2022-12-20

Senior Innovation Lab: Desarrollando Nuevas Soluciones A Los Retos Y Oportunidades De Una Sociedad Que Envejece

 


Senior Innovation Lab

"Desarrollando Nuevas Soluciones A Los Retos Y Oportunidades De Una Sociedad Que Envejece". 

Centro de Estudios Avanzados (CEA), Universidad de Santiago de Compostela (USC), Octubre a Diciembre de 2022,España. 

2022-12-17

كريستيانو رونالدو وكرة القدم والحوكمة المستدامة

 


د.سلام الربضي \ مؤلف وباحث في العلاقات الدولية

 لقد تخطّى واقعنا المعاصر المعايير الكلاسيكية التي تتّسم بها أطر العمل السياسي والاقتصادي والثقافي، وذلك نتيجة طبيعة المعضلات العالمية البالغة التعقيد، والتي لم يعد ممكناً إيجاد الحلول لها من خلال مفاهيم وآليات الحوكمة المستدامة التقليدية. وبناء على هذا الواقع يمكن طرح الإشكالية التالية: هل يمكن على صعيد الحوكمة المستدامة إيجاد نسق ثقافي جديد يساعد على خلق آليات ضغط وتأثير تكون قارة على المساعدة في مواجهة التحديات العالمية المعاصرة ؟

من الواضح أن القضايا العالمية بأبعادها الإنسانية والسياسية والاقتصادية باتت بحاجة لوجود نسق ثقافي جديد، الذي يجب أن يرتكز على القواعد التالية:

1-      تغيير طريقة فهم سلطة وسيادة الدولة.

2-      العمل على إيجاد تأثير سياسي ملموس.

3-      خلق ضغط اقتصادي حقيقي ومباشر.

4-      إيجاد سلطة فعلية للأفراد الفاعلين.


وعليه، هذا النسق الجديد الذي يرتكز على محورية الفرد، يجب أن  يكون أداة تحفيز تساعد على أدراك أن الالتزام الأخلاقي ضرورة ملحة للغاية، حيث أصبحت الصورة والسمعة الأخلاقية أحد أهم الأصول الثابته وأكثرها حساسية على مستوى رأس المال البشري والاجتماعي. وبالتالي هذا يستوجب من القوى السياسية والاقتصادية إعادة تقيّم سياساتها بما يتلائم مع الحوكمة المستدامة الأكثر إنسانية. ولتوضيح مدى قدرة الأفراد على إحداث نوع من التغيير الذي يمكن الاستفاده منه على مستوى الحوكمة المستدامة، يمكن الإشارة إلى التأثير العالمي للاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، والذي يُعتبر نموذج يؤكد على إمكانية الأفراد المؤثرين وضع كثير من القوى في موضع المساءلة والمحاسبة. وهنالك الكثير من الأمثلة التي تؤكد ذلك، ومنها:


1-      في بطولة أوروبا لكرة القدم عام 2020 ، أزال رونالدو في مؤتمر صحافي مشروب كوكا كولا (الراعي الرسمي للبطولة) من أمامه للتشجيع على شرب الماء للحفاظ على الصحة. مما أدى إلى انخفاض قيمة أسهم الشركة وتعرضها لخسائر بلغت نحو 4 مليارات دولار.

2-      تعرضت أسهم نادي مانشستر يونايتد في البورصة إلى خسائر مالية نتيجة التصريحات الناقدة بشدة لأدارة النادي من قبل كريستيانو رونالدو في تشرين الثاني 2022، ناهيك عن اهتزاز صورة وسمعة النادي مما أدى إلى تصريح مالكين النادي عن وضع فكرة بيع النادي ضمن أولوياتهم.

3-      ارتفاع قيمة أسهم نادي مانشستر يونايتد في البورصة بما يقارب 212 مليون جنية استرليني بمجرد الأعلان عن التعاقد مع كريستيانو رونالدو في آب 2021

4-      لقد اختيرت جزيرة ماديرا مسقط رأس كريستانو رونالد باعتبارها "أفضل جزيرة في أوروبا" بين عامي 2013 _2021 (باستثناء عام 2015) ، بالإضافة إلى "أفضل جزيرة كوجهة سياحية في العالم" في الفترة 2015 _2021. وذلك نتيجة التأثير الإيجابي لشهرة الاعب البرتغالي على السياحة. حيث ويتضح أن الفترة الزمنية التي حصلت فيها ماديرا على هذه الجوائز تتزامن مع زيادة كبيرة في عدد متابعي CR7 على شبكات سائل التواصل الاجتماعي.

