النفوذ العالمي للشركات عبر الوطنية وواقع ضبطه

ملخص 

رسالة درجة الماجستير في العلاقات الدولية والاقتصادية

2009  

   

إعداد

سلام الربضي

  لجنة المناقشة

الدكتور محمد المجذوب رئيساً

الدكتور جورج حجار مشرفاً

الدكتور فوزت فرحات مشرفاً

                                  الدكتور سناء حمودي عضواً

إذا استطعنا التخلص من المبادئ الميتافيزيقية والعامة التي تستند إليها من وقت لآخر سياسة الحرية الاقتصادية القائمة على حرية الأفراد والمؤسسات في فعاليتهم الاقتصادية الليبرالية، وإذا تجاوزنا النظرة إلى الاقتصاد العالمي من منظار المناضلين المعادين لليبرالية وأوهام الشيوعيين بشأن المجتمع بدون طبقات فإننا نفتح أمامنا مجالاً واسعاً لطرح جملة من التساؤلات قد لا يكون من الممكن الإجابة عنها بوضوح، لكنها تساؤلات تستحق أن تؤخذ من تفكيرنا الحيز الضروري لكي نخلص من ذلك إلى استنتاجات حان وقت الوصول اليها والاستفادة منها.

 أولى هذه التساؤلات إشكالية الأرقام والمعطيات التي تضلل أحياناً عند دراسة نشاط الشركات عبر الوطنية:

فكثير من الدراسات التي تتعلق بنشاط الشركات تحاول الربط بينها وبين أرقام ومعطيات عن الثروة، توزيع الدخل،الفقر،الجوع،ومقارنة دخول الشركات مع إمكانيات الدول والناتج الإجمالي لها. وهنا يجوز التساؤل عن المعيار العلمي والمنهجي الذي على أساسه يتم الربط فيما بينهما من خلال منهجية الاعتماد على المقارنة الإحصائية الظاهرية والصورية بلا تدبّر في المقدمات والحيثيات والدلالات العلمية والمنطقية؟ وابتعاداً عن التحليل النظري والاقتراب من الأمثلة الواقعية، هل هذا الربط يعني أن الشركات هي التي تتحمل مسؤولية كل ما يحدث في ظل العولمة من فقر وجوع وبطالة وخلل في توزيع الثروات؟ وهل يمكن القول إن لعبة الأرقام وربطها بمعطيات_التي تصب في اتجاه معين_ تعبّر عن مواقف مسبقة ذات أبعاد أيديولوجية؟ فإذا، منهجياً، من الواجب والضرورة العلمية التساؤل عن موضوعية هذا الربط؟

ومن التساؤلات التي تطرح أيضاً: إشكالية العلاقة بين الشركات عبر الوطنية والدولة؟

العلاقة التي على ضوئها يتم تحديد مدى تزايد نفوذ الشركات وسيطرتها أو مدى تراجع سيطرة وسيادة الدولة؟ وإمكانية تحديد الحد الفاصل بين مصالح الشركات ومصالح الدول؟ وهل العلاقة بين الشركات والدول تعبّر عن اضمحلال سيادة الدول أم تغيّر في وظائفها؟ وهل استرتيجية الشركات قائمة على تجاوز الدول أم إنها ستبقى قومية المرتكز وهل الواقع العالمي المعاصر يعبر عن استرتيجيات دول أم سيطرة شركات؟ وفي انتظار الأنعكاسات السياسية للأزمة المالية العالمية2008 يطرح التساءل التالي: هل عدنا إلى الدولة التدخلية؟؟ وهل تكون فكرة التدخل أصبحت موجودة وحالة ملحة؟ ولكن أساليب التدخل وحدود التدخل فإنها متروكة حسب تداعيات الأزمة وواقعها؟؟؟

والإشكالية الجوهرية التي تطرحها ظاهرة الشركات: هي إشكالية الضبط  سواء على الصعيد القومي أو العالمي؟

فهل الشركات حرة طليقة متفلّتة من كل ضبط؟ أم إن هناك معايير ضبط ما زالت تخضع لها وهل ستنتفع كثيراً من وجود بيئة عالمية خالية من كل معايير الضبط؟ وهل عملية الضبط تكمن في إعادة اكتشاف الحركة الدائمة على مستوى اللعبة الاقتصادية والدينامية الاجتماعية، وبالتالي هل يمكن تحقيق الترويض الاجتماعي لقوى الاقتصاد المعولم؟ وما هي ردود الفعل الاجتماعية والسياسية على ما تم الآن من تشابك اقتصادي عالمي عموده الفقري الشركات عبر الوطنية، وهل هذه الردود تعبر عن واقع الضبط؟

منهجية المعالجة في هذا البحث سوف تكون قائمة على جدلية المجتمع والسلطة 

حيث إن المبدأ العام في هذه العلاقة يرتكز على أن السلطة تنبثق من المجتمع، والمجتمع يتكوّن من مجموعة قوى تتفاعل في ما بينها، فمن الطبيعي أن تعكس هذه السلطة واقع هذا التفاعل. وفي هذا الصدد فإن  الشركات عبر الوطنية هي جزء من المجتمع تتفاعل مع باقي الأجزاء، وهذا التفاعل أو التنافس تعبّر عنه السلطة. ومن هذا المنطلق يمكن إيجاد مقاربة لهذة الظاهرة بواقعية أكبر، عند دراسة العلاقة بين الشركات والدولة من جهة، وإمكانية الضبط والتحكّم من جهة أخرى. فعلى مستوى العلاقة بين الدولة والشركات، فإذا كانت الشركات جزءاً من القوى الفاعلة والمسيطرة داخل المجتمع، وهذا الواقع سوف ينعكس على السلطة بشكل طبيعي، فالسلطة تمثل مصالح مجتمعها، ويمكن التعبير عن هذا الواقع بمقاربتين الأولى: مصالح الدولة الخارجية واستراتيجيتها التي تعكس واقع مجتمعها، فإذا كانت الدولة تعبّر عن مصالح الشركات، فهل نحن أمام تراجع في سيطرة الدولة أم أمام ترابط في المصالح؟ أما المقاربة الثانية، فهي قائمة على طبيعة العلاقة داخل المجتمع وصراع السلطة. وفي هذا الجانب يمكن التساؤل عن القوى الأخرى القادرة على وضع حد لسلطة الشركات وتزايد نفوذها: جدلية السلطة والسلطات المضادة؟

في هذه الدراسة سوف يتم استخدام المنهج العلمي القائم على استخدام المنهج الواقعي عند التحليل، ومنهجي المقارنة والتحليل الكمي عند التعاطي مع الأرقام والمعطيات توخياً للايضاح والمقاربة. أما المصادر المعتمدة في هذه الدراسة فهي متنوعة مع التركيز على التقارير والدراسات الصادرة عن المنظمات الدولية.

