2010-09-30

مسألة تعويض اليهود العرب أحد أهمّ أوراق إسرائيل المستقبليّة






      سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
islam times        
 28 - 9 – 2010       

إنّ التأكيد على يهوديّة إسرائيل "إسرائيل الجديدة" بالمعنى الإثني الأيديولوجي له مخاطره على حقّ العودة وعلى عرب 1948 . وإسرائيل تسعى دائماً لاقتاع العالم بأنّ مساحتها البالغة21 ألف كيلومتر مربع هي مساحة لا تساوي شيئاً إزاء مساحة العالم العربي البالغة 14مليون كيلومتر، وبالتالي لا بدّ من إسهام الدول العربية في حل مشكلة الحيّز الديمغرافي بين إسرائيل وجيرانها في فلسطين.

وتنظر إسرائيل إلى مفهوم الدولة اليهودية ليس كدولة تشمل المواطنين اليهود داخل حدودها، بل هي أيضاً الناطقة بأسم جميع اليهود المنتشرين في مختلف بلدان العالم والمدافع الأول عن مصالحهم. وهي الدولة الوحيدة التي يمارس فيها التطابق في شكل كامل بين الدين والقومية ويتم فيها اتباع معايير وأدوات دينية لفحص الانتماء إلى هذه القومية حيث ينشغل القادة الإسرائيليون بالسؤال :

                  من هو اليهودي؟ وليس من هو الإسرائيلي؟

وتكمن الخطورة في هذا الموضوع من الناحية الإستراتيجيّة أن تتمّ المقايضة من قبل إسرائيل بين تعويض لليهود الذين غادروا الوطن العربي من العام 1948 بحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين. وممّا يؤكّد هذا التّوجّه العودة إلى محادثات كامب دايفد في تموز2000 حيث خلق الرّئيس الأميركي بيل كلينتون ربطاً مباشراً، بين حقوق اللاجئين الفلسطينيين وحقوق اللاجئين اليهود الذين اضطرّوا إلى مغادرة دول عربية، ومن بينها العراق وقد اقترح انشاء صندوق دولي يعالج مطالب اللاجئين العرب واليهود.

وتركز الحكومة الإسرائيليّة والوكالات الدوليّة اليهوديّة منذ عام 2002على قضية التعويضات. وقد تمّ انشاء مركز معلومات في وزارة العدل الإسرائيليّة في أيار 2002 متخصّص في ممتلكات اليهود الذين غادروا البلاد العربية سواء كانوا موجودين في إسرائيل أو في باقي دول العالم.

وتشير الدراسات إلى أنّ عدد اليهود في الدول العربية وصل إلى ما يقارب 700ألف نسمة من العام1950 . وعلى سبيل المثال لا الحصر، يبلغ عدد اليهود الذين غادروا العراق خلال الفترة التي تلت حرب 1948 ما بين 130 _150 ألف نسمة، وتمّ جذب ما يقارب 240 ألف يهودي من المغرب بعد عام 1948. كما يبلغ عدد اليهود من الجزائر الذين تمّ جذبهم إلى إسرائيل في عهد بومدين ما يقارب 141ألف نسمة. ولقد غادر حوالي 50 ألف يهودي يمني في نفس تلك الفترة أي بعد حرب 1948، ولم يبق في اليمن سوى 250عائلة يهودية فقط.

وترغب إسرائيل ربط حق تعويض اليهود العرب في إسرائيل بحق تعويض اللاجئين الفلسطينيين. وهذا الرّبط هو بداية منظمه لتحقيق المصالح الإسرائيلية فيما يتعلق بقضايا حق العودة والتعويض، وبالتالي تهميش القرار 194 الذي يقضي بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم في أقرب فرصة ممكنة والتعويض عن الأضرار النفسيّة والماديّة التي لحقت بهم جرّاء طردهم من ديارهم مما يفتح الباب على مصراعيه أمام إسرائيل في تحقيق مصالحها المنبثقة عن ضعفها الديمغرافي والجغرافي.

ولقد ارتفعت في السّنوات الأخيرة وتيرة الحديث عن ملفات التعويض لليهود من أصول عربية. وفي إسرائيل أصبح هناك تيار سياسي تبنّّّته كل الجاليات اليهودية من أصل عربي في إسرائيل للمطالبة بتلك الحقوق. وهذه الحركة المدنيّة الداخليّة في إسرائيل لا تخرج عن إطار المصالح الإستراتيجيّة العليا لإسرائيل. فمثلاً في عام 2004، تمّ فتح ملف تعويض الليبيين اليهود عمّا فقدوه من ممتلكات لدى هجرتهم إلى إسرائيل، وذلك بعد أن أعلنت ليبيا عن استعدادها للنظر في دفع مبالغ ماليّة لإنهاء خصومات تاريخية.