5-      الحسابات الشخصية لكرستاينو رونالدو هي أكثر الحسابات تأثيراً ومتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات المؤسسات والحكومات أو القيادات السياسية أو حسابات الشركات والمنظمات الخاصة. فمثلاً، مع نهاية تشرين الثاني من العام 2022، تخطى عدد متابعي كريستيانو رونالدو عن نصف مليار نسمة على منصة الانستغرام فقط.


انطلاقاً من ذلك، ووفقاً لإستراتيجية واضحة المعالم، يمكن أن تتعاون الدول والأمم المتحدة وكافة المؤسسات والمنظمات المعنية بالحوكمة المستدامة مع كريستيانو رونالدو، وجميع الأفراد الأخرين المؤثرين، وذلك عن طريق استغلال تاثيرهم ونفوذهم على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل الوصول إلى المزيد من الحوكمة المستدامة الأكثر فعالية. بما في ذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 (SDGs) التي تشمل تحقيق السلام والعدل وبناء المؤسسات القوية، مكافحة التغير المناخي والقضاء على الفقر، الحد من أوجه عدم المساواة،...الخ.


وفي هذا السياق، يبدو أن أكثر ما تخشاه قوى الفساد والاحتكار حالياً هو مواجهة ذلك النسق من المعايير الجديدة التي تتجاوز رتابة وعدم فعالية المعايير السياسية التقليدية. فإذا كانت القوى السياسية غير قادرة أو عاجزة بقصد في مواجهة نفوذ تلك القوى، يمكن للأفراد، كمستهلكين وكمستثمرين وكمواطنين، فعل ذلك وعلى نحو عملي وأكثر إيجابية، مقارنة بما تستطيع السلطات السياسية فعله أو ربما عدم رغبتها في فعله. ولأن شبكات التواصل الاجتماعي باتت تشكل إحد أهم مميزات العصر الحالي على صعيد التأثير والضغط العابر للحدود، فهذا يؤكد على أهمية الاستفاده من دور الأفراد المؤثرين على مستوى إمكانية تحقيق الحوكمة المستدامة بكافة تجلياتها. إذ أن تأثير هؤلاء الأفراد سيكون حتماً في المستقبل جزءاً مهماً من المشهد الثقافي والسياسي والاقتصادي العالمي.


وبالتالي، وفي إطار التحولات الجذرية الحاصلة على مستوى  المعايير وأكثر الأساليب السياسية تأثيراً، وفي مقدمتها سيطرة أيدلوجية الأعلام والشهرة، يجب عدم الاكتفاء باستخدام المصادر التقليدية للحصول على النفوذ والتأثير. فهنالك المصادر الناعمة -إذا جاز التعبير- التي بات لها قدرة كبيرة على التوجيه والتأثير. وربما تكون هنا كرة القدم من أكثر المجالات الناعمة قدرة على صناعة التأثير على المستوى العالمي.


على نور ما تقدم، وانطلاقاً مما تحمله كرة القدم من إرث ثقافي شديد التعقيد على صعيد اتساع الترابط بين كرة القدم والقضايا السياسية والثقافية المعيارية وارتفاع وتيرة وحدة التحديات الجيوسياسية بين الدول، لا بد من طرح كثير من علامات الاستفهام حول إن كان هنالك ما يمكن تسميته ”الرياضة البحتة” البعيدة عن أي هيمنة أيدولوجية، بما في ذلك محاولة ترويج أجندة ثقافية وسياسية بل ومحاولة فرضها على كافة المجتمعات. وهذا فعلاً ما يمكن استنتاجه بكل سهولة من خلال تتبع جنيع  الإشكاليات الثقافية والسياسية التي رافقت استضافة قطر لكأس العالم في تشرين الثاني| نوفمبر 2022 .