الدراسة قائمة على الفصل التمهيدي بالإضافة إلى فصلين: الفصل التمهيدي يركز على العلاقة بين المنظور الكمي والظواهر الإنسانية سواء على صعيد تشخيص الظاهرة أو المقاربة بين استخدام المنهج المثالي والواقع. حيث إن استخدام المنظور الكمي في مقام التعامل مع معظم الظواهر الإنسانية ومنها حقول التاريخ والاجتماع والسياسة والتنمية الإنسانية أمر محفوف بالتحفظات والمحاذير، وذلك على خلاف التقدم المذهل الذي نجم عن استخدام المنظور ذاته على صعيد الظواهر الطبيعة. فالإنسانيات أكثر تعقيداً وأبعد عمقاً من أن تخضع للمعادلات الإحصائية الرقمية بكل جفافها وصرامتها، وهذا ما ينطبق على كيفية مقاربة ظاهرة العولمة بما فيها العلاقة بين الدولة والشركات عبر الوطنية؟ إما الفصل الأول فيتناول نفوذ الشركات عبر الوطنية من خلال التعرف على استراتيجيات الشركات وتوضيح طبيعة العلاقة القائمة بين الشركات والأسواق المالية، وعالم العمل والاستثمار المباشر، ومعرفة أين هي الشركات عبر الوطنية من السياسات الضرائبية والاحتكارية، وتحول القوة الاقتصادية إلى ميزة سياسية غير متساوية, وما هو تأثير الشركات على السياسة والإعلام. والفصل الثاني يتطرق إلى إشكالية واقع الضبط والتحكّم من خلال المؤشرات التي تعبّر عن الإمكانيات الموجودة فعلاً لدى الدول في كافة القطاعات الاقتصادية، ومقاربة دور ونشاط الأمم المتحدة في جعل مواطنة ومسؤولية الشركات عبر الوطنية عالميتين، وفي هذا المنحى إشارة إلى إيجابية المنظمات غير الحكومية التي تمثل القوى العظمى الثانية، والتركيز على عملية التحكّم الاجتماعي من خلال النقابات العمالية وأهمية عصر المساءلة الذي نعيش في كنفه ودور القضاء والرأي العام في إمكانية المراقبة، ودراسة المقاربات والمتغيّرات العالمية وتحليل الظواهر الجديدة في عالمنا المعاصر كظاهرة التسوّق السياسي ومبدأ الاستثمار الاستهلاكي، وصناديق الثروة السيادية والقوة الاقتصادية الصاعدة في الشرق.

إذا كانت التناقضات والتساؤلات وعدم اليقين هي ميزة المسرح العالمي الجديد، فقد عادت إلى الواجهة الطروحات المختلفة حول معنى السيادة ومدى إمكانية الاستمرار في الدفاع عنها في عالم جديد ومعطيات جديدة تمهّد لتجاوز النظام الوستفالي حيث التبديل لم يعد في النظام بل تبديل النظام نفسه؟ وبعيداً عن الاختلافات الفقهية والقانونية وتجاوزاً لمتاهات الفكر السياسي فكل المؤشرات تدل وتكشف أن هناك اختراقاً لمكانة الدولة ووظائفها وهذه الحقيقة تطاول جميع الدول سواء كبيرة أم صغيرة، وتلك القوية أو الضعيفة. ولا يبدو أن الاقتصاد العالمي يقترب من الترابط كما أن ممارسة واستراتيجية الشركات الكبرى تبدو أكثر تعقيداً، وأن التحالفات الاستراتيجية تخلق سوقاً عالمية بالغة التفاوت، وهذا الوضع يتكرر في كثير من القطاعات، وإن كان ثمة وجود لاقتصاد معولم، فإنه وفقاً لجدلية الزمان والمكان يترك خللاً واضحاً ويطرح السؤال التالي: هل نحن في العولمة أو خارجها وهل هذا الاقتصاد منظّم وفقاً لاحتكار القلة أم وفقاً لمقتضيات التنافس؟

تُعبّر الشركات عبر الوطنية عن التعارض التام بين التطور الرأسمالي من ناحية وبين التنظيم السياسي الدولي الذي ما يزال يعطي الدولة القومية مغزى ووظيفة اقتصادية جوهرية، وهذا التناقض في المجال الاقتصادي يترجم في المجال الاجتماعي حيث يمثل اختراقاً فعالاً وفعلياً لهيكلة ونسيج الدولة الاجتماعي. وهذا متوقف على تعددية جنسية الشركات الكبرى أي التعددية الفعلية للمالكين والمديرين من حيث الجنسية في هيكل الشركة، فكلما ظلت الشركة متبلورة حول مُلاّك ومديرين من جنسية واحد تصبح الشركات التابعة تمثل اختراقاً أجنبياً خالصاً ليكون الاختراق الاجتماعي محدوداً للغاية. أما إذا اشترك قطاع كبير من المُلّاك والمديرين المحليين في السيطرة والإدارة في الشركة، فإن ذلك سيشكل اختراقاً هاماً وفعالاً من الناحية الاجتماعية وذلك ببساطة لأن الشركة تمثل إطاراً للولاء وللسياسات التي تتقاطع جذرياً مع بنية الدولة القومية.

مع نمو ظاهرة الشركات عبر الوطنية في البلدان النامية كالهند والصين فإن استراتيجية الشركات ترتكز على أبعاد سياسية، حيث إن النمو السريع في الصين والهند يثير قلق تلك الدول بشأن نفاذ الموارد والمدخلات الأساسية لاستمرارية التوسع الاقتصادي. فاستراتيجية الشركات في الدول النامية جراء الاستثمار الأجنبي المباشر تتمركز إلى حد ما في قطاع الموارد الأولية واستراتيجية تلك الشركات لا تخرج عن الأهداف الاستراتيجية التي تسندها حكومات الموطن إلى الشركات عبر الوطنية خاصة المملوكة من الدولة حيث تعمل الحكومات على تشجيع الشركات على تأمين مدخلات حيوية مثل الموارد الخام للأقتصاد والموطن, فأستراتيجية الشركات الهندية والصينية في الخارج تتجه نحو البلدان الغنية بالموارد ولاسيما النفط والغاز اكثر من الاستثمار في اطار استراتيجية أستهداف الزبائن.

المتغيرات العالمية في الأسواق المالية تنعكس على طبيعة العلاقة بين الدولة وقوى السوق. وكثير من التساؤلات تطرح حول دور الدولة ووظائفها أثناء الأزمات المالية؟ ولكن عكس التيار الذي يحاول إظهار عدم قدرة وتآكل سيادة الدولة. أمام هذه المتغيّرات لا بد من طرح التساؤل الآتي: هل الدول بريئة مما يحدث؟ وهل هي الضحية كما يتم تصويرها في الكثير من الأحيان؟ وما هو الحد الفاصل بين مصالح الحكومات ومصالح الشركات على صعيد عمليات الإنقاذ التي تتم عند التعرّض للأزمات المالية؟ إن النظام المالي يعتبر من أكثر ميادين الخلاف نتيجة هذا التحول الكبير من جهة، وبروز تيارات فكرية ترى أنه قد تم الانتقال من النظام العالمي الذي تقوده الحكومات إلى النظام العالمي الذي تقوده الأسواق.

