2012-03-12

من التراب وإلى التراب تعود


انتقل إلى رحمة الله

الياس عيسى ثلجي الربضي 

والد الباحث والمؤلف في العلاقات الدولية

سلام الربضي

بتاريخ 12-3-2012

عجلون \ الأردن

 

 

 

 

 

2012-03-03

المستقبل والعقل والحضارة






سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية 

عن مجلة الثقافة العالمية \ الكويت

أنه لمن الصعب أن تتشرف المستقبل في عالم سريع التغير، فمعظم التنبؤات هي مجرد اسقاطات خطية لواقع هذه الأيام. فالتاريخ يؤكد بشكل تقريبي, أن التغيير ليس خطيا أبدا , فلم يكن من الممكن تخيل أكثر الاختراقات المعرفية أهمية, قبل جيل واحد من حدوثها. ومع ذلك, وعندما يتم فحصها بعدياً من منظور تاريخي, يمكن القول أن هذه التغيرات كانت عقلانية بشكل واضح,  وكانت هناك حاجة لها, وكانت اللحظة مواتية.

والتغيير الحقيقي هو التيار التحتي غير المرئي الذي يحدد اتجاه الموجة. فمن الممكن قراءة المؤشرات في كل ما يحيط بنا، فبعض الأشياء الصغير هذه الأيام ستكبر وتصبح مؤثرة في المستقبل. فالقدرة المبدعة، عوضاً من الاسقاطات الخطية للخبراء, ستقوم بصناعة المستقبل. حيث أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي أن تساعد في إبداعه. وانطلاقاً من ذلك, هنالك تطورات جديدة في طريقها إلى التحقيق بالفعل, والتي يمكن أن تعيد تشكيل العالم.

1- قم بعملها ... بنفسك:

أوشك سلطان الخبراء والمسؤولين على الانتهاء تقريبا، أي شخص يمكن أن يقوم بعمل أي شيء. ما عليك سوى الحصول على المعلومات من الانترنت. هل ترغب أن تصبح مزارع؟ هل ترغب في أن تصبح مؤلفا موسيقيا؟؟ فقط قم بشراء البرامج الاكترونية. فكل شخص فنان، وكل شخص رجل أعمال. إنه مجتمع "قم بذلك بنفسك" الذي يمكن كل فرد, من تطوير مواهبه الفريدة. فالشبكة العنكبوتية المترابطة هي أرض الأحلام لكل صاحب موهبة, ولكل من يحب الاستطلاع. لقد ولى عهد الخبراء. سيكون بالإمكان فعل أي شيء. فلا حاجة لأن تنتظر حكومة أو شركة أو شخصاً آخر ليقوم بما هو حاجة للإنجاز، يمكنك التوقف عن الشكوى والبدء بالتنفيذ. يمكنك تقديم أي مساهمة شخصية من أجل عالم أفضل وأكثر عدلاً, حتى لو لم تتصرف حكومتك على النحو الذي تريدها أن تتصرف به.

2- أهلاً ومرحباً، بالجميع:

التنوع مفتاح للحياة الاقتصادية وللثقافية، أهلا بكم في عالم التعددية الإثنية، والتعددية العرقية، عالم الحدود المفتوحة، حيث لا يحتاج أحد، إلى جواز سفر، خليط من الأعراف والأديان والقوميات تحدد ثروة الأمم. وإن صعود العولمة الاقتصادية, قد حعل من العالم قرية عالمية، وإنه لمن المستحيل رسم حدوداً في عالم التمويل الدولي. كما أن هذه القوة التوحيدية نفسها, تعمل بفعالية في عالم الثقافة, مثل الموسيقى، الأفلام، والأفكار. فنسيج الحياة اليومية للناس, أصبح أكثر تشابهاً حول العالم .


