O you who pass between the fleeting words, take your names and leave, withdraw your hours from our time and leave, and steal whatever pictures you want so that you know that you will not know how a stone from our earth builds the roof of the sky.
2023-12-02
O you who pass between the fleeting words
2023-10-21
محور المقاومة وإشكاليات الأمن القومي الإسرائيلي
سلام الربضي : باحث ومؤلف في العلاقات الدولية \ اسبانيا
من حيث المبدأ الحروب تأتي استكمالاً
للسياسة، ولكن في إسرائيل تبقى الحروب على الإطلاق هي القاعدة والسياسة هي الشواذ.
إذ يبقى منبع التناقضات هو غربة إسرائيل الجوهرية والجذرية عن المحيط العربي الذي
فرضت عليه، فلا تستطيع أن تكون آمنة إلا بمراكمة وسائل القوة، الأمر الذي يعمق
غربتها ويعزز استحالة القبول بها. وهذا أمر غير قابل للديمومة وذلك لا بمزيد من
القوة ولا بمزيد من التحالفات (العلنية والسرية)، بما في ذلك توقيع اتفاقيات
السلام العقيمة.
حيث أثبت مسار التفاوض العربي الإسرائيلي
منذ العام 1991 مروراً إلى اتفاقيات طابا واسلو ووداي عربه وصولاً إلى
ما يسمى الاتفاقيات الإبراهيمية مع بعض دول الخليج عام 2020، عجزها الشامل عن ردع إسرائيل. حيث لم تؤدي
سياسة التكيف أو التحالفات الأمنية وتعظيم التعاون الاقتصادي إلى أي نتيجة تُذكر
على صعيد تغيير المواقف العدائية الإسرائيلية. بل على العكس من ذلك، لقد زادت من
حدة تصلبها وتعنتها. حيث كانت وما
تزال دولة الاحتلال تعالج إشكالياتها الأمنية من خلال إستراتيجية ترتكز على اللاءات المعهودة والتي تعكس ثوابتها الأمنية، والتي من أهمها:
-
لا للانسحاب الكامل إلى حدود
1967.
-
لا لدولة فلسطينية ذات
استقلال كامل.
-
لا لإيقاف علميات
الاستيطان وتفكيك المستوطنات.
-
لا لعودة اللاجئين
الفلسطينيين.
-
لا لامتلاك أي دولة عربية وإقليمية لبرنامج نووي.
-
لا لأي خلل في موازين
القوى العسكرية .
وبناء على ذلك لا يزال التفوق العسكري
العنصر الرئيسي الذي ترتكز عليه دولة الاحتلال من أجل الحفاظ على وجودها. إذ يبقى
تفردها في هذا المجال هو الدعامة الحقيقية لحمايتها حتى في حالة تحقيق السّلام.
فنظريّة الأمن القومي الإسرائيلي ستبقى على الدوام قائمة على مبدأ أن كيان
الاحتلال يقوم على مساحة محدودة جغرافياً. وبالتالي، طالما هنالك عطوبية على مستوى
العمق الاستراتيجي لا بد من الاعتماد على قوّة ردع ضاربة، تحفظ لإسرائيل ديمومتها.
ولكن ونتيجة للانتصارات
الاستراتيجية لمحور المقاومة في حرب تموز 2006 مرروراً بحروب غزة (2008-2021) والحرب العالمية على سوريا(2011-2019) بات هنالك استحقاقات ينطوي عليها
تهديدات مستقبلية على مصير دولة الاحتلال الإسرائيلية.
وفي هذا
الإطار لقد جاءت انتصارات المقاومة الفلسطينة في غزة في تشرين الأول 2023 امتداد لهذا النسق
التصاعدي على صعيد إعادة التوازن والرعب الاستراتيجي بين محور المقاومة ودولة
الاحتلال، التي تلقت عدة هزائم قاسية أوصلتها إلى مرحلة العجز
المطلق. وهذا الواقع الجديد لا
ينفصل عن صيرورة الانتصارات منذ حرب تموز 2006 وما تلاها والتي نتج عنها كثير من التطورات الجيوسياسية، التي تتعلَّق بتعاظُم قوَّة محور المقاومة:
ومنها:
- أكتساب تجربة قتالية غير
تقليدية: حيث أصبح هذا المحور قادراً مستقبلياً على خوض معارك متعددة
المستويات تتطلب تنسيقاً لوجستياً ضخماً.