إن التفاوت في توزيع الثروة في تفاقم مستمر، فالأمر الواضح هو أن ثمة تحوّلات جذرية باتت تنشر ظلالها على الحياة الاجتماعية. وفي الوقت الذي ترتفع فيه دخول الشركات وأصحاب الثروة بمعدلات تفوق معدلات نمو الناتج القومي الإجمالي بكثير، بقيت دخول العاملين بأجر عند مستوى متدنٍ مقارنة بدخول الشركات، أي إن النمو الاقتصادي لم يعد يترك أي أثر يذكر على نمو دخول العمال مقارنة مع الشركات وأصحاب الثروات. ومن البديهي أن تؤدي الهوّة بين دخول أصحاب المشاريع ومُلاّك الثروة من ناحية ودخول العمال من ناحية أخرى إلى تزايد الشكوك حول سلامة المجتمع ووحدته. والكثير من الافكار والنظريات تعتبر أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتمثلة بالشركات عبر الوطنية هي من سلبت خيرات وإمكانيات الدول النامية وأنها تبحث فقط عن مصالحها الخاصة، وجعلت الدول النامية أكثر تبعية لها. لكن في هذا السياق لا بد من التساؤل عن بعض التطورات الحاصلة في هذا الإطار: هل كان بإمكان الصين وهي الدولة العملاقة تحقيق ما حققته في المجال الاقتصادي دون هذه الاستثمارات؟ وما هي حال الهند أيضاً، وماذا يمكن القول عن كوريا الجنوبية وسنغافورة وتشيكيا وإيرالندا ؟

فصل من فصول العولمة يدور حالياً في أفريقيا ويكتب هذا الفصل الصينيون المتواجدون في مختلف أنحاء أفريقيا. والاستثمارات الصينية وسّعت نطاق أعمالها في أفريقيا وتسللت إلى حياة القارة الأفريقية اليومية. والاستثمارات الصينية في القاره السمراء تعبّر عن بعد نظر الدولة الصينية وعن تحقيق أهداف بعيدة المدى. التساؤل مشروع حول الاستثمارات التي تقوم بها الشركات عبر الوطنية من الدول النامية، هل هذه الاستثمارات تدخل في إطار التعاون وتبادل المصالح أم تدخل في إطار السيطرة والاستغلال؟ ولماذا في حال شرّعت الدول النامية أسواقها أمام الشركات الأوروبية أو الأمريكية يعتير ذلك نوعاً من الاستعمار، وفي حال شرّعت الدول النامية أبوابها أمام الشركات الهندية والصينية والآسيوية يصبح ذلك نوعاً من التعاون والتكامل؟؟ 

 أمام تلك التيارات الجارفة الحاملة عناوين حرية التجارة الدولية يوجد سياسة حمائية واضحة مما يخلق تضارباً في السياسات والمصالح وهو ما يلحق الضرر بمختلف الدول سواء كانت غنية أو فقيرة، ويطرح علامات استفهام حول حرية التجارة الدولية. وهذه السياسة لها آثارها على الدول الغنية والفقيرة، إلا أن تأثيرها يكون وقعه أكثر على الدول الفقيرة حيث هامش التحرك أمامها ضئيل مقارنة بالدول الغنية خاصة فيما يتعلق بالصادرات الزراعية والمنسوجات القادمة من الدول الفقيرة. إذ إن الموضوع بالمطلق يطرح تساؤل التناقض بين مبدأ حرية التجارة والسياسة الحمائية. ومن خلال محاكاة الواقع العالمي المعاصر نجد أنه أصبح زاخراً بكثير من التطورات وعلى كافة المستويات، الأمر الذي يلزمنا التوقف عند بعض المعطيات التي يمكن التعبير عنها بالسؤال الآتي:

                       هل ما زالت الدولة وحدها قادرة على تحديد العلاقات الدولية؟   

قبل الإجابة على هذا التساؤل لا بد لنا أن نتساءل فيما إذا كان قد تم السير في اتجاه هذا النسق الدولي القائم على تخصيص الأمن لمصلحة الشركات الخاصة؟ أو في حال تم تبني مقترحات الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي الداعي لربط مسألة التصويت لأعضاء الأمم المتحدة بمقدار مساهمتها في تمويل أنشطة المنظمة، الأمر الذي يطرح في المستقبل إمكانية احتلال مقاعد من قبل منظمات ومؤسسات وشخصيات معنوية لديها قدرة مالية كبيرة؟

من الخطأ أن نرد الأزمة الراهنة لمفهوم السيادة إلى النفوذ العالمي للشركات عبر الوطنية وحدها، فالعولمة الإعلامية تلعب هي الأخرى دوراً لا يقل فاعلية، إضافة إلى رابطات حقوق الإنسان وحماية البيئة والمنظمات غير الحكومية وجلها مناهض للشركات عبر الوطنية، والتي لا تقيد نفسها في نشاطها بمفهوم السيادة، ولا بد من الاعتراف بأن حصانة الدولة وسيادتها المطلقة قد سقطت ولم تعد هناك حدود غير قابلة للاختراق لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا إعلامياً ولا ثقافياً ولا حتى أمنياً؟ ونظرية تآكل دور الدولة وانحسارها أمام نفوذ الشركات قابلة للنقاش، كما أن الانتقال من عصر الدول إلى عصر السوق يطرح علامات استفهام على ضوء المقاربات والمتغيّرات العالمية الجديدة. فالدولة ما تزال الحجر الأساسي الذي يرتكز عليه أي نظام سواء كان سياسياً أم اقتصادياً أم قانونياً. ولم يعد مجدياً النظر للاقتصاد من باب الزيادة الرقمية للإنتاج القومي أو الدخل الفردي فحسب، بل لا بد من بناء أساس مادي علمي وتقاني جديد قرين فكر وثقافة جديدين، ودعامة هذا الأساس تكون قائمة على الاستثمار في رأس مال القدرة البشرية بدلاً من رأس المال البشري كهدف وأساس للتنمية والتطوير.

التعامل مع الشركات من معيار أيدولوجي قائم على امبرياليتها الاقتصادية والسياسية لم يعد يواكب التطورات الاقتصادية العالمية، فها هي شركات الدول النامية تزداد قوة، وظاهرة صناديق الثروة السيادية التي تملكها دول تجعل من إشكالية تحديد المعيار الموضوعي للفصل بين مصالح الدول واستراتيجيتها ونفوذ الشركات معقدة. وظاهرة الصناديق السيادية تعكس واقع ودور الدول الموسَّع التي تؤديه في الأسواق المالية والاقتصاد العالمي. وإن استمرار تصدير صافي رأس المال من البلدان النامية إلى البلدان المتقدمة الغنية برؤوس الأموال يؤدي إلى إثارة الشكوك حول مدى صلاحية نظرية التنمية التقليدية في السياق العالمي الجديد، مما يشير إلى ضرورة إعادة التفكير في أهم الافتراضيات فيما يتصل بالسياسات البديلة ومسارات اللحاق بالركب والتدفقات الرأسمالية والاستثمار.

 لقد بات واضحاً أن الدول تتجه بوتيرة متزايدة نحو المزيد من التدخل ولا سيما في بعض القطاعات كالغاز والبترول ووسائط الإعلام والنقل الجوي. وإن لعبة السلطات المضادة بصورة أو بأخرى، بشكل سلس أو بصدمات متتالية ستفرض نفسها في النهاية، وإن واقع السوق الذي تعمل الشركات عبر الوطنية في ظله والذي تستمد النفوذ منه يستدعي أدوات وآليات للضبط والتحكّم، وهذا هو ما يحصل على أرض الواقع. إذ توجد سلطات مضادة وهي في طور التبرعم وهذه السلطات المضادة تفرض نفسها رويداً رويداً في ظل فلسفة جديدة تطغى على المستويين المحلي والعالمي. إذ في ظل هذا النظام المتبلور والقائم على حيوية القضاء والرأي العام لا بد من وجود سلطات تأخذ على حين غرة وبصورة قوية على عاتقها مواجهة الشركات عبر الوطنية وتكون القلب النابض والدينامو المحرّك لنشاط الثلاثية الجديدة. والمنظمات غير الحكومية تعبّر عن واقعية النموذج الجديد الذي يتشكل ويعمل على الضبط والمراقبة لكل عملية سيطرة من قبل الشركات.