وفي سياق إستراتيجية إسرائيل المتعلقة بنعويضات اليهود العرب، فالهدف أيضاً هذه المرة أرض الكنانة والقضية قضية يهود مصر، فجاء التخطيط لعقد مؤتمر دولي ليهود مصر في القاهرة في شهر أيار من العام 2008 بمشاركة السفير الإسرائيلي بمصر. وخيراً فعلت السلطات المصرية عندما أحبطت هذه المؤامرة بعدم سماحها بعقد المؤتمر وهي كانت فعلت نفس الشيء عام 2006 فلم توافق وقتها على عقد المؤتمر العالمي ليهود مصر على أراضيها فعقد في جامعة حيفا تحت شعار نحن أبناء الخروج الثاني من مصر. وتحاول إسرائيل عبر هذه المؤتمرات المطالبة بتعويضات عما يسمى بممتلكات اليهود المصريين المهاجرين من أرض الكنانة، وضمن حملة منظمة اللوبي الإسرائيلي عالمياً تم الضغط على الكونغرس الأمريكي الذي أصدر قراراً يعتبر أن اليهود الذين غادروا بعض الدول العربية في حكم المهاجرين.

من الضروري الإقرار بأن تهويد فلسطين من البحر وحتى الحدود المفترضة للدولة الفلسطينية العتيدة هدف عقائدي اسرائيلي قائم في كل آن وحين، وإسرائيل اليهوديّة، مشروع إسرائيل المستقبلي والمصيري، هو الذي يحدّد طموح ورؤية المصالح الإسرائيليّة، وهو مشروع قائم على الأبعاد الدّيمغرافيّة والجغرافيّة. ويعتبر موضوع التعويض المادي والمعنوي ليهود العالم العربي بالنسبة لإسرائيل أحد أهمّ أوراقها المستقبليّة في إطار مشروعها إسرائيل اليهودية ، أو في إطار مفاوضاتها النهائيّة مع الفلسطينيّين لمقايضتهم مع حقوق اللاجئين الفلسطينيّين الذين صدرت في شأنهم قرارات دوليّة تضفي شرعيّة قانونيّة على حقوقهم، بعكس نظرائهم اليهود.

ستبقى إسرائيل حذرة في كشف أوراقها الاستراتيجيّة وفتح هذا الملف الآن خشية ظهور مطالب فلسطينيّة مقابلة لمطالبها، ممّا يضع الدّولة العبريّة في موقف حرج ولكن ورقة تعويضات اليهود العرب ستبقى ورقة إستراتيجيّة تخدم المصالح الإسرائيليّة. 


2010-09-28

النفوذ الصيني في أفريقيا يثير تساؤلات ومخاوف عند الغرب






سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
islam times
 28 - 9 - 2010

فصل من فصول العولمة يدور حالياً في أفريقيا ويكتب هذا الفصل الصينيون المتواجدون في مختلف أنحاء أفريقيا حيث يعملون في قطاعات البناء والإنتاج والتجارة. والاستثمارات الصينية وسّعت نطاق أعمالها في أفريقيا وتسللت إلى حياة القارة الأفريقية اليومية. والصين تحتاج إلى المواد الأولية التي تزخر بها القارة السوداء، من نفط ومعادن وأخشاب، وثروة سمكية ومنتجات زراعية. ومعظم الاستثمارات الصينية في افريقيا تتجة نحو الاستثمارات النفطيه وهي تمد الصين بنحو 10% من حاجتها من الطاقة.

فاستراتيجية الشركات الصينية لا تخرج عن الأهداف الاستراتيجية التي تعتمدها الدولة الصينية. حيث تعمل الحكومة على تشجيع الشركات على تأمين مدخلات حيوية، مثل الموارد الخام للاقتصاد. والدولة الصينية تملك أو تدير معظم الشركات الصينية العاملة في القارة الأفريقية. والاستثمارات الصينية في القارة السمراء تعبّر عن بعد نظر الدولة الصينية، وعن تحقيق أهداف بعيدة المدى. فهي تحاول الاستثمار بالمواد الأولية الأفريقية، وتسوّق منتوجاتها البسيطة والزهيدة الثمن وتعيد ترميم وبناء شبكات الطرق والسكك الحديدية والمباني الحكومية والمستشفيات. وكذلك تستثمر الصين في بناء السدود المائية على أنهر الكونغو والسودان وأثيوبيا لتذليل مشكلات الطاقة، وتقيم شبكات لاسلكية وشبكات متطورة من الألياف الضوئية في كل أفريقيا.