- تغير المفهوم
العسكرى القائم على الاستنزاف والدفاع واستبداله باستراتيجية هجومية وقائية: قائم على مبدأ التوغل إلى داخل الأراضي
المحتلة، وشن غارات بالآف الصواريخ بذات اللحظة من عدة جبهات مختلفة، وبالتالي تغيير معادلة الردع
المتبادل مع إسرائيل بشكل جذري.
وهذا بالفعل ما تم تجربته بشكل مصغر على أرض
الواقع في حرب غزة عام 2021، حيث
استطاع محور المقاومة عبر حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس من اعتماد هذه
الاستراتيجية التي ثبت نجاعتها. حيث لم تستطيع القدرات العسكرية الإسرائيلية
مواجهة واعتراض مئات الصواريخ التي تم إطلاقها من غزة في ذات اللحظة ومن مواقع
مختلفة. وعليه، هذه التحديات
تطرح علامات استفهام حقيقية والتي تدور حول التساؤل التالي:
هل دولة الاحتلال الإسرائيلية قادرة على مواجهة كل تلك التحديات في
أي حرب مستقبلية؟
من المنطقي
القول أن طبيعة التحديات التي تواجهها
دولة الاحتلال على مستوى بنية ومفهوم أمنها القومي قد تغيرت في شكل دراماتيكي
وجوهري ، ومن تلك التحديات :
1-
أصبح لدى محور
المقاومة قدرات تسليحية ضخمة تستطيع تغطية كل نطاق دولة اسرائيل.
2- امتلاك الجيش
السوري وحزب الله خبرة عسكرية هجومية نتيجة حرب العصابات مع الحركات الأرهابية
المدعومة من الغرب وإسرائيل.
3-
تطوير محور المقاومة
لاستراتيجيته العسكرية القائمة على ضرب تفوق إسرائيل الجوي والبحري.
وهنا يجب الاعتراف بإن انتصارات محور
المقاومة على إسرائيل في حروب لبنان وغزة وسوريا باتت تمثل تحدياً حقيقياً لقوتها الردعية هي منعطف استراتيجي ويزيد
من تعقيدات عمل أجهزتها الاستخبارية. حيث أصبحت تعاني من فقدان أهمّ عناصر الرّدع لديها
وإن أي مواجهه عسكرية جديدة ستكون معقدة وستصل إلى كل رقعة على مساحة إسرائيل
نفسها. فهي لم تكن في يوم من الأيام
مُهددة مثل ما هو شأنها اليوم، نتيجة تطور ونضج تجارب محور المقاومة، الذي أثبت
أنه بات يمتلك رؤية عسكرية وسياسية ذات نهج منطقي وعقلاني على مستوى الفكر
والممارسة. فحروب
إسرائيل الخاسرة وعجزها عن تحقيق أي من أهدافها في سوريا أو غزة أو لبنان، دليل قاطع
على تفوق محور المقاومة على كافة المستويات.
وفي هذا السياق يمكن التأكيد
على أن الاحتمال المستقبلي الوارد هو حتماً خيار الحرب والمواجهة الشاملة، والتي
لن تكون كما كان يحدث سابقاً كحرب تقليدية على أرض عربية يحسمها التفوق العسكري
الإسرائيلي. بل على العكس من ذلك، ستكون حرباً
لا تملك دولة الاحتلال زمام المبادرة بها. إذ ربما تستطيع دولة الاحتلال أن
تبدأ تلك الحرب ولكن الأهم من ذلك كيف تديرها وتنهيها؛ إذ بكل تأكيد لن تكون قادرة
على حسمها، وستصل تلك الحرب إلى كل شارع داخل إسرائيل نفسها.