بعيداً عن التنظير ومن منطلق جدلية السلطة والسلطات المضادة يمكن القول إنه من الأجدى على الذين يعارضون نشاط المؤسسات الدولية كمنظمة التجارة العالمية والصندوق الدولي والبنك الدولي أن يعملوا على عكس ذلك، أي المطالبة بتعزيز سلطاتها. ويجب أن تدرك المنظمات غير الحكومية أيضاً وفقاً للتجارب أن تكون في مقدمة المطالبين بتعزيز المؤسسات العالمية القائمة لتصبح أكثر استقلالية حيال مساهميها الكبار وأن تطالب كذلك بإنشاء مؤسسات شبيهة تعتني بالبيئة والصحة والأغذية، وكل ذلك ينطلق من اعتبار أن هذه الطريقة أقصر وأنفع عملياً من مجرد الاعتراض والرفض لأي إصلاح من الداخل، وفي أضعف الأحوال تعتبر هذه الطريقة أفضل الممكن والمتاح في ظل هذا الوضع العالمي حتى يتسنى تغييره.

بدل التكلُّم عن الامبريالية والرأسمالية المتوحشة لماذا لا يتم التكّلم عن النمط الجديد من التمييز العنصري العالمي البيئي الذي ترتكبه الدول الصناعية والشركات بحق البيئة والأفراد الفقراء، وإن استخدام تعبير التكيّف مع المتغيرات المناخية قد يكون عبارة عن مجرّد تعبير مُلَطَّف للتمويه عن غياب العدالة الاجتماعية وسوء توزيعها على الصعيد العالمي. فالتكيّف مع التغيّرات المناخية أمر قد يكون حصوله متعذّراً بالنسبة لسكان الكرة الأرضية الفقراء، فكيف يمكن لمزارع فقير أن يتلاءم أو يتعايش مع التصحّر والفيضانات التي تهدد حياته وإنتاجه ومحصوله؟ وهل من المعقول أن يختزل الفقراء والجائعون مصادر التغذية وهم بالكاد يحصلون على القليل منها؟ إن مثل تلك المقاربة لقضايا العالم المعاصر ومثل هذه الثقافة هي الطريق الأفضل والأكثر واقعية وجدوى في حل مشاكل العالم، ومنها عملية ضبط نفوذ الشركات .

في ظل الواقع المتأزم لأسواق العمل العالمية خاصة في الدول النامية التي تعاني من إشكالية خلق الثروة وإشكالية توزيعها، وبين هاتين الإشكاليتين، اللتين يمكن مواجهتهما عن طريق إدخال القضايا العمالية في المفاوضات الدولية لمنظمة التجارة الدولية، فمن الأسباب الرئيسية لتعّثر مفاوضات جولة الدوحة هو الخلاف القائم بين الدول الصناعية والدول النامية حول تحرير المنتجات الزراعية، وذلك نتيجة عدم استعداد الدول الصناعية لمواجهة المتطلبات لمرحلتين تاليتين هما تحرير السلع الصناعية وتجارة الخدمات. إذ إن تحرير تجارة الخدمات لا يمكن أن يتم من دون تحرير الانتقال للاشخاص بين الدول. ويعتبر ما قد أقدمت عليه الدول النامية في منظمة التجارة من اقتراح يهدف إلى الفوز بتنازلات تمنح عمالها حرية أكبر في عبور الحدود الدولية لعرض خدماتهم في أسواق الدول الصناعية المتقدمة خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق الكثير من المكاسب، وهذا الاقتراح يحمل أسم  النموذج رقم4. والتغيرات العالمية على الصعيد الاقتصادي والمالي تطرح تساؤلات عدة حول العديد من المفاهيم والنقاشات الدائرة حول دور الشركات في السياسة الدولية أو الاقتصاد العالمي، في وقت لم يعد بالإمكان اعتماد المقاربات التقليدية في تحليل ودراسة هذه الظواهر الجديدة في عالمنا المعاصر كل صناديق السيادية، والقوة الاقتصادية الصاعدة في الشرق، وزيادة الاعتماد على الدولة كوحدة سياسية وقانونية قادرة على مواكبة تلك التغيّرات العالمية.

قضية صناديق الثروات السيادية لا تبدو استثمارية أو اقتصادية بحتة سواء أردنا أو لم نرد، فقد تمّ تسييسها وأصبحت ظاهرة من ظواهر العلاقات السياسية الدولية. لذا فإن التعامل والدراسة على صعيد هذه القضية لا ينبغي أن يقتصر على الفنيين العاملين في مجال الاقتصاد والاستثمار بل يجب أن تجنّد لهذه القضية أفضل الخبرات في مجال العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية الدولية. والصناديق السيادية التي تدير ثروات مملوكة لدول أصبحت تثير حفيظة الدول الكبرى، حيث الخوف من أن تسيطر هذه الصناديق على مفاصل أساسية في الاقتصاد والأمن وقد تُدار بطريقة تتعارض مع مصالح تلك الدول القومية. والخوف يزداد من تلك الصناديق التي تتمتّع بسيولة مالية هائلة جدّاً تصل إمكانياتها لدرجة شراء أسواق مالية بكاملها.ولقد تبدّلت معالم الجغرافيا المالية العالمية، ولقد كشفت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عن تغيّرات في مناخات الجغرافيا المالية العالمية. فالمفارقة أن الأموال الشيوعية تنقذ المؤسسات المالية الرأسمالية. والأزمة المالية رجّحت كفة بلدان الجنوب في الاقتصاد المعولم. ففي أزمة 1997 المالية الآسيوية طمأنت الولايات المتحدة الأسواق المالية في البلدان النامية، وعلى خلاف هذه الأزمة، حملت أزمة النظام المالي الأمريكي في 2007 ـ 2008 بلدان الشمال على قبول مساعدة الدول النفطية وقوى الجنوب المالية العظمى. فالنفوذ المالي انتقل إلى بلدان الجنوب في مجال العمل والفوائض المالية.

هامش الحركة المتاح للمجتمع هو دائماً أوسع بكثير من ذلك المتاح للاقتصاد؟ وقد يكون هذا التصوّر بادرة أمل وارتياح، حيث إن مصير المجتمع هو بين أيدي أبنائه وقانون الجاذبية الاقتصادية يفعل فعله الطبيعي على صعيد النموذج الاجتماعي، فهو يكيّفه ولكنه لا يحدّده، ونحن الآن نعيش عصر الانترنت، ولكن مجتمع عصر الانترنت ما زال أرضاً مجهولة فعلينا نحن بناء هذا المجتمع. وعلى عكس الكلام البليغ السائد حول عدوانية السوق وجنوح الرأسمالية، ولاعقلانية المؤسسات الكبرى، فإن ما نشهده أمام أعيننا، هو ولادة نظام مستقر من السلطات والسلطات المضادة، حتى لو كنا لم نتجاوز بعد لا تساؤلاتنا ولا شكوكنا. والشركات تعرف أكثر من أيٍّ كان أن السباق المتواصل بين السعي لاحتلال مواقع احتكارية وبين الردع الذي تتولاه المؤسسات الراعية لحقوق المنافسة والسلطات المضادة، جعل الشركات عبر الوطنية الآن في ضعف نسبي لم تشهده سابقاً. ومعظم الأطراف اللاعبة في الاقتصاد العالمي لها مصلحة في الاستقرار، بما في ذلك كبرى الشركات التي ترى في تقليص الاضطراب والغموض فائدة جلية من ناحية تخطيط الاستثمارات ومن ناحية الإنتاج واستراتيجيات التسويق، أو على صعيد الأسواق المالية من خلال تثبيت استقرار النظام المالي العالمي بالضبط الحكومي. وإن الفكرة الشائعة وسط غُلاة منظّري العولمة بأن الشركات ستنتفع كثيراً من وجود بيئة عالمية خالية من الضوابط تظل فكرة غريبة حقاً. فالقواعد التجارية المحسوبة، وتسوية حقوق الملكية المنسّقة عالمياً واحتواء التقلّبات المفرطة في أسواق الأسهم المتنوعة، واستقرار أسعار الصرف تسهم جميعاً في تأمين مستويات أولية من السلامة التي تحتاجها الشركات للتخطيط للمستقبل.

