية الصراعات المستقبلية؟


كما ويتضح أن دورة الماء عبارة عن منظومة معقدة يجب فهمها جيداً من أجل إمكانية إيجاد مقاربة منطقية وحلول مستدامة. وهنا، لا بد أن يتم التركيز على مجموعة واسعة من الخيارات التي لها علاقة ببنية أزمة المياه العالمية وكيفية التنبؤ بها. فعندما يتم التفكير بأزمة ندرة المياه من الضروري ألا ينحصر التركيز على النقص المطلق بين إجمالي الحاجات والإمدادات المتوافرة، وإنما ينبغي التركيز على:


1- مكان وجود الماء النظيف القابل للاستعمال وتكاليف جلبه إلى التجمعات السكانية.
2- عدم ضمان إمكانية الوصول لماء الشرب فقط بل وضمان ما يكفي لزراعة الأغذية أيضاً.

ومن خلال النظر إلى آلية العلاقة المتبادلة بين التعقيدات المائية، يمكن تحديد الخصائص المميزة لأزمة المياه والعوامل التي يمكن أن تساعد على حلها. وبالتالي من أجل فهم أزمة المياه يجب التمييز بين مشكلتين مختلفتين وتتطلبان حلولاً متنوعة:
الأولى: كيفية الحصول على مياه الشرب الميسورة التكلفة(أي مشكلة خدمات)؟
الثانية: كيفية تأمين مصادر ضخمة جداً للمياه لزراعة الغذاء(أي مشكلة ندرة المياه)؟


وبناءً على تلك المشكلات يمكن تصنيف الأزمات المائية على النحو التالي
 أزمة الوصول إلى المياه
أزمة تلوث المياه
أزمة ندرة وقلة المياه


وبالنظر إلى تصورات المخاطر العالمية المستقبلية من حيث القدرة على التأثير، تم تصنيف أزمات المياه على أنها الخطر الأكبر الذي سوف يواجهه العالم في المستقبل القريب. ومع ذلك حالياً ليس هنالك فهم جيد لأبعاد التحديات المائية، والتي إن كانت تتشابه أعراضها وتتوافق مع أعراض التغيرات المناخية ولكنها تفوقها في تعقيداتها. كما أن واقع الأزمات المناخية يجعل من المسألة المائية قضية سياسية ساخنة، وهذا يتطلب وعياً مائياً واسع النطاق والتسليم بأن تغير المناخ حقيقي وباقٍ. عندئذ على الأرجح قد يتم أدراك أن تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري يدور كله حول الطاقة، إلا أن التكيف مع تغير المناخ سيكون جميعه حول المياه. فإذا كانت أزمات الغذاء العالمية 2008 - والتي بدت وكأنها قد حدثت بسبب إنتاج الوقود الحيوي من الحبوب - تقيم الدليل على ما هو عرضة للخطر إلا أنه من السهل أن تحدث الأزمة القادمة بسبب ندرة المياه وكيفية استخدامها؟



ولكن إذا كانت إشكاليات المسألة المائية واضحة للعيان وبشكل جلي لا لبس فيه، فكيف يمكن تبرير هذا التباطؤ في المعالجة. فإذا كانت قد احتاجت الهيئة الدولية للمناخ IPCC ما يقارب 30 عاماً من العمل قبل أن يأخذ العالم أزمة المناخ على نحو جاد، فما هو الحال بالنسبة للمسألة المائية؟ وإذا بات واضحاً للعيان - إلى حد ما-  تصدر المسألة المناخية الأجندة السياسية العالمية فلماذا نادراً ما يتم التفكير بالمسألة المائية بكونها تحدياً سياسياً عالمياً، ولماذا لم يتم وضع هذه القضية في أولوية الأجندة العالمية؟ علماً بأنهُ كان هنالك سابقاً إدراك أولي للأبعاد السياسية والاجتماعية لأهمية القضايا المائية، يفوق الإدراك الذي كان موجوداً لأبعاد مشكلة التغير المناخي.
ويبدو بمكان ما، أن هنالك صعوبة في تفسير هذا التقاعس خارج إطار إشكالية التساؤل عن: التهديد المائي يهدد من أولاً؟

ما يلفت الانتباه بشكل واضح هو ذلك التناقض في التعامل مع القضايا العالمية الإنسانية. فدول مجموعة الثمانية G8 دائماً تدرج قضايا الإيدز على جدول أعمالها، والعالم بأكمله أستنفر على خلفية انتشار وباء انفلونزا الطيور والخنازير وإيبولا وزيكا..الخ. وبالمقابل يوجد تغييب عالمي على مستوى إيجاد مقاربة وحلول جذرية للمسألة المائية. وفي هذا السياق لا بد من الآخذ بعين الاعتبار أننا أمام فجوة إنسانية جديدة. فإذا كان هنالك فجوة رقمية بين الأغنياء والفقراء وبين الدول، ولكن هنالك أيضاً فجوة جديدة يمكن تسميتها بالفجوة المائية وهي تزداد اتساعاً
فالتهديد الحقيقي لمسألة المياه يكمن في أن الأزمات المائية هي أولاً وبشكل مباشر أزمة الفقراء قبل الأغنياء، سواء على صعيد الإفراد أو الدول. والأسوأ من ذلك، أن العديد من دول العالم النامي لا يحظى الأشخاص الأكثر فقراً فيها بحصة أقل من المياه فقط، بل يدفعون أغلى الأسعار. فهناك فجوة مائية صارخة للعيان ما بين الشمال والجنوب وما بين الأغنياء والفقراء، فاعتبار إشكالية المسألة المائية تقتصر فقط على أزمة شح المياه، هي نظرة ناقصة تبتعد كلياً عن حقيقة ارتباطها ارتباطاً وثيقاً بالفقر والقوة واللامساواة وقضايا المعرفة والمسؤولية والمواطنة

فالمشكلة لا تكمن في كمية الموارد المتوافرة في الطبيعة بحد ذاتها، وإنما أيضاً في مجموعة من العوامل التي تحول دون استغلالها والاستفادة القصوى منها، وهذا تصنيف علمي يستوجب معالجة جذرية وزيادة في الاستثمار المائي الذي تأخر حدوثه




وفي المحصلة  يمكن القول أن واقع العلاقة بين البيئة والماء يتسم بالتعقيد وهو قائم على ثنائية: الإنسان / الطبيعة. فنحن الآن في عصر الإنسان الذي بلغت ضغوطاته على النطاق البيئي المائي حدَّ تحوله إلى قوة جيولوجية هائلة تلقي بظلالها على الفضاء الجديد للعلاقات الدولية. ، وهي تعبر عن نسق جديد في مقاربة القضايا العالمية الشائكة، أقلة على صعيد الأيدلوجيات. إذ يتضح مدى حاجة الإنسانية إلى وجود نسق أخلاقي ثقافي بيئي عالمي، وهذا قد يكون ممكناً سواء على المستوى الفكري أو الفعل السياسي، ذلك بسبب أنه يذكر الإنسانية بأنها تعيش على المركب نفسه بالرغم من كل الإشكاليات والمقاربات المختلفة.



For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com