الخلاصة أن التنافس الجيوسياسي القائم حول كرة القدم سيظل قائماً لاعتبارات كثيرة وثيقة الصلة ببنية النظام العالمي الراهن، ومحاولة الغرب عموماً إثبات مكانته. وبالتالي، وفي خضم صيرورة الشكوك الديمغرافية والاقتصادية والثقافية التي باتت تحيط بكثير من معالم النظام العالمي التي لن تقف عند التخوم السياسية وحسب، بل ستصل حتماً إلى عالم الرياضة، وعلى وجه التحديد في كرة القدم. وهنا لا بد من التساؤل:

  ما مدى إمكانية حصول حوكمة مستدامة على الصعيد الرياضي العالمي وتحييده عن التاثيرات السياسية؟

إلى إي مدى يمكن أن يتحمل الأفراد المؤثرون المسؤولية الأخلاقية ويتبنوا أفكار الحوكمة المستدامة، بدلاً من الاندماج في منظومة استثمارية وتسويقية عالمية لا غاية لها سوى تحقيق الأرباح المالية ونشر ثقافة الاستهلاك وتشيء الأشياء؟




2022-11-28

IV Xuntanza do Club de Masculinidades Disidentes: Os Desacougos da Masculinidade


 

     :IV Xuntanza do Club de Masculinidades Disidentes Os Desacougos da Masculinidade

  

Da Facultade de Ciencias da Comunicación\ Universidad Santiag de Compostela. Spain, 14 de novembro de 2022.

2022-08-30

International Relations And Problematic of Artificial Intelligence And Biotechnology Revolution

 


Dr. Salam Al Rabadi

       It goes without saying that artificial intelligence and the biotechnological revolution will have very serious radical political and ethical impacts in all economic, security, legal, cultural and environmental sectors. However, what is striking now is the academic neglect (to some extent) and the complete absence of political will (local or global), capable of adopting theoretical and practical approaches on how to deal with these fateful developments. In practice, algorithms have already begun to be relied on in many fields to the point of questioning whether there is still any importance to human existence, not to mention concerns about the ability of biotechnology to manipulate human nature. 

        These issues inevitably raise many strategic problematic at the political level, in addition to the ethical question marks they raise, which are related to the future of human nature itself. Especially with the complex challenges resulting from the overlap between: artificial intelligence, emotional computing, and the biotech revolution

These problematic and question marks can be expressed by asking the following questions: 

1-        What are the ethical and political strategies that AI algorithms and the biotech revolution are supposed to stick to? How concerned is the possibility that the weapons of mathematics could be used to achieve dirty political ends

2-       To what extent can proactive laws be put in place that are capable of limiting and confronting these repercussions? Why this global slowdown in setting strict standards for controlling these developments? Does that future reality require the creation of a global moral constitution along the lines of the Universal Declaration of Human Rights

3-       Is there a moral, political and philosophical vision at the level of international relations capable of approaching these strategic challenges? 

We must acknowledge the fact that the challenges of artificial intelligence and the biotechnological revolution, with their political, cultural, and security implications, are rarely studied strategically. Unfortunately, the efforts made in this context are still very modest and regrettable, especially at the level of philosophical and political thought. Where, we cannot comprehend this approach that addresses these challenges as if it were a technical issue unrelated to political standards. Thus, a stereotypical and technocratic view alone cannot address the challenges of artificial intelligence and the biotech revolution.

Accordingly, there is an urgent need to reconsider this reality according to a critical approach based on an ethical, cultural, political and security vision, which can be framed based on the following problematics: 

1-            Problematic of cyber security and space wars.

2-             Problematic of algorithmic bias and societal security.

3-            Problematic of criteria for the concept of algorithmic justice and cultural dilemmas.

4-            Problematic of emotional computing and the automation of human nature.

5-            Problematic of technical solutions (modelling) for climate change.

6-            Problematic of geological wars and future climate engineering (climate weapons).

7-            Problematic of the ethical and political of biotechnology (Biotechnical Revolution).

8-            Problematic of governance, accountability and control related to technology.

9-            Problematic of the aura of objectivity that today's culture confers on algorithms and science. 

     For example, it has been widely believed that trusting Mathematically Models will remove human bias, but in practice algorithms replace humans and practice their own biases and are opaque about how they work, which is called "Algorithmic Bias", to the point of increasing focus on the use of the concept of algorithmic justice, on the basis of it being considered one of the most fundamental issues of our time that must be given top priority, to the point of calling for the destruction of the so-called weapons of mathematics. 