لقد أحدثت رياح العولمة، التي بدأت تهب منذ مطلع الثمانينات وأدت في مطلع التسعينات إلى تفكيك المعسكر السوفياتي، تحولاً جديداً في مفهوم السيادة أخذ شكل تغليب الاقتصادي على السياسي ـإلى حد ما ـ في سياق انتصار أيديولوجيا اقتصاد السوق. والواقع أن الاقتصاد كان على الدوام، باستثناء الفاصل السوفياتي، اقتصاد سوق، وأنما طبيعة السوق في ظل العولمة هي التي تحوّلت. فمن قومية صارت عالمية، فيما الدولة كسيادة سياسية، بقيت قومية، ومن هنا اخترق منطق السوق العابر للحدود المنطق السيادي للدولة القومية، وهذا لا يعني أن الدولة قد انتفت، لكنه أيضاً يعني أنها لم تعد حرة اليدين وأصبح هناك تغيير في طبيعة وظائفها، ومن هنا نجمت الفعالية التي اكتسبتها الشركات والتي أدت إلى تزايد نفوذها، كذلك ظهور المنظمات غير الحكومية وجلّها مناهضة للعولمة وتدافع عن سيادة الدولة، ولكن المفارقة أن تلك المنظمات لا تقيّد نفسها في نشاطها بمفهوم السيادة؟ وفي الوقت ذاته تطالب بوضع معايير ضبط وتحكّم على نشاط الشركات عبر الوطنية؟ وقد تكون تلك المنظمات هي من الذين هم بأمسّ الحاجة لوضع معايير لضبط عملهم ونشاطهم؟ وعلى الرغم من وجود علامات مشجّعة على صعيد معايير الضبط والتحكّم.

بعض التساؤلات مطروحة فيما يتعلق ببعض الوكالات والمؤسسات الدولية التي تحدّد جدارة الإقراض وتعمل على تنظيم الأسواق المالية بما فيها عمل البورصات المالية. ومن الواضح أن ممارسات تحديد المعايير هي جزء جوهري من نظام السوق الحر وهي تقرر مصير الفاعلين الاقتصاديين بطريقة تمنح سلطة سياسية فعلية. وعلى الرغم من أهمية العمليات التي تقوم بها تلك المؤسسات والوكالات والتي تعتبر أهم جانب من جوانب العولمة والتدويل، ولكن ألا يحق التساؤل عن ماهيّة هذه الوكالات على وجه الدقة؟ هل هي منظمات تدّعي لنفسها وتمارس سلطة عامة حكومية، في حين أنها ليست خاصة بالكامل وليست عامة بالكامل؟ هل هي جزء من التغيير في النظام العالمي؟ هل هي أداة أو جزء من منظومة التحكّم الناشئة أم العكس؟ وهل يحق لنا الاعتقاد هنا بأنه يجب إعارة هذه المؤسسات والوكالات ـ أو هذه الحالة ـ الانتباه الأكبر من قبل الباحثين؟

لقد استطاعت الحركات المناهضة للعولمة أن تقطع شوطاً في مواجهة قوى السوق وجاء المنتدى الاجتماعي العالمي بمثابة الرد على منتدى دافوس الذي يهدف إلى إرساء الشرعية السياسية التي تتوافق مع مصالح الشركات ودولها. وهو مؤشر إيجابي على إمكانية القدرة على العمل وإيجاد سلطات مضادة وموازية لسلطات السوق تكون قادرة على الضغط والتأثير وبالتالي المراقبة والضبط. وليست كل الأخبار باعثة على التشاؤم، فحركة مناهضة العولمة، وعلى الرغم من كل ما يشوبها من التباسات، تبيّن أن من غير المبرر اقتصار هذه الحركات فقط على الاجتماع والاحتجاج بل لا بد من الانتقال إلى القيام بنشاط منظّم وبإمكانية إحياء وإيجاد استراتيجيات جديدة في العمل. وحركة المنتديات الاجتماعية تطرح إشكالية حول تغيير الأحداث. فكيف يمكن لها أن تنتقل من طور الاحتجاج إلى بناء عولمة بديلة؟

على الرغم من التظاهرات الواسعة والمتزايدة ضد العولمة النيوليبرالية لم يتبلور بعد أي بديل استراتيجي منسّق ومتكامل يمكن أن يفتح الباب أمام نمط جديد من استغلال فرص الاندماج العالمي الذي تسمح به الثورة المعلوماتية. فالحركات المعادية للعولمة يغلب عليها طابع الاعتراض والاحتجاج وبدون برنامج ملموس وبديل لتعزيز واقع وجود خيارات بديلة سوف نبقى في دوامة الرفض فقط وخطر العموميات في البرامج وفي حلقة مفرغة. إذ أكثر ما يقلق قوى السوق وبالطبع الشركات هو أن يضطروا إلى تحديد موقفهم من مشروع عالمي اجتماعي. وإذا كان المنتدى العالمي الاجتماعي بدا لنا كسلطة مضادة لسلطة منتدى دافوس، ولكن دون ترجمة هذا التوجه والنشاط من الشعارات إلى واقع، يبقى البديل هو جوهر الخلاف. وفي كل الأحوال فإن هذه الدينامية في الحركة المضادة لقوى السوق تبقى مهمة من حيث أنها تبيّن أن إمكانية الضبط والمراقبة وبزوغ فجر السلطات المضادة تبقى واردة أملاً في اجتراح نظام بديل يكون أكثر عدلاً أو أقل جورا؟

في ظل التشابك والترابط نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي والذي انعكس على واقع الاقتصاد العالمي، أصبحت هناك صعوبات علمية تواجه كل مَن يريد معالجة أو تناول ظاهرة الشركات عبر الوطنية في سياق العولمة، فهل لنا أن نتساءل أين هو الحد الفاصل بين مصالح الشركات عبر الوطنية ومصالح الدول؟ وما هو المعيار هنا للتمييز بين ما هو عام وما هو خاص والذي على ضوئه يمكن التقييم؟ فإذا كان المموّل الأكبر لنشاط منظمة الصحة العالمية هو بيل غيتس مالك شركة مايكروسوفت الذي تفوق مجموع تبرعاته ما تقدمه الولايات المتحدة، فهل هذا التمويل يصب في خانة المسؤولية الاجتماعية للشركات؟أم في خانة الهيمنة والسيطرة؟ أقل ما يمكن قوله في تلك التساؤلات ـوهناك الكثيرـأنه يجب النظر لظاهرة العولمة بكل تجلياتها، ومنها الشركات، بمنظارٍ علمي بعيدٍ عن مبدأ الـ"مع" و"الضد"، حيث إن هذه الظاهرة سيف ذو حدين  فهناك رابحون وخاسرون، فإذا كانت ألمانيا مثلاً خاسرة على صعيد فرص العمل ـ نتيجة نقل الشركات مصانع الملابس الجاهزة إلى الخارج بسبب العولمة ـ خلال العشرين سنة الماضية ما يقارب مليون ونصف المليون وظيفة، وهذا لصالح نسبة من نساء بنغلادش وجنوب شرق آسيا، فإنه وفي الأحوال جميعاً إن أسوأ نهج في التعامل مع ظاهرة العولمة هو نهج مَن يريد أن  "يؤبلسها"  أو أن  "يؤمثلها"  بأي ثمن.