على سبيل المثال، ووفقاً للتقارير والدراسات الصادرة عن مراكز الأبحاث
والمؤسسات العسكرية الإسرائلية فإن أقله لدى حزب الله تحديداً قدرات عسكرية ضخمة
باتت تمكنه من احتلال منطقة الجليل شمالي إسرائيل ، وما إلى ذلك من عواقب وخيمة
على الكيان الإسرائيلي. لذلك إذا تم مقاربة المعادلة التي ترتبط بالقدارت الصاروخية
للمقاومة والتي تم تفعيلها في حرب تموز عام 2006 (حيفا
وما بعد حيفا) وإذا تم إضافة معادلة الطائرات المسيرة والإمكانيات البحرية( كاريش
وما بعد كاريش)، فإنه من المنطقي سوف تكون المقاربة المستقبلية القادمة، أقله
وفقاً لمعادلة: الجليل وما بعد الجليل!!
2023-02-18
الصبر الاستراتيجي الإيراني: إسرائيل والحروب الناعمة
د. سلام الربضي
للأسف، من خلال تتبع
نسق استراتيجيات كثير من الدول
القائم على الاهتمام المبالغ فيه بقضايا حقوق الإنسان والمرأة والديمقراطية في
إيران (كقضية وفاة الفتاة الإيرانية مهسا أميني)، لم يعد
بالإمكان تجاهل وأغفال مدى الاستغلال السياسي والأمني والثقافي الحاصل. وهذا النسق
تم اعتماده سابقاً في سوريا مما أدى الى دخولها في مستنقع الحرب منذ العام 2011. وبالتالي وانطلاقاً من تواجد إيران في ذات الاتجاه
السياسي تم اتباع ذات النسق، فالمسألة مرتبطة بالدرجة الأولى بمواجهة قوة إيران المتصاعدة.
فمن حيث
المبدأ هنالك استراتيجية باتت واضحة ومكشوفه
وهي ترتكز على خلفيات ثقافية هدفها الأساس تفتيت المجتمعات من الداخل(الحروب
الناعمة). أذ إن كثير من
الدول(إسرائيل تحديداً) لا يمكنهما التسليم بتاتاً بواقع وجود إيران كقوة إقليمية كبرى. فعلى الرغم من كل سياسات العقوبات المتبعة لعزل وتهميش إيران خلال 45 عاماً المنصرمة، استطاعت إيران بناء قوتها الذاتية وترسيخ نفوذها الإقليمي.
وبالتالي، لم يعد أمام الدول تلك الدول المعادية لإيران سوى
الاتجاه نحو استغلال بعض القضايا الجدلية داخل المجتمع الإيراني المرتبطة بحقوق
الإنسان والمرأة والديمقراطية، من أجل زعزعة استقرارها وأضعافها. ووفقاً لذلك، توجهت تلك الدول نحو خيار الحرب الناعمة وذلك عن طريق:
- التغلغل الثقافي داخل المجتمع الإيراني لتمزيق بنيته السياسية.
- دعم الحركات الإرهابية، بما في ذلك محاولة إعادة إنتاج داعش جديدة.
وفي هذا السياق هنالك كثير من الأدلة التي تؤكد تلك التدخلات
الخارجية الهادفة إلى إغراق إيران بنزاعات وحروب داخلية، منها على سبيل المثال لا الحصر:
·
ضبط شحنات أسلحة
قادمة من الخارج ترافقت مع أعمال الشغب الداخلية.
·
تفكيك
خلايا إرهابية كانت تخطط لاغتيال شخصيات من أصول عربية وإجراء عمليات إرهابية في
الأماكن الدينية من أجل إشعال حرب أهلية.
·
القبض على مجموعات إرهابية مرتبطة باستخبارات خارجية تعمل
على تهريب الأسلحة.
وانطلاقاً من تلك الحقائق، يبدو أن الهدف
الرئيس هو تدمير البنية المجتمعية وتضخيم
الاستقطاب السياسي وتقويض الاستقرار الأمني؛ بحيث تُصبح إيران أكثر هشاشةً وقابلية
للتقسيم. فعملياً الجمهورية الإيرانية تواجه حرب هجينة، غايتها السياسية قائم على مواجهة النفوذ الايراني
الذي يرتكز على:
-
التمسك بالبرنامج النووي.
-
دعم حركات المقاومة في مواجهتها للاحتلال الإسرائيلي
لفلسطين.
-
التواجد في سوريا ومساعدة الجيش السوري في حربه ضد الحركات
الإرهابية.
-
مساندة الحوثيين في اليمن بشكل دائم.