فالتجاره بين الصين وافريقيا زادت خمسين ضعفاً ويبلغ عدد الشركات الصينية على الأراضي الأفريقية900 شركة ، حيث حلت الصين مكان فرنسا واحتلت مرتبة ثاني أكبر شريك تجاري لأفريقيا. ويبلغ عدد الصينيين في أفريقيا ما يقارب المليون نسمة وهم أكبر جالية أجنبية في القارة. وعلى أفريقيا اقتناص فرصة تعاظم إقبال الصين على التجارة معها وهي موطن  300مليون نسمة من فقراء العالم. وتكاد تكون الصادرات الأفريقية إلى آسيا تقتصر على موارد الطاقة والمعادن الثمينة و85%من صادرات أفريقيا إلى الصين مصدرها بلدان غنية بالنفط وهي أنغولا وغينيا الإستوائية ونيجيريا وجمهورية الكونغو والسودان. وقد ارتفعت صادرات أفريقيا إلى الصين حيث يبلغ حجم هذه الصادرات ضعفي الصادرات إلى الولايات المتحدة وأربعة أضعاف الصادرات الأفريقية إلى الاتحاد الأوروبي.      

إن عمل الشركات الصينية واستراتيجيتها لا يخرجان عن إطار الخيار السياسي للصين القائم على إيجاد شركات عبر وطنية تستطيع أن تجعل من الصين قوة اقتصادية عالمية وهذا ما كان عبر عنه الرئيس السابق للصين جيانغ زيمين منذ عام 2001 حيث أعلن عن سياسة التوسع الخارجي لتشجيع الشركات على الاستثمار في  الخارج . 

وهنالك تنافس أوروبي أميركي صيني داخل أفريقيا، وهنالك قلق أوروبي من زيادة قوة الصين الاقتصادية في القارة السمراء. فالنفوذ الصيني في أفريقيا يثير تساؤلات ومخاوف عند الأوروبيين ، حيث إن المؤسسات والشركات الصينية باتت تملك مؤهلات وامتيازات لمنافسة الشركات الأمريكية والأوروبية في عدة مجالات. وقد دعا الاتحاد الأوروبي الصين إلى حوار ثلاثي مع أفريقيا يخدم مصالحهما المشتركة، لتجاوز النظرة التقليدية وتفادي المواجهة في مجالات التنمية واستغلال الموارد الخام في القارة السمراء. ولهذه الغاية عقد في بروكسيل في صيف 2007 مؤتمر نظّمته المفوضيّة الأوروبية تحت عنوان"شركاء ومتنافسون" غايته أن لا يكون التنافس بين الشركات الصينية والأوروبية على حساب أفريقيا .

إذاً لا يمكننا تجاهل البعد السياسي والاستراتيجي في الانتقادات الأوروبية والأمريكية لاستثمارات الشركات الصينية في أفريقيا . وإذا كانت محاولة الأوروبيين انتقاد الاستثمارات الصينية في أفريقيا من زاوية إغفال تلك الاستثمارات لقضايا الفساد ومكافحتها، وإلى كيفية تدعيم التنمية المستدامة. ولكن أصبح مفهوم التنمية المستدامة، يكتسب "مطاطية عجائبية" حيث بات يصلح لأن يُحشى بكل ما هبَّ ودبَّ من المشكلات التي تعاني منها البشرية والكرة الأرضية، سواء من حيث الأخطار التي تهدد البيئة من تلوث وتصحّر، أو من حيث مظاهر البؤس التي كانت ولا تزال رفيق البشرية من فقر وأوبئة وسؤ تغذية. مما يفتح الباب على مصراعيه لطرح إشكالية مفهوم التنمية المستدامة واستغلالة من قبل الدول الصناعية المتقدمة؟

الاستثمارت الصينية في أفريقيا  تدخل ضمن الرؤيه الاستراتيجية للدولة الصينية. وهذه الاستثمارات لا تخرج عن حيّز المنافسة بين الصين والمجموعة الأوروبية والولايات المتحدة، ولعل النفوذ الاستثماري الصيني في القارة الأفريقية هو بمثابة زلزال جيوسياسي، وإنجاز من إنجازات العولمة، قلب الموازين العالمية الاقتصادية والسياسية.