النظام العالمي يشهد هذه الايام أزمة ثلاثية الأبعاد: بعد اقتصادي يتصل با الأسباب المباشرة التي أدت إلى تفجيرها, وبعد سياسي يتصل بهيكل وموازين وعلاقات القوة القائمة في النظام العالمي لحظة انفجار الأزمة, وبعد إيديولوجي يتصل بتأثير الأزمة على المستوى الفكري.  ومن هذه الروحية يطرح التساؤل:أن نكون  موضوعاً للتاريخ أو فاعليين له، هذا هو السؤال؟ إنه مطروح دائماً ولكن هذه المرة سيكون الثمن الاقتصادي، السياسي، المؤسساتي، السيكولوجي أكبر في حال بقينا موضوعاً للتاريخ. ولم يعد مقبولا ً التعاطي مع هذا الواقع من منطلق أيديولوجي يعبّر عن مجرد موقف ضد هذه الظاهرة أو معها بدون وجود برنامج عملي. والسؤال لماذا هناك الكثير من الأفكار عن كيفية توزيع الدخل وليس عن كيفية توليد الدخل؟ من هنا نرى أن ثمة أسئلة مطروحة على عالمنا المعاصر ولا يمكننا إلا أن نتفاعل معها في الصميم وأن نقدم أجوبة عليها تتلاءم مع تطورنا الإنساني والتاريخي، ومن هذه الأسئلة:

        

سؤال غائية العلم :

فهل سيقود التطور العلمي الراهن إلى سعادة الإنسانية ورفاهها أم سينقلب إلى مصدر لبؤسها وجعل الإنسان يدمر نفسه بنفسه في غياب أي طوبى إنسانية شاملة جامعة لكل الأمم والشعوب، جوهرها الارتقاء الإنساني الشامل، طوبى تعيد الحياة إلى مبادئ العقد الاجتماعي والاقتصادي والمواطنية والعقلانية والمساواتية والعدل الاجتماعي؟ وهل سيبقى التطور الاقتصادي والاجتماعي يؤدي إلى المزيد من مراكمة الثروة في جانب ومراكمة الفقر في الجانب الآخر، أم سيتجه لمصلحة البشرية بأسرها ورفاه الناس وخيرهم جميعاً؟

            

ومن هذه الأسئلة سؤال الطبيعة :

 فهل سيبدّل الإنسان المعاصر في نظرته إليها باعتبارها امتداداً للوجود الإنساني وليست عالماً غريباً عنه قابلاً للتحكّم به دون أية ضوابط، ومهما كانت النتائج مسيئة إلى نواميسه وتطوّر أحيائه الحيوانية والنباتية؟

            

ومنها سؤال المعنى والقيمة :

فأي أفق يجري نحوه تطور الإنسانية وتقدمها؟ هل هو الإنسان الفرد بالمفهوم الليبرالي وباعتبارة القيمة الأولى والأخيرة والهدف النهائي للتطور أم هو المجتمع أم الأمة أو الإنسانية بأسرها؟ وهل الصراع والغَلَبة هما اللذان سيحددان مصير الإنسانية أم التكافل الاجتماعي والهم المشترك؟

ومنها سؤال الهوية :

فهل سيتجه التطور الإنساني نحو هوية كونية أممية أم سيكون التشبث بالهويات القومية والإثنية والطائفية هو الرد المضاد على ثورة التواصل العولمي ؟

ومنها سؤال النهايات :

فهل يتجه التاريخ نحو نهاية معينة ليبرالية أو اشتراكية كما تصوّر فوكوياما وقبله ماركس أم أنه يجري في غير هذين الاتجاهين ؟

The Globel Potency Of Transational Coporations And The Fact Its Control

                            

An Epitome     

The Thesis Of Masters Degree In

International Economic Relations

2009

prepared by

  

SALAM AL RABADI

If we work off the general metaphysical which rule the policy of economical liberty, based on the liberty of personage and institutions in their liberal economical efficiency, and if we can surpass looking at the global economy from the view of liberalism opposers and communist illusions about rankles society, then we could start the utterance of some questions which deserve to occupy the necessary range of though till we reach useful conclusions.

 The first is: The numbers and data issue which may sometimes mislead upon studying the activity of transnational corporations.

A variety of those studies concerning the activity of transnational corporations to the capacities and national income of states.we can inquire about the scientific and methodical measures which are used in that correlation though a process of apparent nominal statistical comparison without thinking of introductions, reasons and logical indices.Taking into consideration the concrete incidents, does that correlation mean the corporations carry the responsibility of all negative outcomes of globalization? Can we consider that the game of numbers and oriented data serve premature attitudes with ideological background? What about objectivism in such correlation

 Another inquiry is about the relation between transnational corporations and the state:

Can we say that there is an advancement in the power and control at corporations versus the retragadation at the notion of state sovereignty? Is there any limit separating the welfare of corporation from that of states? Does it mean a decay at state sovereignty or a change in its jobs? Is the strategy of corporations control?We can also add another question after the global monetary crisis of 2008: is the interventionist state back? What kind and limits of such intervention may take place?

The crucial issue concerning those corporations is the issue of national and global adjustment and control:

Are those corporations free at any control? Do any adjustment measures exists? Does the adjustment process mean the rediscovery of the perpetual more on the level of the economical game and social dynamism, can we achieve the social habituation of globalised economic powers? What are the social and political reactions regarding the global economic intricacy based on the transnational corporations and are those reactions expressing the adjustment reality?

The methodology of tackling the questions above is centered around the dialectic of society and power:

The common principle of this relation states that the power emerges, from society which consists of a group of reactant authorities, such that the power reflects that reaction. in this context, the transnational corporation is a part of the society which reacts with other parts, whereas the power expresses that reaction or competition. This may lead us to a more realistic reading for the relation between corporations and state and possibilities of adjustment. on the level of the relation between state and corporations, it the latter are a part of reactant forces in the society which is reflected by the power, then the power would represent the welfares of its society. this reality is embodied in two directions: The state’s strategy and external welfares which express the social realities including those of corporations, so are we facing a retreat in state’s control or a nexus in welfares? the other direction is based on the nature of relations and conflicts between different forces in the society, which leads to the inquiry about other forces that may control the influence of corporations:  the dialectic of power and antagonist powers?

