سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية.
هناك تحولات ملحوظة في الاتجاه المعاكس نحو الاتجاهات الحمائية، حيث يشتد القلق إزاء عمليات الشراء الأجنبية المقترحة في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. كما تتخذ الكثير من الإجراءات التنظمية البارزة لحماية الاقتصادات من المنافسة الأجنبية أو لزيادة نفوذ الدولة في بعض الصناعات. فقرارات التأميم في أمريكا اللاتينية تدخل في هذا الإطار، والسياسة الاقتصادية الروسية في قطاع النفط والغاز لا تخرج عن هذا السياق.
أمام تلك التيارات الجارفة الحاملة عناوين حرية التجارة العالمية، يوجد سياسة حمائية واضحة مما يخلق تضارباً في السياسات والمصالح وهو ما يلحق الضرر بمختلف الدول سواء كانت غنية أو فقيرة، ويطرح علامات استفهام حول حرية التجارة العالمية. وهذه السياسة لها آثارها على الدول الغنية والفقيرة، إلا أن تأثيرها يكون وقعه أكثر على الدول الفقيرة حيث هامش التحرك أمامها ضئيل مقارنة بالدول الغنية خاصة فيما يتعلق بالصادرات الزراعية والمنسوجات القادمة من الدول الفقيرة. وتقوم الدول الغنية بعدة طرق لحماية تلك القطاعات ومنها تقديم المساعدات كالولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم مساعدات تصل إلى حوالى 560 مليار دولار في السنة، والمستفيدون سواء كانوا أصحاب الشركات العملاقة أو الأفراد والمؤسسات الصغرى لا يؤثر من حيث المبدأ، إذ إن الموضوع بالمطلق يطرح تساؤل التناقض بين مبدأ حرية التجارة والسياسة الحمائية.
من الطبيعي والمنطقي أن تجري الشركات وراء كل دولار تستطيع الحصول عليه. والشركات لا تعطي شيئاً مقابل لا شيء. فالمال يشتري الفعل ويشتري النفوذ. والحكومات في كثير من جوانب هذه القضية تتحمل المسؤولية واللوم. فالمال الذي ينفق على الشركات على شكل إعفاءات أو حوافز هو المال الذي يغدو غير متوافر للخدمات العامة. كما أن جمع الضرائب هو أكثر حقوق الدولة القومية مبدئية وهو الوسيلة لتصحيح عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وحتماً يؤدي تخفيض إيرادات الدول سلباً على متطلبات التكافل الاجتماعي.