‏إظهار الرسائل ذات التسميات القانون الدولي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القانون الدولي. إظهار كافة الرسائل

2020-12-27

كوفيد 19 وإشكالية العلاقة بين العلم والسياسة في العلاقات الدولية

 


د. سلام الربضي \ مؤلف وباحث في العلاقات الدولية

الميادين.نت 


من المنطقي التأكيد على نسبية العلم، فالموقف من غائية العلم يتسم بالشك والريب والنزعة النسبية، خاصة في ظل ذلك النسق العالمي الجديد على مستوى الفساد السياسي والاقتصادي. وهذا الواقع يفتح باب الجدل حول الإشكاليات المرتبطة بموضوعية كثير من المقاربات الأكاديمية وصدقية الأرقام والجدليات العلمية المرتبطة بجائحة كوفيد 19. 


فعلى الرغم من التعقيدات التي تواجه حيثيات تطور العلم، ستبقى نظرية التشكيك قابلة للتدوال، وانطلاقاً من ذلك هنالك على صعيد العلاقات الدولية تساؤل في غاية الأهمية حول الحتمية العلمية:

 

هل يجب السماح للعلم بالتطور قدر ما يستطيع بغض النظر عن العواقب المحتملة على المجتمعات ومصير الإنسانية؟

 

يتضح أنه لم يعد هنالك ثقة مطلقة بالعلوم الحديثة في ظل القاعدة التي تستند إليها ما بعد الحداثة، وهي قاعدة الشك في المعرفة العلمية، والمفارقة هنا تكمن في أن التشكيك أو التدقيق في العلم ونتائجه لم يعودا موضوعاً فلسفياً بل بات موضوعاً عملياً. فواقع المعرفة والسلطة والحرية الأكاديمية في ظل جائحة كوفيد 19، هو انعكاس دقيق للتوترات النظرية والعملية المرتبطة بإشكاليات العلاقة بين العلم والسياسة في العلاقات الدولية.

 

وهذا الواقع بات يطرح كثير من الجدليات المتعلقة بمدى إمكانية وفعالية وضع ضوابط أخلاقية على مستوى العلم، إذ يبدو أن تطور الإنتاج العلمي وانعكاساته وتعقيداته المتداخلة، أسرع بكثير من تطور وضع الضوابط الأخلاقية. وانطلاقاً من ذلك، وفي وسط حالة عدم اليقين الاستفزازية، ومع وجود كثير من النزعات الراديكالية المرتبطة بثنائية العلم والسياسية، تبرز الحاجة إلى إيجاد شيء ثابت في مكان ما. فالمرحلة التي كانت الدول فيها تحاول معالجة المشاكل العلمية عبر إنشاء لجان تجمع العلماء والمختصين هي في طور الانتهاء، وبالتالي حان الوقت لبزوغ فجر عصر يهتم بوضع قوانين ومعاهدات واضحة لا لبس فيها بما يتعلق بإشكاليات التطور العلمي، خاصة على مستوى القانون الجنائي الدولي.

 

إذ يتضح من خلال تتبع تطور القانون الجنائي الدولي على المستوى النظري والعملي ، عدم مواكبته للأنساق العالمية الجديدة وتداعياتها على الأمن الإنساني العالمي. وهذا يتطلب توسيع صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية لتشمل الجرائم المتعلقة بالثورة البيوتقنية والهندسة المناخية والذكاء الاصطناعي، وتعديل الفيروسات والحروب البيولوجية...الخ.

 

وفي نهاية المطاف، يجب التأكيد على فكرة أن العلم ليس إلا شكلاً من أشكال الفكر التي طورها الإنسان وليس بالضرورة الشكل الأفضل، وإنه ليس متفوقاً إلا في نظر المؤمنين بحتمية أسطورة الأيديولوجيا العلمية. فعلى سبيل المثال، إذ كان الاعتقاد بأن الثقة بالنماذج الرياضية ستزيل التحيز البشري، ولكن من الناحية العملية بدأت تلك الخوارزميات(النماذج) تمارس تحيزاتها الخاصة فيما يتعلق بكيفية عملها، إلى درجة بدء تداول مفهوم العدالة الخوارزمية والمطالبة بتدمير أسلحة الرياضيات. وهذا يؤكد بأن العصر العلمي المرتبط بالتكنولوجيا غير مضمون النتائج عند مرور الإنسانية بأوقات عصيبة.