The scientific methodology is employed in this study which is engaged to the realistic analysis, comparing and quantitative analysis of numbers. A variety of academic references are used including reports and studies issued from international organizations.

study starts with a preliminary chapter and two other chapters: the preliminary one focuses on the relation between quantitative view and humanitarian phenomenon or using the ideal or realistic methodology. the use of quantitative view in dealing with humanitarian phenomena, including the Fields of history, politics, social, and development, is subject to a lot of reservations, whereas its use lead to an amazing evolution in the field of natural science due to the complexity of humanitarian issues, especially the study of globalization and the relation between state and transnational corporations. the first chapter tackles the leverage of transnational corporations through clarifying their strategies, the relation with monetary markets, the fields of employment and investment, their views of taxes and monopolized policies and the transition of economic power to an unequivalent political value, what influence do the corporations exert on media and politics. the second chapter brings up the issue of control and adjustment through the indices which express the existent capacities of states in all economic sectors, the role of UN in globalizing the accountability the role of public opinion and jurisdiction in the process control, study of all global variables and analysis of new phenomena in our contemporary world, such as the political purchasing, consumptive investment, the sovereign wealth funds and the raising economic power in east.

If contradictions and lack of certainty dominates the new global theatre, a lot of utterances raise again about the concept of sovereignty meanings and possibilities of defending it in a new world and new circumstances which would surpass the westvalia age through altering the whole system.

Away from the juristic and doctrinal differences as well as the mazes of political through, all the indices show clearly that there is a tangible penetration for the stature of all states and its jobs. On the other hand, the practice of strategies of corporations became more complex with a wide-range of strategic alliances in a variable global market. so if there is a globalised economy, in the shade of space-time dialectic then it would lead to a clear shortcoming, raising this question:

Are we in or out globalization and is such economy organized due to minority monopoly or competition requirements?

The transnational corporations represent the opposing between the capitalism evolution and the international political arrangement which is centralized on national state with its crucial economical jobs. this contradiction, on its social and economic dimensions, penetrates the states structure and its social fiber, which in turn depends on the multi nationality of corporations, on the level of owners and directors.

Based on those facts, as long as those carry the same nationality, the corporation would be a foreign penetration with limits social influence. On the contrary if a number of local managers and owners contribute in the activity at the corporations, it would leave a remarkable social influence, due to the fact that the corporation represents a framework for loyalty and intersecting policies with the structure of national state.

 The growth of the phenomena of transnational corporations in developing countries, such as India and China has shown a political-based strategies. the rapid growth in those countries created a real worry about fading of resources for the economical expansion. the strategy of corporations in developing countries is centralized in the sector of primary materials without moving away from the strategic ??? set by local governments to the state-owned corporations which are encouraged to bring vital inputs such as raw materials. that why the strategy of Indian and Chinese corporations is directed towards countries rich in resources (petroleum and gas) more than working within the strategy of incurrence of customers.

The global variable in the monetary markets are reflected on the nature of relationship between the state and markets powers. a lot of questions may raise about the role of states during monetary crisis? Are the states innocent in this context? What is the separating limit between the welfare of states and that of corporations upon setting rescue processes during monetary crisis? the monetary system is a domain of disagreement due to that important transformation and the emergence of intellectual drifts emphasizing the shift from global system lead by governments to another lead by markets.

The disparity of distributing is in a continuous worsening in the time of increased incomes of corporations and capitalists to exceed the national income of states, whereas the worker’s incomes freezes without any development.

Such a gap between workers and owners and capitalists leaves a lot of doubts about social security and unity. many theories accused the direct foreign investments for stealing one resources of developing countries, seeking only profit and private advantages and increasing the case of subjection of those countries. taking into consideration some recent facts: was China able to achieve such economical growth without those investments? What about India, South Korea, Singapore, chez republic and Ireland?

One of the phases of globalization is written in Africa by the resident Chinese who spread their investments in all domains of the African Continent. those investments aimed to attain longer term goals of China but the question is raised about the investments of transnational corporations of the developing countries for European or American corporations a considered a sort of colonization while it is considered sort of corporations? In front of such trends of liberation of international trade, there is a protective policy which can be expressed in this question:

 Is the state by itself able to determine the international affairs?

We moving in the direction of the international echelon which based on privatization of security on the behalf of private corporations? If the proposals at the former UN secretary general Butros Ghali abut correlating the voting for member stated to their contributions in Financing the activities at the organization, a question may be asked in the future about the possibility of membership for institution, organizations and juristic personalities with great financial capacities?

The crisis at sovereignty cannot be merely connected to the global leverage at transnational corporations, another factors should be taken into consideration, such as globalized media, human rights agencies, and environment protectors and NGOs, which by their oppose the transnational corporation and surpass the concept to national sovereignty. We should admit the withdrawal of the states  andultimate sovereignty since the borders are penetrated politically, economically, culturally and on he levels of media and security? besides, the theory of corrosion of the role of state is debatable together with the transfer from the age of states to the age of markets, holding in mind the international variables which emphasize the vital role of state in the political, legal and economic regime. it is useless to evaluate economics from the corner of quantitative add to the national output or individual income but from the corner of finding the scientific and technical base engaged to new though and culture. Such base is built on the investment in the capital of human capacity instead of human capital as a goal for development and evolvement.

Dealing with the corporations from an ??? measure based on its political and economical imperialism doesn’t fit accurately with the global international evolutions, because the corporations of the developing countries gained more strength, and the funds of sovereign wealth owned by states made it so complicated to determine the objective measure to separate the interests and strategies of states from those of corporations. the phenomena of sovereign wealth funds reflects the wide role of states in the monetary markets and global economy. The continuity of export of capital from developing countries to the developed ones leads to doubtful questions about the validity of the traditional theory of development in the recent global context. This implies the necessity of rethinking in the most important supposals concerned in alternative policies, overtaking trends and capitalism flowage of investment.

It is obvious that the states are moving towards more interference in some sectors, such as gasoline, petroleum, multimedia and conveyances.

It seems that the game of opposing powers would dominate finally, and the reality of markets, where the transnational corporations are active, requires the mechanisms of control and adjustment, and this is what is taking place nowadays. there are some opposing powers which are gaining more influence with a new philosophy spreading on the national and international levels.    within such a regime based on the vitality of jurisdiction and public opinion, it is necessary to create some powers bearing the responsibility of facing the transnational corporations and to be the generator for the activities of new trio. the NGO’s reflect the realism of the new parading which control and adjust the dominating process of those corporations. the use of adaptation with climate changes concepts could be a tempered expression to disguise the absence of social justice and its global.

Away from formulating theories and starting from the dialectic of power and opposing powers, the opposers for the global institutions, like WTO and International monetary Fund and International Bank should demand the promotion of the influence of those institutions.the NGO’s should realize this demand to make the fore mentioned institutions more independent against big actionaries in addition to finding similar institutions specialized in environment, health and nutrition. this kind of resistance is the best way to wards the accomplishment of a real reform in the new trend of environmental discrimination committed by industrialized countries and corporations in the face of environment and poor individuals. adaption with the climate changes could impossible for poor people, who find great difficulties in facing deforestation and floods which threat their everyday lives and production. Such a reading for the global world threats and such a culture of thinking is the most real and useful way in finding solutions to the recent issues including the process of control on the influence of transnational corporations.

In the tense reality of the global employment markets, especially in the developing countries which suffer from the lack of fortune and its misdistribution the problems which may be faced through posing the employment issues in the international negotiations of the WTO: one of the major reasons for hindering the Dawha round is the dispute between industrialized countries and developing ones on the liberation of trade in agricultural products, as a result of refusal of industrialized countries to meet the conditions for the next two stages: liberation of industrialist commodities and services trade which cannot be done without the liberation of individual movements among the states. The proposal of developing countries in WTO, aimed to gain some concessions for the sake of liberation of worker’s movement to supply their services in the markets of developed countries, is a right step to get more winnings. Such proposal is called sample number 4.