3- تحرير التعليم:

تحرر التعليم يعني أن لكل طفل الحق وليس الواجب في التعليم. التعليم نشاط شخصي ويجب أن يكون كذلك. لأننا جميعاً مختلفون. ولهذا, أصبح التعليم الاجباري بمناهجه الثابتة الموحدة للجميع, عتيق الطراز. وتعود تلك المنظومة للثورة الصناعية, عندما كان مطلوب من المدارس أن تدرب قوة عاملة متماثلة مطيعة لتقوم بالأعمال في خطوط الانتاج في المصانع. وكما شهدنا نهاية الثورة الصناعية, فنحن نشاهد الآن, نهاية الأساس المنطقي للمدارس التقليدية. لا حاجة بنا لتعليم موحد وامتحانات موحدة، وليس على الأطفال واجب دراسة ما يريد لهم الكبار أن يعرفوه فقط. إذ إن متابعة الطلاب لاهتماماتهم وتطوير مواهبهم هو أفضل شيء يمكن أن يفعلوه من أجل خدمة مجتمعهم. فالتعليم عندما يكون حراً يكون لا نهاية به ولا حدود. لأن جوهر التعليم, ليس اكتساب المعرفة، بل إيجاد معنى في الحياة.

4-  الشفاء الطبيعي:

الشفاء ليس محاربة الأمراض بمقدار ما هو التعاون مع أجسامنا نفسها.فإذا ما أتيحت الفرص الحقيقية, يستطيع الناس شفاء أنفسهم. فالاسترخاء وتغيير البيئة يولد الشفاء. والصلوات تشفي ,والحب يشفي. والمرض من ناحية أساسية, ليس شيئا من الخارج يقوم بغزونا أو اجتياحنا,  بل هناك شيئا ما داخل منظومتنا, قد فقد توازنه. ففي نهاية الأمر، إن جسم الإنسان عبارة عن منظومة معقدة من الترددات على نحو لا يصدق، ولكل عضو ولكل خلية، ولكل ذرة تردد مختلف. والصحة تعني أن جميع هذه الوظائف الطبيعية تعمل في تناغم منسق. وفي حالة المرض سيكون التحدي هو إعادة الذبذات الصحية بمساعدة آليات التغذية الحيوية مع طرق المعالجة البازغة الأخرى.

5-  من أنت ؟

ثورة في الأصالة ستجلب معها تغيرات اجتماعية مذهلة. نحن نأتي إلى هذا العالم لنكون أنفسنا. لا يوجد شخصان متماثلان تماماً, وتلك هي أكبر نعمة حلت بنا. التحدي الذي يواجهنا هو أن نتشارك في مجتمع كما نحن في حقيقتنا, بدلاً من كوننا خدماً لا صوت لهم, سوى تنفيذ أفكار أناس آخرين. فنحن نعيش في عالم غريب يتخذ فيه الأشخاص قرارات في المؤسسات العامة والخاصة سواء كانت سياسية أو تجارية أو اجتماعية, لن يتخذونها أبداً في بيوتهم. فالبيروقراطيين والموظفون يطبقون بشكل صارم قوانين لا يعتقدون بصحتها. وهذا العمل يؤدي إلى نشر صفات التشاؤم والشك في نوايا الآخرين على نحو واسع في كل جوانب المجتمع. فالبحث في الأصالة يغير العالم. فالمجتمع الذي يتبع أفراده ندائهم الباطني, يقدمون مساهمة فعالة للإنسانية. فهم يلهمون الآخرين ويعطون معنى لحياتهم نفسها.

6- فوز الجميع:

نحن ندخل في عصر تم فيه, تحقيق توازن جديد بين المادة والروح. والعناصر المتكاملة في كوننا التي تتمثل بالعلم والروحانية, قد عادت إلى التوحد. إذ تظهر لنا علوم الفيزياء والأحياء والكيمياء، أن عالمنا مترابط بينياً على أعمق المستويات الممكنة. ويقوم العلم بالبرهنة على صحة ما كان قد قاله حكماء المشرق على مدى آلاف السنين: لا يوجد هناك "نحن". وليس هناك "هم". فالتعلق بالقيم الروحية ليس مجرد تجربة فردية فقط لكنها أيضا تفاعلا مع الآخر. والمجتمع ليس مجرد هيكل مادي في المنظمات، والطرق والضرائب والمباني. إنه أولاً وقبل كل شبكة من الناس، مترابطين روحياً في رحلة  الحياة.ويقوم هذا الوعي المتنامي بتغيير السياسة. والاقتصاد والعلم والفنون. فالاكتشافات العلمية والتطور الروحي يؤديان إلى نموذج فكري جديد. من الممكن أن يساعد على ترك الحروب والتنافس السلبي وراء ظهورنا. إذ أنه لا يمكن الربح من دون أي خسارة, فقط  سنربح عندما نربح جميعاً.