      It therefore appears that technologies associated with artificial intelligence, affective computing, and biobiology will relentlessly and fundamentally change the way politics is thought of. International relations will face the most important controversies regarding how technologies change the reality of politics, society, and even human nature. So, if the contemporary political debate related to the problematic of governance and influence revolves around the nature of the relationship between the state, markets and civil society, but in the future all political debates will focus on the problematic relationship between politics and science. It is the relationship that can be expressed through the following question: 

To what extent should societies be directed and controlled by artificial intelligence and the biotech revolution? And on what terms? 

     In this context, if the answer to every scientific question inevitably leads to new questions, there is usually something that needs to be explained outside the usual rules. Despite the complexities that will face the problematic of the relationship between science and politics, but the dialectic of the impact of science on human nature will remain the most problematic issue. Accordingly, the question may be asked: 

What if normal biological human evolution was no longer absolutely necessary?

      Inevitably, there are many question marks regarding the fears and doubts surrounding developments of artificial intelligence and biotechnologies. The development of robots and future nanotechnologies will result in systems that are more accurate and complex than those in nature, which will change human nature, in which it seems that there is no longer anything biological in it. Among those developments are, for example: 

1-       Nanobots for medical diagnostics.

2-       Biometric robots for emotions and behaviors.

3-       Robots that track the movements and behavior of individuals.

4-       Biosensing robots and intrusive computing.

5-       Molecular robots containing deadly chemical and biological compounds.

6-       Robots to modify DNA genes in humans and other living organisms...etc. 

     Accordingly, one of the future issues that will arise in the field of humanities is the problematic of the nature of the human relationship with artificial intelligence and the possibility of its superiority over it. Not to mention the many controversies between humanities, biologists and neuroscientists about whether there is a similar method for achieving cultural evolution through what can be called cultural inheritance between generations, as is the case for biological evolution. This reality will lead to several questions in international relations about technological determinism: 

1-       Should technologies be allowed to develop regardless of the potential consequences for societies and human nature?

2-       What are the cultural and ethical values ​​that artificial intelligence and the biotechnical revolution are supposed to adhere to? Who will decide that? 

     On the cultural front, it is clear that technological development has allowed humans to escape from natural stresses, as a result of transferring (or dispensing with) behaviors through the use of artificial intelligence, the biotechnical revolution and neuroscience. As this has increased the chances of escaping completely from natural selection, and this reveals to us the reality of the new pattern of human evolution, which is no longer biological. Based on this, the question can be asked: 

1-       Are there new patterns of selection since robots and biological behaviors control the fate of humanity more than genes?

2-       How can these patterns be approached theoretically and practically at the moral and political level? 

     Based on these future questions, it is necessary to rethink all these problematics in order to find a philosophical and political vision capable of confronting and controlling them. The future will be under the control of some technologies and those who control them, and their algorithms will solve vital questions of economics, politics, security, medicine and culture. Consequently, with scientific considerations intertwined with commercial interests, it became necessary on a political and moral level for states to intervene. It cannot be decided by scientific and technocratic institutions alone, but political institutions must have the power to assess and legalize the legality and limits of biotechnological discoveries and artificial intelligence inventions. 

     Accordingly, if there is a belief that the current and future scientific development cannot be controlled, and that no country can do so, because inventions and discoveries can be developed away from the control of countries or in countries that do not have legislative and cultural obstacles. But this pessimistic belief must be reconsidered, as there are a number of unethical technologies that have been put under political scrutiny on a global level, and the experience of trying to prevent the spread of weapons of mass destruction or placing strict controls on human cloning experiments may be the best proof of this. 

     Despite this optimism, there is a fact that must be taken into account, which is that intellectual, philosophical and political speculation about everything related to the problematic of the biotechnical revolution and the development of artificial intelligence, may be enough to question the pace of development of science. This requires adopting a modern vision that is concerned with establishing clear and unambiguous laws and treaties with regard to confronting these problematic, especially at the level of international criminal law. 

     For example, the Statute of the International Criminal Court must be amended to suit these risks and challenges as a kind of proactive global security, so that the jurisdiction of the court is expanded to include future crimes that threaten the fate of humanity and related to the following issues: 

-      The biotech revolution.

-      Climate change.

-      Artificial intelligence and emotional computing. 