وهذه الحتمية العلمية تطرح كثير من التساؤلات، حول فيما إذا أصبح العلم يلعب حالياً دور الدين في المجتمع الحديث؟ وهل هنالك ضرورة للقيام بعملية فصل بين العلم والدولة(السياسة) مثلما تمت عملية الفصل بين الدين والدولة؟

 

قد تكون الإجابة المنطقية على تلك التساؤلات تكمن في طرح التساؤل حول فيما إذا كان هنالك إمكانية لرسم الحدود القصوى للتقدم العلمي قبل التفكير في فصله عن السياسة، فإذا كان القرن 20 قد أعاد النظر في الثوابت اليقينية في كل ما يتعلق بالإنسان والسياسة، وإذا كانت العلمانية حاولت أن تكون البديل عن إخلاقيات الديانـات، ولكن هل سيكون تطور العلم _ الذي لا يمكن كبح جماحه_ هو العامل الحاسم وغير المتوقع الذي سوف يضع العلاقات الدولية في القرن 21 أمام أنساق جديدة لن يكون من السهل إيجاد أي مقاربة نظرية وعملية لها؟




2013-04-04

القانون الدولي وإشكالية المضامين الجديدة للأمن العالمي




سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية







هنالك منظوراً جديداً للأمن بدأ يفرض نفسه، متجاوزاً الإعتبارات الترابية والإقليمية والعسكرية. فالتحديات الجديدة، جعلت مفهوم الأمن شمولياً ومتعدد الأبعاد وأكثر التصاقاً من الحياة الاجتماعية، وهذا ما جعل برنامج الأمم المتحدة للتنمية يتبنى فكرة "الأمن الإنساني". فالأمن لم يعد يقاس بمدى تقليص التهديدات، بل بمدى الاستجابة للحاجيات الأساسية للإنسان. 

وبالتالي، عندما يتم التكلم عن المضامين الجديدة للأمن العالمي لا بد من طرح الكثير من التساؤلات، وهي كالآتي :

1- تاريخيا هل تم تحقيق الأمن العالمي؟

2- المضامين الجديدة للأمن العالمي هل متفق عليها عالمياً ؟

3- هل يمكن مقابلة منظور السيادة الوطنية بمواطنية كونية شبة مكتملة ؟ 

4- هل مرجعية المضامين الجديدة للأمن العالمي ستنمو بسرعة واقعية السياسة الدولية؟ 

5- وإذا كان هناك انماط معقدة من إنسنة المجتمع العالمي، فهل نكون قد انتقلنا من المنظور الكلاسيكي، للقانون الدولي، والذي يدافع بقوة عن عدم التطابق بين حقوق الإنسان والسياسة الدولية، إلى نوع من التجاوب الفعلي والمستمر وغير المستقر بينهما ؟

وفي خضم التطرق لواقع المضامين الجديدة للأمن العالمي، يجب الاخذ بعين الأعتبار حالتين :
أ- الأمن العالمي القائم على العلاقة بين الإنسان والطبيعة ( الأمن البيئي ) .
ب- الأمن العالمي القائم على العلاقة فيما بين الإنسان واخيه الإنسان (حقوق الإنسان) من جهه، والدول فيما بينها (الأمن السياسي) من جهه آخرى .

ففيما يتعلق بالعلاقة القائمة بين الإنسان والبيئة، هناك تحديات تواجه الأمن العالمي، وقد يكون التضامن العالمي لإيجاد حلول لمواجهة التحديات في هذا الصدد، أكثر إمكانية منه، على صعيد الأمن السياسي بين الدول. فالعقد الاجتماعي هو أساس شرعية القانون في المجتمعات البشرية، وفي النظام الدولي التقليدي، الدول تتمتع بقدر من الحرية والسيادة، ولا توجد أي سلطة فوقها، ولا قانون دولي ألا ما تختاره الدول، على أساس اتفاقيات أو معاهدات تم مناقشتها بحرية تامة أو أعراف تم قبولها ضمنياً. فحرية الدولة، لا تحدها سوى حرية الدول الآخرى. وإذا كانت الحالة الطبيعية، قد تم تجاوزها في النظام الداخلي، فليس الأمر كذلك في النظام الدولي، حيث القوة هي المقياس الوحيد للتصرف _ هذا على الرغم من أن الأمور قد تغيرت مع ظهور المنظمات غير الحكومية_ إذ أن علاقة القوة، داخل هذه المنظومة ستبقى موجودة .