7- نحن أسرة واحدة:

كانت الأسر دائماً هي حجر الرحى للمجتمعات الإنسانية. لكنها تيغرت بدرجة كبيرة على مدى القرون. على الرغم من أن العائلات الكبيرة الممتدة لا تزال هي القاعدة العامة في الدول النامية. إلا أن معظمنا قد انسحب إلى وحدات نووية أصغر. العائلات ستصبح مختلفة عندما نصبح جميعاً بشكل تدريجي أناسا متعددي الأبعاد على نحو أكبر. نبحث عن ما يمكننا من الدخول في عضوية عوالم ثقافية ومعرفية جديدة, تمكننا من التعامل مع تعقيدات الحياة. ففكرة الإنسانية في جوهرها، تدور حول العلاقات والعائلات في أوسع معانيها الممكنة.

8- الوفرة:

نهاية الندرة, قد يكون ذلك هو أصعب شيء يمكن لعقولنا الانسانية أن تتصوره. نحن نعيش في عالم لا نهاية له، ومع ذلك نميل لأن ننظر إلى مستقبلنا ضمن سياق محددات الحاضر. فبالنسبة لنا، تعتبر نهاية النفط نهاية الطاقة. فقد ينفذ النفط في وقت ما، لكن الذرات التي يتكون منها النفط ستبقى حولنا. ففي الواقع دقيقتان من ضياء الشمس توفر ما يكفي من الطاقة للاستهلاك السنوي الحالي للعالم أجمع. فالطبيعة تؤكد لنا باستمرار الوفرة في الكون. والقضية تكمن في إشكالية الأولويات. فلو استطعنا التوقف عن استثمار الأموال  في الحروب، لكان لدينا أكثر مما يكفي لخلق مصادر طاقة مستدامة؟؟؟؟ فوفرة الطاقة تأتي مع مسؤولية استعمالها بعقلانية بأفضل الطرقأجل مصلحة الإنسانية.

9- لنصبح متحضرين:

لقد وجدت الانسانية منذ ما يقارب 50 ألف سنة، ولكن دعونا نواجه الحقيقة، إن الحضارة هدف لا يزال علينا الوصول إليه بعد. ونحن اليوم نعيش وسط إنجازات علمية وثقافية مدهشة. وفي المجتمع المتحضر، لا يقتل الناس بعضهم بعضاً لأسباب مادية وتعصبية. وبذلك المعنى، الحيوانات أكثر تحضرا من بني البشر. فهي تقتل من أجل الحصول على الغزاء والدفاع عن النفس. وبعض الثقافات الأصلية عاشت بطريقة تقدس الحياة. وهذه هي الحضارات الحقيقية الوحيدة التي عرفها الإنسان.

لقد قالها غاندي ذات مرة على نحو جميل وبطريقة ساخرة عندما سأله أحد الصحافيين: 
ما رأيك في الحضارة الغربية؟ 
أجاب قائلا: أعتقد أن ذلك سيكون فكرة رائعة ؟؟؟ 

مع كل ذلك التفاؤل من أجل أن يكون هناك نهاية للحروب التي  لا معنى لها. وعندما نكتشف القدرة على إبداع واقع بشروطنا الخاصة، سيكون من الممكن أن نتصور عالماً مسالماً بشكل حقيقي. 

الأمر كله يبدأ في عقولنا. عقلك أنت، وفي عقلنا نحن. وهذه هي الدعوة لكل الإنسانية من أجل أن نكون حضاريين.



For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com