     It is evident by tracing the context of the development of international relations and international criminal law at the theoretical and practical levels, that they do not keep pace with these new global patterns. The stage in which countries were trying to address these patterns by creating codes of conduct is no longer appropriate and sufficient. Moreover, the moral and philosophical essence of these problematic is more complex than the traditional solutions, especially in terms of contemplating the extent of their seriousness at the level of the essence of human nature itself. 

     So, with the existence of loose and vague political concepts, the need arises to adopt the principle of bearing criminal responsibility explicitly and deterrent, by adopting a global political and legal pattern that harnesses the power of technology to improve human life instead of changing or weakening and dispensing with its biological nature. There is an urgent need for a vision that emphasizes the importance of preserving the biological nature of humans in light of the provocative uncertainty associated with technology. 

In sum, logically it is extremely difficult and even impossible to refute a theory simply because it is unsuitable for testing. Also, if this reasoning may be true at the level of theories related to science and physical laws, but it is inevitably often highly unacceptable in the field of human sciences. Accordingly, there are real and realistic question marks and doubts about whether the natural biological development of humans is no longer necessary at all, as a result of the developments of artificial intelligence and the biotechnical revolution, as it seems that nothing purely biological will remain in human nature. 

     Therefore, it is necessary we have a deep awareness of how to adopt cultural and political approaches capable of dealing with these problematic. As the rulings in the field of political behavior and the associated cultural and intellectual standards are often vague and relative rather than clear and precise standards.

      Thus, regardless of the problem of cultural radicalism associated with the dialectic of science and politics, which sees that the relationship with science is not important at the level of how human nature is approached, the fact that the problematic of the issue of the contradiction between the futures of artificial intelligence and the biotechnical revolution with human nature will inevitably impose itself on the political and ethical arena.

 This intellectual and philosophical pattern requires, at the level of international relations, to ask the following questions: 

1-       Is there an urgent political need to know what are the natural biological conditions for human existence?

2-       Does the reality of technology problematic require research into the nature of politics or the politics of nature?

3-       Do we have to know the culture and ideas of artificial intelligence and biomedicine scientists, before studying political leaders, in order to understand the strategic reality of global politics, international relations and the future of humanity?


2022-08-29

العلاقات الدولية وإشكاليات الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية

 


د. سلام الربضي \ مؤلف وباحث في العلاقات الدولية

من البديهي القول أن الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية سيكون لهما تأثيرات سياسية وأخلاقية جذرية خطيرة للغاية في كافة القطاعات الاقتصادية والأمنية والقانونية والثقافية والبيئية. ولكن من الملفت للانتباه حالياً، أن الاهتمام الأكاديمي بتلك القضايا خاصة على صعيد تبني المقاربات الفلسفية والنظرية لا يزال خجولاً، ناهيك عن االتجاهل والغياب التام للأرادة السياسية (المحلية أو العالمية) القادرة على التعامل مع تلك التطورات المصيرية. ففي الممارسة العملية، بدأت الخوارزميات فعلياً تأخذ مكانة البشر بل وتتلاعب بها، وهذا يثير العديد من الإشكاليات الاستراتيجية حول تداعياتها السياسية، بالإضافة إلى كثير من علامات الاستفهام الأخلاقية المرتبطة بمستقبل وطبيعة الإنسانية بحد ذاتها. وهذه الإشكاليات وعلامات الاستفهام  يمكن التعبير عنها من خلال طرح التساؤلات التالية:

 1- ما هي الاستراتيجيات الأخلاقية والسياسية التي من المفترض أن يلتزم بها الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية؟ ما هو مدى القلق حيال إمكانية استخدام ما يسمى " أسلحة الرياضيات" لتحقيق أهداف سياسية قذرة؟

2- إلى أي مدى يمكن وضع قوانين استباقية قادرة على الحد من تلك التداعيات ومواجهتها؟ ولماذا هذا التباطئ في وضع معايير ضبط صارمة؟ وهل يجب وضع دستور أخلاقي عالمي على غرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟

3-  هل هنالك رؤية أخلاقية وسياسية وفلسفية على صعيد العلاقات الدولية قادرة على مقاربة تلك التحديات الاستراتيجية؟