فالرهانات الدولية في ظل العولمة، اضحت مرتبطة بشكل أقوى بالقضايا الاجتماعية، وأقل تفاعلاً مع الاستراتيجيات السياسية والعسكرية، والفاعلون الاجتماعيون أكثر حضوراً على الساحة الدولية، حيث المجال الدولي لم يعد حكراً على الحكومات وحدها، بل هو فضاءاً عمومياً تتداخل فيه كل من الحكومات والأفراد والمنظمات غير الحكومية، والذي يعبر عن نوع من التصالح ما بين الإنسانية والواقع الدولي. ونتيجة للظروف الناتجة عن اختلال التوازنات الاجتماعية، وتزايد الاعتماد المتبادل بين مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، تم التعجيل بالتفكير في مبدأ إدارة شؤون الدولة والمجتمع، كنمط لتجديد أساليب الحكم وتفعيلها بشكل أفضل، من خلال صياغة أشكال جديدة وجدية في المشاركة، قائمة على التضامن والنهوض بالاحتياجات الأساسية والإنسانية للمواطن.

إذاً، على صعيد المضامين الجديدة للأمن العالمي، هناك إشكالية على مستوى تأقلم الضوابط القانونية مع القضايا أو المشكلات العارضة، فكيف يتم معالجة قضايا أنسانية عالمية، في ظل غياب قواعد قانونية تضبط هذه الأوضاع العارضة؟؟؟

وهذه الإشكالية يمكن التعبير عنها، من خلال طرح بعض القضايا الأمنية الإنسانية، المتعلقة بصحة الإنسان. ومنها على سبيل المثال، قضية اللحوم الملوثة هرمونياً، التي انقسم حولها الرأي العالمي، بين الولايات المتحدة وكندا من جانب، والمجموعة الأوروبية من جانب آخر.  وأيضاً، يوجد العديد من القضايا الإنسانية الشائكة، التي تطرح علامات استفهام حول إمكانية الاتفاق عليها خاصة على الصعيد الثقافي، فالخلاف الدائر ما بين منظمة الصحة العالمية وبعض الدول ومنها مصر، حول ختان الإناث، يعبر عن واقع هذه التناقضات، حيث تعارض منظمة الصحة العالمية هذه العملية من منطلق الدفاع عن حقوق الإنسان _ تحديداً حقوق المرأة _ بينما تدافع مصر عن موقفها، من منطلق التمتع بالحقوق الثقافية والخصوصية للمجتمعات التي يكرسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ومن الواضح، بقدر ما هنالك قوة في طموحات المشاريع الكونية على كافة الصعد، إلا أن هناك قصور _ إلى حد ما _ حين تتجسد في الواقع. فإذا كان هناك حرص على المصلحة والسلطة والأمن القومي، ولكن على الجانب الآخر، أيضاً هناك تشديد على الحق والعدالة، والتركيز على حقوق الإنسان. وهذا ما نجده في الصراع الفكري التاريخي، بين هوبز الذي يرفض منح حقوق الإنسان، أي اعتبار دولي، باعتبار الأمن القومي هو وحده، الذي يمنح المعنى للمصالح الوطنية. وبين غروسيوس الذي كان مناصراً للمواطنة العالمية، ولنظام عادل يسمو فوق كل السلطات والسيادات.

وانطلاقاً من ذلك، يبدو أن الدوافع الاستراتيجية والمصالح، ما تزال فاعله وحاضره بقوة، وكثيراً ما تتحول حقوق الإنسان، إلى أداة لضغط الأقوياء على الضعفاء، وهو ما يخلق التداخل بين ما هو دولي وما هو إنساني. وبالتالي، من الطبيعي أن ينعكس ذلك فيما بعد على الأمن العالمي. التي بدأت تتضح معالمة يوماً بعد يوم، والذي يجعلنا أكثر تفاؤلاً وتمسكاً بمستقبل تعاون وتكافل المجتمع العالمي، والذي سيبقى فيه القانون الدولي، يشكل ركائز هذا الدعم، لذلك المستقبل المنتظر. 