-
ترسيخ التغلغل في العراق على كافة الأصعدة.
-
التقارب الاستراتيجي مع كل من روسيا والصين.
وهنا يجب الاعتراف بإن التجاذبات
الإيرانية الداخلية، هي بمثابة ورقة رابحة حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل
استغلالها لتحريض الشعب الإيراني على نظام الحكم والتصادم معه. وهذا الوقع أو التحدي الجديد
تطلب من الحكومة الإيرانية اعتماد رؤية مختلفة على مستوى كيفية التعامل مع هكذا
مستجدات. حيث اتبعت الحكومة الإيرانيه ومؤسساتها الأمنية سياسة ضبط النفس وعدم اتخاذ
أية خطوة استفزازية قد ؤدي إلى التصادم، بل على العكس من ذلك تم العمل على:
1-
امتصاص غضب الشعب والسماح بالتظاهر .
2-
مراقبة الوضع الأمني عن كثب والسيطرة على الخلايا الإرهابية.
3-
الكشف للمجتمع الإيراني سياسات التجييش والتحريض الإعلامي
القذرة.
4-
أثبات ارتباط كثير من الحركات
المعارضة بأجندة الدول الأجنبية .
5-
الربط بين الأحداث
الداخلية والنسق القائم على تطبيق النموذج السوري في إيران.
وفي هذا الإطار، وبغض النظر عن مدى قدرة الحكومة الإيرانية على مواجهة
هذه الحروب الناعمة، فإن هنالك تحديات سياسية وثقافية وأمنية داخلية في غاية
الخطورة لم يعد بالإمكان تجاهلها، وهي تتطلب إعادة النظر بكثير من السياسات
التي كانت يُعتقد أنها باتت من البديهات، ومنها:
·
لم يعد من الممكن
اتباع السياسة التي تقوم على تحميل الحكومات الإيرانية المسؤولية وتحييد المرشد
الأعلى للثورة (أو مؤسسة ولاية الفقية) عن أي مسؤولية.
·
وجود تغيرات جذرية
مرتبطة بالتهديدات الأمنية، التي لم تعد تقتصر على الخطر الإسرائيلي، وإنما امتدت لتشمل
الحركات الإرهابية.
·
زيادة حدة التعقيدات المرتبطة بالخطط
الخارجية الراغبة في تقويض دعائم الدولة الإيرانية.
·
الأزمات الداخلية تبدو الأكثر
خطراً، وربما تؤدي إلى تقديم تنازلات استراتيجية على مستوى الملف النووي والقضية
الفلسطينية والعلاقة مع سوريا وحركات المقاومة.
في محصلة القول ، أن
الاهتمام المبالغ به في قضايا حقوق الإنسان يأتي في سياق الضغوط التي تتعرض لها
إيران منذُ عقود، لتحقيق أهداف
جيوسياسية. ولكن وفقاً لكيفية مواجهة إيران لما سبق وقد تعرضت له
من تحديات يبدو أنها قادرة على تجاوز الصعوبات الحالية، إذ أن ركائز الدولة ما زالت متينة على كافة المستويات.
كما أنه يجب عدم
الاستخفاف بقدرة إيران على إعادة تقييم علاقاتها الخارجية انطلاقاً من معادلة أن
أمن إيران مرتبط بأمن المنطقة. وهنالك لدى إيران كثير من الخيارات التي تعزز تلك
المعادلة. إذ ثمة هنالك استحقاقات متعددة الأبعاد مرتبطة بالواقع الإيراني سواء
على صعيد البرنامج النووي أو زيادة حدة التصادم مع إسرائيل وأمن الطاقة. فمثلاً، لم
يعد بالإمكان التعويل الدائم على استمرار ضبط النفس الإيراني في اليمن، وما سوف
ينتج عن ذلك من تداعيات استراتيجية إقليمية وعالمية، أقله على صعيد توازنات أمن
الطاقة العالمي.
ناهيك عن أنه في حال نفاذ الصبر الإيراني الاستراتيجي ليس من المستبعد على الإطلاق، استهداف إيران بشكل مباشر للمصالح الإسرائيلية، وربما في مرحلة ما قد تكون المواجهة مباشرة داخل فلسطين المحتلة نفسها. حيث أن إيران تعي تماماً أن جميع محاولات زعزعة استقرارها لا يمكن فصلها على الإطلاق عن ردود أفعال إسرائيل، التي تواجه خطراً وجودياً بعد خسارتها جميع حروبها مع محور المقاومة المدعوم بشكل كامل وغير محدود من قبل الجمهورية الإيرانية.