 يجب علينا الاعتراف بحقيقة أنه نادراً ما تتم دراسة تحديات الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية بمؤشراتها السياسية والثقافية والأمنية بشكل استراتيجي، وللأسف الجهود المبذولة في هذا السياق مؤسفة، حيث هنالك الكثير من المقاربات السطحية في كيفية التعامل مع التكنولوجيا وعلاقتها الجوهرية بالفكر السياسي. إذ لا يمكننا استيعاب هذا النهج الذي يتصدى لهذه التحديات وكأنها قضية تقنية ليست مرتبطة بالمعايير الأخلاقية والسياسية. وبالتالي، فإن الرؤية النمطية والتكنوقراطية للقضايا التقنية غير كافية لمعالجة تلك التحديات. وعليه، هنالك حاجة ماسة لإعادة النظر بهذا الواقع وفقاً لنهج نقدي قائم على رؤية أخلاقية وثقافية وسياسية وأمنية، يمكن تأطيرها بناء على الإشكاليات التالية:

1-  إشكاليات الأمن السيبراني وحروب الفضاء.

2-  إشكاليات التحيز الخوارزمي والأمن المجتمعي.

3-  إشكاليات معايير مفهوم العدالة الخوارزمية والمعضلات الثقافية.

4-  إشكاليات الحوسبة العاطفية وأتممة الطبيعة البشرية.

5-  إشكاليات الحلول التقنية (النمذجة) للتغير المناخي.

6-  إشكاليات الحروب الجيولوجية وهندسة المناخ المستقبلية(أسلحة المناخ).

7-  الإشكاليات الأخلاقية والسياسية للتكنولوجيا الحيوية(الثورة البيوتقنية).

8-  إشكاليات امكانية الحوكمة والمساءلة والضبط المرتبطة بالكنولوجيا.

9- إشكاليات هالة الموضوعية التي باتت تضفيها ثقافة اليوم على الخوارزميات والعلم.

على سبيل المثال، إذ كان الاعتقاد السائد بأن الثقة بالنماذج الرياضية Mathematically Models ستزيل التحيز البشري، لكن من الناحية العملية تحل الخوارزميات محل البشر وتمارس تحيزاتها الخاصة وهي غير شفافة فيما يتعلق بكيفية عملها وهو ما بات يسمى بالتحيز الخوارزمي Algorithmic Bias إلى درجة زيادة التركيز بشكل ملفت للانتباه على مبدأ تطبيق ونشر مفهوم العدالة الخوارزمية Algorithmic Justice كقضية أساسية في وقتنا الحالي، إلى حد وصل الأمر بالمطالبة بتدمير ما يسمى أسلحة الرياضيات.

وبالتالي يبدو إن التقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والحوسبة العاطفية والبيولوجيا الحيوية، ستغير بشكل جوهري الطريقة التي يتم التفكير بها في السياسة. إذ ستواجه العلاقات الدولية أهم الجدليات المتعلقة بكيفية تغيير التقنيات واقع السياسة بل والطبيعة الإنسانية. فالجدل السياسي المعاصر فيما يتعلق بإشكاليات الحكم والسيطرة يدور حول العلاقة بين الدولة والسوق، ولكن في المستقبل ستكون مجمل الجدليات منصبه حول إشكاليات العلاقة بين السياسة والعلم والتي يمكن التعبير عنها من خلال التساؤل التالي:

إلى أي مدى يجب توجيه المجتمعات والتحكم فيها بواسطة الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية؟ وبأي شروط؟

في هذا السياق، إذا كان جواب كل سؤال علمي حتماً سيؤدي إلى أسئلة جديدة، بحيث يبقى في العادة شيء يحتاج إلى تفسير خارج القواعد المألوفة. فعلى الرغم من التعقيدات التي سوف تواجه إشكاليات العلاقة بين العلم والسياسية، ولكن ستبقى جدلية تأثير العلم على الطبيعة البشرية أكثر القضايا أشكلة. وبناء على ذلك يحق التساؤل:

ماذا لو أن التطور الإنساني البيولوجي الطبيعي لم يعد ضرورياً بالمطلق؟

لاَ مَحَالَةَ هنالك الكثير من المخاوف والشكوك المحيطة بالتطورات على مستوى الذكاء الاصطناعي والتقانات البيولوجية. فمثلاً، سينجم عن تطور الروبوتات والتقانات النانوية المستقبلية منظومات أدق وأعقد من تلك الموجودة في الطبيعة والتي ستغير الطبيعة البشرية، والتي لم يعد فيها شيء بيولوجي، ومنها على سبيل المثال:

1-  روبوتات النانو للتشخيصات الطبية.

