2011-01-12

مشروع مارشال دروس وعبر للتاريخ






سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية

الاوضاع الاقتصادية عند نهاية الحرب العالمية الثانية فرضت نفسها وكان لها تأثير كبير في التطورات اللاحقة للنظام الاقتصادي العالمي. ولقد ظهرت هذه الاحداث عندما وضعت الحرب أوزارها ولم تكن مطروحة في السابق، ولهذه الاحداث أثر كبير في اتجاهات السياسات الاقتصادية اللاحقة وهي تمثل مع المؤسسات الدولية المنشأة نقطة بداية للنظام الاقتصادي المعاصر.

بعض المعطيات فرضت نفسها وكان لها تأثير في التطورات الاحقة للنظام الاقتصادي العالمي ومنها : إعادة التعمير، وقضايا النمو الاقتصادي. ومن الواضح أن حلفاء الحرب قد استفادا من الدروس السابقة وخاصة على مستوى كيفية التعاطي مع الخصم المهزوم وعدم إعادة تجربة فرض عقوبات على الدول المنهزمة كما حدث مع ألمانيا عقب الحرب العالمية الأولى. بالإضافة إلى الخراب وحجم التدمير الكبير الذي حل بروسيا وألمانيا واليابان الذي يتطلب استثمارات هائلة لاستعادة النشاط الاقتصادي. كما أن الحرب جاءت بعد ذلك بخطر جديد كان لا بد من مواجهته، وهو خطر الشيوعية الذي بات يهدد أوروبا المنهكة من الحروب.

أن هذه الظروف الصعبة واستمرار الاوضاع الاقتصادية المنهارة لأوروبا هو بمثابة تدعيم للحركات الشيوعية التي وجدت في تلك الظروف المناخ الملائم لدعوتها، ومن هنا كان التحرك الأمريكي وأخذ زمام المبادرة من خلال ما يعرف بمشروع مارشال لإعادة إعمار أوروبا اقتصادياً. بما فيها الدعوة أيضا الى الاتحاد السوفيتي للمشاركة، ولكن قد لا تكون هذه هي الاسباب الوحيدة وراء مشروع مارشال، ذلك أن الاقتصاد الأمريكي كان بحاجة لهذا المشروع خاصة أن الاقتصاد الأمريكي منذ 1929 يعاني ركود وجاءت الحرب لتنعش الاقتصاد الأمريكي حيث أضافت طاقة إنتاجية كبيرة .

وعلى عكس معظم الدول المحاربة التي اضطرت إلى تحويل جزء من اقتصادها المدني إلى المجهود الحربي، فقد نجحت الولايات المتحدة في أن تضيف إلى طاقاتها الإنتاجية طاقات جديدة لأغراض الحرب دونما أي تأثير ملموس في إنتاجها المدني القائم. وبعد نهاية الحرب، بدأت تصفية اقتصاد الحرب، وظهرت مخاوف الانكماش من جديد حيث كان لا بد من تحويل الموارد المستخدمة للأغراض العسكرية إلى الاغراض المدنية. بالاضافة إلى أن خروج أوروبا محطمة من الحرب أضعف كثيراً من قدرتها على الاستيراد من الولايات المتحدة. ومن الواضح، أن الولايات المتحدة خرجت من الحرب باقتصاد قوي جداً، مقابل عالم بالغ الضعف، من حيث القدرة على الإنتاج والتبادل، ومن هذا المنطلق كانت الدعوة إلى تعمير أوروبا خدمة للاقتصاد الامريكي.

وعلى الرغم من التجاذب ما بين البعض الذي يرى أن هذا المشروع قد حقق نجاحاً لا مراء فيه، والبعض الاخر الذي يرى أن سبب نجاح هذا المشروع يعود بالدرجة الأولى إلى القدرات الأوروبية، فأن هذا المشروع كان بمثابة النواة التي ساعدت على توجيه التطورات الاقتصادية اللاحقة لأوروبا في اتجاهات حرية التجارة والتعاون الإقليمي، والآخذ باستراتيجية النمو الاقتصادية.

أهمية مشروع مارشال تكمن بما ترتب على تنفيذه من توجهات في السياسة والمؤسسات الاقتصادية، حيث كان من الممكن للدول الأوروبية أن تتجه نحو الاّخذ بسياسات التقييد والرقابة التي عرفوها أثناء الحرب. ولكن جاء المشروع قائماً على أساس النظام الاقتصادي العالمي القائم على حرية التجارة وحرية انتقال رؤوس الاموال .





For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com