2020-09-02
حركات المقاومة بين الحروب الإسرائيلية وحروب الأسئلة العربية
Movements
Of Resistance To Occupation
Between
The Israeli Wars And Arab Questions Wars
د. سلام الربضي \ باحث
ومؤلف في العلاقات الدولية*
صحيفة السبيل
الأردنية \ 31\8\2020
من خلال محاكاة
واقع الانتصارات العسكرية لحركات المقاومة على إسرائيل، فإنه لا يجب أن يثار أي
سؤال بمنطق إشكاليات التصنيفات الزائفة، فمثلاً إذا كانت مقاربة بعض الدول العربية
لحرب تموز عام 2006 قائمة على أساس الصراع مع الجمهورية الإيرانية أي إشكالية
العلاقة السنية الشيعية، ولكن كيف يمكن مقاربة حروب غزة (2009 وما بعدها) بما أن حركة حماس والجهاد الإسلامي ليست سوى
جزء من حركة الإخوان المسلمين السنية المذهب؟
يتضح أن تلك
المقاربة قائمة على منطق سطحي يتناغم إلى حد ما مع الأهداف الإسرائيلية، ويأتي كرد
فعل سلبي على نجاح محور المقاومة في تطوير منطقه الإستراتيجي سواء على مستوى الفكر
أو الممارسة. وبالتالي هنالك بارقة أمل نحو المواجهة العقلانية بعدما انهزمت
إسرائيل وعجزت عن تدمير محور المقاومة وتقليص النفوذ الإيراني. وبناء على ذلك يبدو بات على إسرائيل القيام بحروب جديدة
لإعادة هيبتها العسكريّة المفقودة، خاصة بعد فشلها
الذريع في حربها غير المباشره على سوريا منذُ العام 2011، حيث انتصرت سوريا في الحرب العالمية التي شُنت عليها خدمة
للأهداف الإسرائيلية بالدرجة الأولى. وانطلاقاً من ذلك تدور حالياً
تساؤلات
استراتيجية حول الحرب القادمة فيما إذا كانت ستكون ضدّ
لبنان أو ربما تكون حرب مباشرة ضدّ سوريا أم هي حرب في غزّة والضفة الغربية، أو
ربما المغامرة بشن حرب إقليمية ضد إيران.
وفي هذا السياق، من الضّروري التمييز بين ما تريده
إسرائيل وما تقدر عليه، فليس كل ما تريده يمكنها الحصول عليه، وبالتالي ووفقاً
لمبدأ المساءلة الذاتية، يمكننا القول أن المعضلة في الضعف العربي لا تكمن بتفوق إسرائيل عسكرياً، وإنما بالدرجة
الأولى تكمن في غياب منطق المصالح العقلانية وتضاربها عند العرب، مقابل قرار إسرائيلي
يرتكز على قناعات قابلة للتعديل بما يتوافق مع واقعها الاستراتيجي.
ووفقاً لهذا
النمط العربي من التفكير غير العقلاني، لا بد من التطرق لجدلية العطوبية الاستراتيجية
وحروب الأسئلة العربية، فمن حيث المبدأ الحروب تأتي استكمالاً للسياسة، ولكن في
إسرائيل تبقى الحرب هي القاعدة والسياسة هي الشواذ، وفي مقابل ذلك تشتعل حروب
الأسئلة العربية على ذاتها المقاومة، أكثر من أسئلة الحروب مع إسرائيل. وإذا ما تم
الغوص في محيط تلك الأسئلة، يمكن التساؤل:
هل كان لمسار المفاوضات
والتسوية العربية الإسرئلية أية جدوى تذكر حتى يتم منطقياً توجيه النقد لخيار المقاومة
الناجح في مسعاه محاربة الاحتلال؟
هنالك تطورات إستراتيجية حصلت جراء هزائم إسرائيل على يد
محور المقاومة، والتي تتطلب مراجعة جذرية لكيفية التعامل مع الصراع العربي
الإسرائيلي، ومنها على سبيل المثال:
1- السعي لنقل القضية الفلسطينية من كونها قضية تحرير
أرض إلى مجرد صراع إقليمي مع إيران.