2-  روبوتات القياسات الحيوية للعواطف والسلوكيات.

3-  روبوتات تعقب حركات الأفراد وسلوكهم.

4-  روبوتاتت الاستشعار الحيوي والحوسبة المتطفلة.

5- روبوتات الجسيمات التي تحتوي على مركّبات كيميائية وبيولوجية مميتة.

6- روبوتات تعديل جينات الحمض النووي في الإنسان والكائنات الحية الأخرى...الخ.

 وبناء على ذلك، من القضايا المستقبلية التي سوف تبرز على صعيد العلوم الإنسانية هي إشكالية طبيعة علاقة الإنسان مع الذكاء الاصطناعي وإمكانية تفوقه عليه. فمثلاً، كثير من الجدليات بين علماء العلوم الإنسانية وعلماء البيولوجيا والأعصاب ستتمحور حول فيما إذا كان هناك أسلوب مشابه لتحقيق التطور الثقافي بنوع من الوراثة كما هو حال التطور البيولوجي. وحتماً هذا الواقع سيؤدي إلى طرح عدة تساؤلات حول الحتمية التكنولوجية، ومنها:

1- هل يجب السماح للتكنولوجيات بالتطور بغض النظر عن العواقب المحتملة على المجتمعات والطبيعة الإنسانية؟

2- ما هي القيم الثقافية  والأخلاقية المفترض على الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية الالتزام بها؟ من سيقرر ذلك؟

 فعلى الصعيد الثقافي، من الواضح أن التطور التكنولوجي قد أتاح للبشر التخلص من الضغوط الطبيعية، وذلك نتيجة نقله السلوكيات (أو الاستغناء عنها) من خلال الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية وعلم الأعصاب، حيث زاد في فرص الإفلات تماماً من الانتقاء الطبيعي أو البيولوجي، وفي ذلك إثبات لحالة تكشف عن النسق الجديد للتطور البشري، الذي لم يعد بيولوجياً. وانطلاقاً من ذلك يمكن التساؤل:

1-  هل هنالك أنساق انتقاء جديدة بما أن الروبوتات والسلوكيات الحيوية باتت تتحكم بمصير البشرية أكثر من الجينات؟

2- كيف يمكن مقاربة هذه الأنساق نظريأ وعملياً على المستوى الأخلاقي والسياسي؟

انطلاقاً من هذه التساؤلات، يجب إيجاد رؤية سياسية قادرة على المواجهة، فالمستقبل سيكون تحت سيطرة بعض التكنولوجيات وأولئك الذين يتحكمون بها، وسوف تحل خوارزمياتهم المسائل المصيرية المتعلقة بالاقتصاد والسياسة والأمن والطب والثقافة. وبالتالي، مع تشابك الاعتبارات العلمية مع المصالح التجارية أصبح من اللزوم على المستوى السياسي والأخلاقي تدخل الدول. إذ لا يمكن للمؤسسات العلمية والتكنوقراطية البت بها وحدها، بل يجب أن تمتلك المؤسسات السياسية سلطة تقييم وتقنين مشروعية وحدود الاكتشافات البيوتقنية واختراعات الذكاء الاصطناعي.

 وفي هذا السياق، يجب إعادة النظر بالاعتقاد المتشائم حول عدم القدرة على ضبط التطور العلمي، وأنه ليس بإمكان أية دولة فعل ذلك، لانه يمكن تطوير الاختراعات والاكتشافات بعيداً عن مراقبة الدول أو في دول لا يوجد بها موانع تشريعية وثقافية. حيث هنالك عدد من التكنولوجيات الخطيرة التي تم وضعها تحت الرقابة السياسية العالمية، وقد تكون تجربة محاولة منع انتشار أسلحة الدمار شامل أو وضع الضوابط الصارمة على القيام بتجارب الاستنساخ البشري، أفضل دليل على ذلك.

