2016-03-22

المسألة المائية ونسق دبلوماسية الموارد الطبيعية في العلاقات الدولية







سلام الربضي : باحث ومؤلف في العلاقات الدولية \ اسبانيا

صحيفة البناء \ بيروت \ 22-3-2016

تشير التقارير العالمية، أن موارد المياه المتاحة لكل فرد في العالم، سوف تتقلص بنسبة لا تقل عن 50% مع حلول العام 2025. كما تشكل المياه وسطاً معقداً وهشاً. فمنذ القدم لجأت الدول إلى المياه لرسم حدودها. حيث هذه الحدود الطبيعية تم التوصل إليها، بعد حروب ومعاهدات صاغت تاريخ العلاقات الدولية. ومن هذا المنطلق، تم استخدام المياه كوسيلة استراتيجية في الصراعات الدول. وفي خضم هذا الواقع العالمي، الذي يعاني من مشكلة نقص حاد في الوضع المائي، أصبح تقاسم مصادر المياه ضرورياً أكثر فأكثر، وصعباً بفعل تنوع الحاجات والاستخدامات واللاعبين، وباتت المياه رهاناً استراتيجياً يدخل في صميم الأمن القومي لأي بلد، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي. 

وعلى ضوء ذلك، هنالك الكثير من الإشكاليات التي تطرح مستقبلياً، لكيفية تعاطي الدبلوماسية مع هذه المسألة:

إذا كانت معظم الدراسات والتقارير الاستراتيجية تتنبأ بصراعات مائية فهل ستكون أزمة المياه المستقبلية بمثابة نموذج للصراع الحتمي أم تكون بمثابة نموذج لمرحلة جديدة من العلاقات الدولية القائمة على التعايش الحتمي؟ فهل تحتم طبيعة هذه النزاعات المائية العودة إلى الجغرافيا التي سوف تضع الدول أمام خيارات غير تقليدية، كما هو حال واقع الصراع العربي الإسرائيلي؟ وهل يمكن لنا التنبؤ بطبيعة العلاقة العربية العربية في ظل الخيارات المائية الصعبة؟ فمثلاً ماذا سيحدث في المستقبل بين مصر والسودان أو العراق وسوريا أو الأردن وسوريا...الخ؟ إذ هل هناك رؤية واضحة للمستقبل المائي ولكيفية التعامل مع الحتمية المائية التي سوف تفرض نفسها؟ وبالتالي هل أن العصر القادم هو عصر الدبلوماسية الجغرافية المائية – إذا جاز التعبير –  الباحثة عن السبل لكيفية حل هذه المعضلات تقنياً وسياسياً وقانونياً بشكلٍ خاص؟

ستبقى المسألة المائية تحت رحمة موازين القوى، في غياب تشريع دولي حقيقي ملزم في مجال المياه. بالإضافة، إلى غياب الآلية الواضحة لكيفية التعامل مع المخالفين لهذه الاتفاقيات أو عدم المشاركين فيها. فعلى سبيل المثال كيف يمكن لدولة أقليمية كتركيا لديها هذا الرهان الاستراتيجي أن تتخلى عنه. إذ لا يمكن فهم الدبلوماسية التركية المستقبلية دون فهم الخيارات المائية في محيطها الذي يعاني من تحديات مائية وغذائية مصيرية؟



وفي النهاية يستوجب على ضؤ ما تقدم ومن منطلق الواقعية السياسية والتفكير الاستراتيجي طرح التساؤل حول دبلوماسية الفعل السياسي الخارجي للدول في مواجهة الهواجس المائية: هل هي الدبلوماسية السلمية أم الدبلوماسية العسكرية؟ فهل نحن أمام نسق دولي جديد في العلاقات الدولية يمكن تسميتة نسق دبلوماسية الموارد المائية وهو شكل جديد من أشكال القوة؟

محاولة الأجابة على ذلك قد تكون من خلال طرح تساؤل تاريخي استشرافي يكون بمثابة مؤشر لما سوف تؤول إليه الأوضاع في المستقبل فهل هناك في عصرنا الحديث نموذج صراعي ما بين الدول – فيما يتعلق بالمياه- قد تم حسمه عسكرياً ؟؟؟

2016-03-09

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة : المجال الحيوي لحقوق المرأة العربية



سلام الربضي: باحث ومؤلف في العلاقات الدولية \ اسبانيا.