وجدلياً ، ومن أجل البحث عن مقاربة عملية للأمن العالمي في ظل المضامين العالمية الأنسانية الجديدة، لا يمكننا سوى استحضار تلك الإشكاليات الأزلية حول العلاقة بين القانون والسياسة :
  
كيف يمكن للقانون الدولي أن يتطور؟ وهل يمكن للقانون الدولي أن يتطور إلا في ظل حياد سياسي يحافظ على استقلاليتة ؟ ولكن،هل ذلك ممكن ؟  وتاريخياً، هل تم تحقيق ذلك؟؟؟؟؟؟؟


jordani_alrabadi@hotmail.com





2013-03-07

منظمة التجارة العالمية والمحكمة الجنائية الدولية ولعبة السلطات المضادة










سلام الربضي :باحث في العلاقات الدولية \ بيروت
  


واقع الإدارة العالمية الاقتصادية لن يكون مستقراً، إلا إذا برز نظام كوني متجانس قادر على مواجهة القوى الاحتكارية ، وتطبيق كل قواعد الحكمانية عليها من المجاهرة والإيضاح والشفافية والديمقراطية وتحمّل المسؤولية الاجتماعية. وهنا، تكمن أهمية القضاء ودوره. وإلا فإن كل صيحات الديمقراطية الاقتصادية الجديدة ومضمونها، ستكون نظاماً دولياً احتكارياً، لم يشهد العالم مثيلاً له. فإذا طغت السيطرة على النظام الاقتصادي العالمي، فإن كل دعاوى الديمقراطية الاقتصادية التي نسمعها، ستكون مجرد همسات في ريح عاتية. وفي حال، غياب أداة قادرة على الفصل ـ كالمحاكم ـ تكون قد تركزت دعائم دكتاتورية السياسة الدولية. وفي هذا الإطار، يمكن الرجوع إلى عمل منظمة التجارة العالمية، لمحاولة فهم هذه المتغيّرات، خاصة نشاطها على الصعيد القضائي.

وإن إجراء أي تقييم دقيق، للسجل القضائي لمنظمة التجارة العالمية، يظهر أن النظام قد سجل تقليصاً لدور الدبلوماسية الدولية، وعمل بالمقابل على تعزيز حكم القانون. فالنزاعات التجارية الدولية الآن، تسوّى من قبل منظمة التجارة العالمية، وعلى أساس حكم القانون، وليس من خلال اللجوء إلى سياسة القوة المحضة. فتلك المنظمة، تمنح كل عضو حقوقاً متساوية، وكذلك التزامات متساوية، في قبول النتائج. ومن أكثر، الأمثلة تعبيراً عن واقع عمل هذه المنظمة، على الصعيد القضائي، هو ما يتعلق بقضية الهرمونات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا. فالمسيرة القضائية لمنظمة التجارة العالمية، أثبتت نجاحها بوجه عام، على الرغم من بعض الملاحظات والاعتراضات على مسيرتها القضائية، كالاعتراضات على نظام التسويات القضائية للمنظمة، مثل : سرية المداولات، ونفقات المقاضاة ...الخ .

كما أن، سجلات منظمة التجارة تظهر أن عدد الخلافات أو الشكاوي الواقعة بين الدول والتكتلات داخل المنظمة تقع  أكثرها، بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فهي  أكثر الدول الشاكية والمشكو منها أيضاً. وتشير إحصاءات المنظمة أن النسبة العظمى من الخلافات التي يتم تقديمها إلى المنظمة، مقدمة من قبل الدول والتكتلات الكبرى، فيما الدول النامية والصغرى، _ وهي التي تعتبر الأكثر تضرراً من غيرها من الواقع الاقتصادي العالمي _ هي الأقل تقدماً أو تذمراً أمام مراجع المنظمة القضائية ؟؟؟





ومن القضايا المتنوعة، المطروحة في أروقة المنظمة، ما يتعلق بحقوق الملكية، وفرض قيود على حرية وصول المطبوعات، وسياسة الإغراق. ومنها شكاوي الولايات المتحدة ضد الصين فيا يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، ووضع قيود على حرية وصول المطبوعات، والأفلام والموسيقى الأجنبية، إلى الأسواق الصينية. هذا وقد أصدرت منظمة التجارة العالمية، أول أحكامها ضد الصين، وشملت تلك القضية ثلاث دعاوى رفعتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا، في شأن الضرائب التي تفرضها الصين على واردات مكونات السيارات.، وكان هذا أول حكم يصدر ضد الصين، منذ انضمامها لعضوية المنظمة عام 2001,  ولقد طالبت لجنة فض المنازعات في المنظمة من الصين، بمطابقة نظام الواردات لديها مع قواعد التجارة العالمية.