The global economical and financial changes pose several questions about a lot of concepts and debates relevant to the role of corporations in the international policy or global economy, since we can’t depend on the classical perspectives in the study and analysis of new phenomena such as the funds of national wealth, raising eastern economic powers and more dependence on the state as a political and legal unit able to convoy those global changes.

The issue of the funds of sovereign wealth isn’t mere economic or relevant to investing realm. It is politicized as phenomena of international political relations. That why tackling this issue shouldn’t be the mission of economic technicians, but it should be left for best experts in the domain of international political, economical and diplomatic relations. those funds provoked the worries of great states which are fearing the domination of the funds of sovereign wealth on the main joints in the economic and security realms, in a opposing way to the national interest of those states. another source of fear and worries is the ability of the funds to purchase monetary markets, where all the milestones of global monetary geography are changed. The crisis of land mortgages in USA had shown some changes in the climates of global monetary geography. The real paradox is that communist treasury save the capitalist monetary institutions.

The monetary crisis gave moiré weight for the southern states in the globalised economy. During the bust of 1997 in Asian states, USA didn’t express fears about monetary about monetary markets in developing countries per contra the recent crisis, where the American financial regime crisis forced northern countries to accept the help of oil states and financial south powers, thus, the monetary leverage had transferred to the south in the domains of work and financial overflows.

The movement margin of society is wider than that of economy, such a vision can be a source of hope and rest, because the destiny of the society is made by its individuals and the law of economical gravity has its effect on the social paradigm, since it accommodates but not determines it we live the Internet Era but the society such era is still unknown so we have to construct this society. Per contra the eloquent speech about the hostility of market and capitalist tendency, lack of rationality in the big institutions, we are witnessing the birth of a stable system of powers and antagonist powers. The corporations realize that persistent race between its endeavors to occupy monopolized positions deterrence managed by sponsor institutions for competition rights and antagonist powers, made those corporations in an unprecedent relative weakness, most parts in the global economy have an interest in stability, including the big corporations which favor the reduction of misrule and vagueness in order to obtain better planning of investments, production and marketing strategies on one side, and fixation of a stable global monetary system due to governmental control on the other side, the current idea that the corporations would benefit in a global environment lacking the control rules is a wired one. The commercial principles, the arrangement of property rights, containment of the excessive oscillations in the variable interest markets, and the stability of exchange rates all contribute in building the security climate needed by corporations to plan well for the future.

The wind of globalization which started from the 1980s and lead in the 1990s to the disunion of the Soviet Union, had provoked a new evolution in the concept of sovereignty which accompanied a conquerance of economic an politics in the context of the victory of the markets economic ideology. the economic was always, except for the soviet duration, a market economy, but its nature had changed with globalization phases. those markets undergone a shift from being national to be global whereas the state remained national as a political sovereignty, that’s why the logic of trans borders market had penetrated the sovereign logic of national state. this doesn’t mean the diminishing of state, but it means that states aren’t free-handed with a lot at changes in their jobs,

leading to the efficiency and increasing influence of corporations, and to the emergence of NGO’s which defended the state’s sovereignty even though their activities surpass such concept, and demand the control of the actions of transnational corporations. those NGO’s might be needful for some measures of control and adjustment although we can notice some positive signs in this context.

Some questions are posed regarding a lot of agencies and international institutions which determine the merit of loans in addition to the regulation of monetary markets including the stock markets. the practices of determining measures is a crucial past of the system of liberated market which by its turn determine the destiny of economic players in away giving them a real political power. although the processes of those institutions and agencies are important and constitute the most substantial phase of globalization and internationalism, can we inquire about the ??? of such agencies? Are they a part of variation in the global system? Are they a tool in the control system?

Can we propose more concentration of the experts on such institutions and agencies.

The opposing movements for globalization were able to make larger steps forward in confronting the powers of markets and the global social forum constituted the reply on Davos Forum which aimed to settle the political legitimacy harmonious with the interests of corporations and their states. That was a positive index for the capacity of works and existence of antagonist parallel powers which are able to practice pressure, control and adjustment. Not all the news are pessimistic because the oppose movements for globalization, inspite of all amphigories, had shown a serious transfer from mere protest to the organized acts based on new strategies of activities.

The emergence of social forums is a clear index of the alteration of incidents. How should it proceed to become an alternative globalization? Inspite of all increasing manifestations against new liberal globalization, no alternative strategic solution had been evident to take the chance of global mergence set by the informatics revolution. Thus, the movements of protest had no tangible plans with surrogated choices. They moving in general programs as in a viscous circle. The worst worries of the power of markets as well as corporations are embodied in taking a certain position facing a global social scheme.

If the social Forum seemed to be antagonist to Davos Forum without translating its slogans to real plans of action, the conflict remained centered on the alternative choices. Such dynamism in the wave of protest against the powers of markets shows the possibility of control and adjustment and a hopeful mark indicating the potential to find more rightful system.

The complexity resulting from the scientific and technological advancement had been reflected on the reality of global economy, thus making it a difficulty mission to study the phenomena of transnational corporations, but what kind of limits do exists between the interests of states and those of corporations?

 if the greatest financier of world health organization is Bill Gates, the owner of Microsoft who predominated USA in his beneficences,Does such beneficence indicate the social responsibility of corporations or their exposition and domination?

That’s why we should evaluate the process of globalization from a scientific corner inspite of the presence of losers and gainers. If Germany was a loser in the domain of employment chances, as a result of transferring textile companies abroad, for1 million and a half job on the behalf of the women of Bangladesh and South eastern Asia.

the worst attitude in dealing with globalization remains trying to idealize or devilize it at any price.

The international system is undergoing nowadays a trio-dimensioned crisis. an economic dimension related to the direct reasons of its explosion, a political dimension related to the structure and balance of powers in the global system by the time of the crisis explosion, a political dimension related to the effect of the crisis on the mental level. a question is posed: should we become a subject or creators of history? The cast of being a subject would be paid on the economic, political, institutionalized and psychological levels. it is not acceptable to tackle this reality from an ideological perspective without formulating a substantial plan of action. Why do we suggest many proposals about distribution of income instead of creation of it?

A lot of questions need to present concrete answers compatible with our historical human evolution among it we can ask:

The teleology of science: will such scientific advancement lead to the human prosperity or the calamity of human beings in the absence of comprehensive humanitarian utopism centered on the general development and promoting the basis of the social and economic covenant, citizenshop, rationality, equity and social justice? Will the social and economic development lead to the accumulation of wealth on one side and poverty on the other or should it be directed to the prosperity and welfare of all people?

Would the contemporary man exchange his view of nature from being the extension of his human existence to be a strange world for his random dalliance, no matter how worse the outcomes were on the level of his traditions and the development of plant or animal creatures?

Another question about values, would the individual stay the first and last

Value and aim for the evolution, or is it the society, nation or the whole mankind?  Which is going to draw the destiny of mankind: conflict and prevalence or social solidarity and joint liability?

Is the human evolution oriented towards a universal identity or clinging to the national, ethnical and sectarian identities as an opposing reply to the global communication?

Is the history forwarded to a certain liberal or communist end as visioned by fokoyana, Marx or is it running in other directions?