وعلى الرغم من هذا التفاؤل، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار، إن التكهنات الفكرية والفلسفية والسياسية حول كل ما يتعلق بإشكاليات الثورة البيوتقنية وتطور الذكاء الاصطناعي، قد تكون كافياً للتشكيك في نسق تطور العلم. وهذا يتطلب تبني رؤية حديثة تهتم بوضع قوانين ومعاهدات واضحة لا لبس فيها بما يتعلق بمواجهة تلك الإشكاليات، خاصة على مستوى القانون الجنائي الدولي. فعلى سبيل المثال يجب تعديل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بما يتلائم مع مواجهة تلك المخاطر والتحديات كنوع من الأمن العالمي الاستباقي، بحيث يتم توسيع نطاق اختصاص المحكمة لتشمل الجرائم المستقبلية التي تهدد مصير البشرية والمتعلقة بالقضايا التالية:

1-   الثورة البيوتقنية.

2-   التغير المناخي.

3-  الذكاء الاصطناعي والحوسبة العاطفية.

إذ يتضح من خلال تتبع سياق تطور العلاقات الدولية والقانون الجنائي الدولي على المستوى النظري والعملي، عدم مواكبتهما لتلك الأنساق العالمية الجديدة بشكل مناسب. فالمرحلة التي كانت الدول فيها تحاول معالجة تلك الأنساق عبر إنشاء مدونات سلوك لم تعد ملائمة وكافية. كما أن الجوهر الأخلاقي والفلسفي لتلك الإشكاليات أعقد من الحلول التقليدية، خاصة على صعيد إمكانية التلاعب بجوهر الطبيعة البشرية. فمع وجود مفاهيم سياسية فضفاضة ومبهمة، تبرز الحاجة إلى اعتماد مبدأ تحمل المسؤولية الجزائية بشكل صريح ورادع، وذلك من خلال تبني نسق سياسي وقانوني عالمي يعمل على تسخير قوة التكنولوجيا لتحسين حياة البشرية بدلاً من تغير طبيعتها البيولوجية أو الاستغناء عنها. إذ هنالك حاجة ماسة لوجود رؤية قانونية تؤكد أهمية الحفاظ على الطبيعة البيولوجية للإنسان في ظل حالة عدم اليقين الاستفزازية المرتبطة بالتكنولوجيا والسياسة.

 خلاصة القول، منطقياً من الصعب للغاية بل من المستحيل دحض نظرية لمجرد أنها غير مناسبة للاختبار، وإذا كان ذلك قد يكون صحيحاً على مستوى النظريات المرتبطة بالعلوم والقوانين الفيزيائية، ولكنه حتماً ما يكون غير مقبول إلى حد كبير في مجال العلوم الإنسانية. وبناء على ذلك، هنالك شكوك حقيقية وواقعية حول فيما لو لم يعد التطور البيولوجي الطبيعي للإنسان ضرورياً على الإطلاق، نتيجة تطورات الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية، حيث يبدو أنهُ لم ولن يبقَ شيء بيولوجي صرف.

وبالتالي من الضروري وجود وعي عميق على صعيد كيفية تبني مقاربات ثقافية وسياسية، إذ أن الأحكام في مجال السلوك السياسي وما يرتبط بها من معايير ثقافية وفكرية غالباً ما تكون غامضة ونسبية، بدلاً من أن تكون معايير واضحة ودقيقة. وبغض النظر عن إشكالية النزعة الراديكالية الثقافية المرتبطة بجدلية ثنائية العلم والسياسية، والتي ترى أن العلاقة بالعلم غير مهمة على مستوى كيفية مقاربة الطبيعة البشرية، يجب الاعتراف بحقيقة أن نسق إشكالية مسألة التضاد بين مستقبليات الذكاء الاصطناعي والثورة البيوتقنية مع الطبيعة البشرية سوف تفرض نفسها على الساحة السياسية والأخلاقية لا محالة. وهذا النسق الفكري والفلسفي يستوجب على مستوى العلاقات الدولية طرح التساؤلات التالية:

1- هل هنالك حاجة سياسية ماسة إلى معرفة ما هي الشروط الطبيعية للوجود الإنساني؟

2-  هل باتت الإنسانية بحاجة إلى البحث في طبيعة السياسة أم سياسة الطبيعة؟

3- هل بات يجب علينا معرفة ثقافة وأفكار علماء الذكاء الاصطناعي والطب الحيوي قبل دراسة القيادات السياسية، لفهم الواقع الاستراتيجي للسياسة العالمية ومستقبل الإنسانية؟


For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com