إذا كان هنالك من رغبة جدية وصادقة في المجتمعات العربية، للاعتراف للمرأة بحقوقها، بوصفها من الحقوق الأساسية للإنسان، هذا يعني إنه يتوجب علينا إعادة النظر، بكل ما له علاقة بمؤسسات الأسرة والدين والثقافة، بناء على المستجدات الفكرية والإنسانية المعاصرة. والتي تدفعنا إلى محاولة التفكير في تلك الحقوق، بشكل أخلاقي حداثي جدير بالاحترام، يختلف تمام الاختلاف عما كان يتم فهمه سابقاً. حيث لا يمكن لنا الاعتراف بالعديد، من هذه الحقوق، من دون أن تواجهنا بعض التحديات سواء بالنسبة إلى مفهوم الحقوق بحد ذاته،أو بالنسبة إلى بعض المؤسسات الأساسية، كالأسرة والأديان.
وبما أن الكثير من تلك الانتهاكات، يبقى مجالها الحيوي يكمن في الحياة الأسرية، فهذا يتطلب وبشكل حازم، أخضاع  كلاً من الفكر الأسري والثقافي والمتضمن البعد الديني، للفحص النقدي الصريح. وانطلاقاً من ذلك يمكن لنا مقاربة هذا الواقع على هذا النحو:
1-  هل من المنطق والأخلاق تبرير وتسويغ الانتهاكات بحق المرأة العربية، من خلال الالتجاء إلى معايير ثقافية أو دينية؟
2-  إلى متى سوف يتم أتخاذ النساء كدليل على سلامة التكامل الثقافي والأخلاقي؟
3-   ما هو المجال الحيوي الذي يُمكن المرأة العربية من تجاوز منظومة الاستبداد ودوامة االتسلط، ويساعدها على التحليق في فضاء المساواة الإنسانية الشاملة؟
يبدو أن المرأة العربية قد وضعت في رحم دوامة قوى اجتماعية متقابلة ومتنافسة. إذ بات تعريف الثقافات المغلقة في المجتمعات العربية، يؤخذ بوصفها ثقافات تحتفظ بالأشكال التقليدية للأنوثة، واعتبار انتهاك حقوقها الأساسية، أمراً مألوفاً ومقبولاً، ونمطاً شائعاً.
فليس هناك من جديد، في حال رغبنا بتقديم بعض الحقائق والمعطيات عن الواقع المرير للنساء العربيات. إذ إنهن وطبعاً بمعية أطفالهن،يمثلن السواد الأعظم من حالات اللجؤ في الأماكن التي تشهد حروب أو منازعات أو كوارث طبيعية. والمرأة الضحية الأولى لتجارة البغاء والتي تمتد عبر العالم بأسره. وتبقى أجسادهن مشرعة للتجارب لزيادة النسل وإما لتحديده. كما تتزايد النزعة العسكرية إذا جاز التعبير، أو ما يسمى العنف ضد المرأة ( الأغتصاب المنزلي) والمرأة في بعض مجتمعاتنا ما زالت تعاني من ممارسات الختان، ناهيك عن الوهن الاقتصادي وعدم الاستقلالية المادية.
ولكن المتسغرب والمستهجن هو، تقبل بعض نساء العروبة لتلك المظاهر، بحجة أنهن يألفن واعتدنا على تلك الممارسات. بل حتى أن الكثير من نسائنا لا تعرف شيئاً عن مجرد استغلالها. فعند محاولتنا تقييم تلك الإشكالية الهجينة والجدلية المركبة، سوف نصتطدم بكل تأكيد، بقساوة ووطأة  التساؤلات التالية:
1-  لماذا  لا ترتبط وتكتمل رجولتنا كعرب، إلا فقط،  بقمع نسائنا؟
2-  هل يحق لإنسان ما وانطلاقاً من مبادئ حقوق الإنسان، القبول بانتهاك إنسانيته؟
3-   وهل نحن في حاجة إلى محاولة استتنتاج واستنباط، مضامين جديدة لمعتقداتنا من منظور أخلاقي إنساني؟
4-  هل المجال الحيوي الضامن لحقوق المرأة العربية، يجب أن ينبع بالأساس، من منظومة إنسانية أخلاقية قانونية وليس من ثقافة المجتمع الذكوري؟
بناء على ما سبق،وبلغة قاطعة ومطلقة،علينا التفكير والتدبر وبشكل حذر وواعٍ، في كيفية استخدامنا لممطلحات، مثل المرأة والأنوثة والهوية والشرف والرجولة...الخ. فالقمع الأقصى الحقيقي، هو ما يعاني منه رجال المجتمع الذكوري العربي، من فقدانهم لقوة إنسانية روحية فاعلة ذات مغزى، يتسنى لهم _ قبل المرأة _ من خلالها، التحليق في سماء الحرية والفرص والاختيارات المناسبة، والتوقف عن تحديد ما هو خير للمرأة وما ينبغي عليها فعله ؟؟؟؟؟؟؟


For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com