كذلك، فإن معظم الخلافات القضائية داخل المنظمة، تقع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأكثرها قائم، على دعم الدول لصناعتها وزراعتها، التي تصب في خدمة ودعم الشركات. وقد تكون المنافسة القضائية بين الشركتين، إيرباص ـ بوينغ تدخل في إطار استراتيجيات الدول التي تعتبر صناعة الطيران صناعة استراتيجية تدخل في صميم الأمن القومي السياسي والأمني والاقتصادي. فالولايات المتحدة قدمت شكوى ضد مؤسسة الطيران الأوروبية، تتهم فيها الحكومات الأوروبية بتقديم الدعم لشركة إيرباص. وتعتبر هذه القضية، من أكثر القضايا تعقيداً التي تبت بها المنظمة الدولية. وقد قدمت الولايات المتحدة، أدلة على أن السلطات في مقاطعة ويلز، قدمت  مساعدات مالية، على شكل منحة لتدريب فنيين جدد لطائرة إيرباص A350، المنافسة لطائرة البوينغ 787، حيث يحاول كلا الطرفين تقديم الأدلة والبراهين، على مخالفة الطرف الآخر لمبادئ المنظمة، ودعمه لشركته الوطنية. ولقد أصدرت منظمة التجارة العالمية، حُكمها القضائي في هذه القضية، والمكون من حوالي 1200 صفحة والذي تدين فيه الاتحاد الأوروبي .

وبالتالي، يبدو أن قوى السوق بأمسّ الحاجة، إلى سلطة القضاء من أجل إعطائها الشرعية القانونية، ومن أجل صون ملكيتها، وحماية حرية عملها. والمنظمات غير الحكومية تستطيع أن تلعب دوراً على صعيد العمل القضائي للمنظمة، من خلال الحق الذي أعطي لها في تقديم مذكرات النصح والإشارة، لهيئة الاستئناف في منظمة التجارة العالمية. 



ويمكن أيضاً، الاستفادة من السلطة القضائية العالمية، للمحكمة الجنائية الدولية، خاصة في ما يتعلق بقضايا النزاعات المسلحة وانتهاك حقوق الإنسان، إذ لا بد من الإشارة إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية، المتعلق بمسؤولية الاشتراك في الجريمة، والذي يمكن أن يخلق مسؤولية جنائية دولية للموظفين والمسؤوليين. وبالتالي، يترتب على المجتمع المدني الصغط والعمل، لإيجاد تعديلات في نظام المحكمة من أجل، إدراج مسؤولية المؤسسات عن الانتهاكات، في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مستقبلاً، بشكل صريح وواضح وعلني، وتحديدا فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي والبيئي ؟  

فالمجتمعات بحاجة إلى قوانين مالية واقتصادية وسياسية، تنظم حركة الأسواق الاقتصادية بكافة جوانبها، والقضاء قد يكون مدخلاً لهذه الحركة. وإلى أن يتم الاتفاق على وضع تلك القوانين، يبقى القضاء وقدرته على الحركة ـ خاصة  من باب الاجتهاد ـ المدخل الأسهل والأسرع لمعالجة هذا الوضع. وفي إطار لعبة السلطة والسلطات المضادة، يمكن للقضاء أن يملأ الفراغ الناتج عن هذه المتغيرات، سواء على صعيد الفاعلين من شركات، منظمات غير حكومية، حكومات، منظمات دولية، أفراد، أو الأسواق وضروراتها.

وفي ظل عصر السوق، لا يمكن إيجاد توازن بين كل تلك الجهات، سوى من خلال القانون. وفي ظل غياب مدلول قانوني معولم واضح لكثير من القضايا الشائكة، قد تكون قرارات واجتهادات المحاكم، هي المدخل لواقع جديد يتبلور حالياً، في ظل التباين في العلاقة بين العولمة والقانون من جهة، والفراغ في السلطات العالمية المحوكمة من جهة أخرى.





For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com