2- فشل معظم خيارات ما يسمى محور الاعتدال العربي.
4- الدخول في الفراغ العدمي لجدلية التضارب بين خيار المقاومة
وخيار التسوية؟
فالمسألة من
حيث المبدأ تكمن في عطوبية الخيارات الاستراتيجية العربية، بفعل وجود تصدعات فكرية
قابلة لاستقطاب كل ما هو عدائي، ناهيك عن عطوبية المراهنة على الشارع العربي الذي
لا يبحث في تساؤلات ماهية العجز، والتي ستؤدي حكماً إلى التصادم مع جدلية ماهية السلطة
في العالم العربي ومنطق مساءلتها. فثقافة المجتمعات العربية تفتقد لوجود منطق إستراتيجي
يرتكز على أي نوع من المراجعات الرصينية، فرغم كل النكسات والانكسارات بل
والانتصارات في بعض الآحيان، نجد هنالك غياب لأي تقييم موضوعي، بل أكثر من ذلك بات
كثير من العرب لا يعترف بهزائم إسرائيل العسكرية والسياسية في حربها مع حركات
المقاومة، رغم اعتراف إسرائيل نفسها بذلك. وبالتالي هنالك حاجة ماسة إلى أحداث
نقلة نوعية على مستوى تحديد الخيارات وإتباع سياسة توزيع الأدوار بدلاً من تنازعها،
ناهيك عن أهمية صياغة رؤية حضارية للقضية الفلسطينية، بعيداً عن أي تمذهب ديني أو
طائفي.
فبناء على منطق
المساءلة الذاتية الغائب، يمكن التساؤل عن جدوى ثبات العرب العقيم على خيار الحرب
فقط ثم الاتجاه نحو خيار السلام الوحيد، فهذا النمط من ثقافة الخيارات يفتقد للعقلانية
ويزيد من احتماليات الارتهان للآخرين. فوتيرة تسارع الأحداث لم تعد تسمح للعرب بانتظار
خيارات الآخرين، فهنالك حاجة ماسة لإيجاد مقاربة جديدة ترتكز على كيفية إدارة
العرب لمقومات القوة التي يمتلكونها ولكن للأسف ليس لديهم الإرادة على استخدامه. وبالتالي
هنالك الكثير من الخيارات عوضاً عن التلاهي بقضايا المجوس والفرس(وحالياً الترك)، إذ
أثبتت الإستراتيجيّة الإيرانيّة في كيفيّة تعاملها مع التحديات،
أنّ الرّضوخ ليس الخيار الوحيد، والسياسة الإيرانية في إدارة
ملفها النووي وزيادة نفوذها الإقليمي نموذجاً يحتذى به.
في المحصلة
يمكن القول، أن بعض الدول العربية تحاول اعطاء انطباع أنها تعمل على مواجهة النفوذ
الإيراني من خلال معاداتها لحركات المقاومة، وهذا المنطق في بعض جوانبه من حيث
الجوهر يخدم الاحتلال الإسرائيلي أكثر من التصدي للنفوذ الإيراني، ناهيك عن أن هذا
الموقف يأتي في وقت تعاني فيه إسرائيل من فقدان أهمّ عناصر الرّدع لديها والقائم
على مبدأ حصر الحروب على الأراضي العربية، فكل الوقائع تشير إلى تآكل وعطوبية
الدولة العبرية، وإن أي مواجهه عسكرية جديدة ستكون معقدة وستصل إلى كل رقعة في إسرائيل
نفسها. وإلى أن يأتي أوان تلك المواجهة يحق التساؤل حول بقاء العالم العربي منقسم
بين عرب الاعتدال وعرب التطرّف، وهل بات يستوجب فض جدلية فيما إذا كان الصراع مع
إسرائيل قائم على أساس حرب وجود أم حرب حدود؟
jordani_alrabadi@hotmail.com*
2020-06-30
الأردن والخيارات الاستراتيجية في مواجهة إسرائيل
For communication and cooperation
jordani_alrabadi@hotmail.com