ويبقى التساؤل مشروعاً حول الاستثمارات التي تقوم بها الشركات الصينية؟

هل هذه الاستثمارات تدخل في إطار التعاون وتبادل المصالح أم تدخل في إطار السيطرة؟ وعندما يتعهد الرئيس الصيني برفع الاستثمارات الصينية في أمريكا اللاتينية إلى100مليار خلال السنوات العشر القادمة، في أي إطار تدخل هذه الاستثمارات؟ هل تدخل في الإطار الاقتصادي أم تأخذ أبعاداً سياسية؟

وردود الفعل الأمريكية والأوروبية على تنامي النفوذ الاستثماري الصيني في أفريقيا ما هي أبعاده؟ وفتح كثير من الدول أبوابها أمام الاستثمارت الصينية بشروط أسهل مما يتم مع الشركات الغربية، أين يمكن تبويبه في خانة التعاون أم في خانة السيطرة؟وغض النظر عن تجاوز حقوق الإنسان من قبل الشركات الصينية في أفريقيا ما هي أبعاده؟

هل نحن أمام مقاربة أيديولوجية أم يجب أن تكون هناك مقاربه علمية، ومعايير واضحة قائمة على مصلحة الإنسان وتنميته عند تقييم أي استثمار، سواء كان مصدر هذا الاستثمار شركة من الدول النامية أو من الدول المتقدمة وسواء كانت الشركة مملوكة من قبل الدول أو كانت للقطاع الخاص؟


2010-09-23

المسألة الديمغرافية تحمل أبعاد إستراتيجيّة مستقبليّة تحدّد ملامح الدولة العبريّة






سلام الربضي  \  باحث في العلاقات الدولية


في ما يتعلق بعرب إسرائيل لم يكن من قبيل الصدفة تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان حول أن المفاوضات مع الفلسطينيين يجب أن تجري على أساس "تبادل للأراضي والسكان". حيث جاء الإلحاح الإسرائيلي بأعتراف العرب بيهودية الدولة العبرية كشرط أساسي لإطلاق عملية التفاوض وفقاً لنتائج مؤتمر انابوليس2007 . وممّا يؤكّد هذا التّوجّه العودة إلى محادثات كامب دايفد في تموز2000 حيث خلق الرّئيس الأميركي بيل كلينتون ربطاً مباشراً، بين حقوق اللاجئين الفلسطينيين وحقوق اللاجئين اليهود الذين اضطرّوا إلى مغادرة دول عربية، وقد اقترح انشاء صندوق دولي يعالج مطالب اللاجئين العرب واليهود.

هذا الإلحاح الإسرائيلي يعبر في العمق عن ارتفاع منسوب الهواجس والقلق الوجودي، الذي بدأ يطفو على السطح تحت وطأة المتغيرات العاصفة التي تشهدها إسرائيل، من عامل النمو الديمغرافي في إسرائيل، بالإضافة إلى نتائج هزيمة إسرائيل في حرب تموز 2006 على لبنان وحرب غزة 2009 . وإسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يمارس فيها التطابق في شكل كامل بين الدين والقومية ويتم فيها اتباع معايير وأدوات دينية لفحص الانتماء إلى هذه القومية حيث ينشغل القادة الإسرائيليون بالسؤال :
                  من هو اليهودي؟ وليس من هو الإسرائيلي؟
فعندما تتكلم إسرائيل عن مصالحها ومجالها الحيوي لا يمكنها التمييز بين حدود 1948 وحدود 1967 لأنّ المهم بالنسبة لها هو أن تكون حدودها آمنة بصرف النظر عن موقع هذه الحدود وطبيعتها على الخريطة. فالحدود ترتبط في إسرائيل ارتباطاً عضوياً برؤيتها لطبيعة دولة إسرائيل، الدولة اليهوديّة. وهي لا تكتفي وفقاً لإستراتيجيّتها بتفتيت تلك المنطقة فقط بل أيضاً إعادة رسم حدودها السياسيّة وإعطاء نفسها الحق في التمدّد وفقاً لمقتضيات إستراتيجيّتها ومجالها الحيوي، واضعة نصب عينيها القنبلة الديموغرافيّة التي سوف تواجهها وفق رؤيتها لمشروع إسرائيل الجديدة أي إسرائيل اليهوديّة. فالميزان الديمغرافي لا يعمل لمصلحة إسرائيل لأنّ الانفجار السكاني الفلسطيني سيظل كفيلاً بتوفير القلق الوجودي الدائم لنظريّة الغالبيّة اليهوديّة.

والإستراتيجيّة الإسرائيليّة تدور في فلك الإجابة على السؤال التالي :

 كيف يمكن لإسرائيل مواجهة الخطر الديمغرافي العربي داخل حدود الدّولة 
 الإسرائيليّة وفي الأراضي الفسطينيّة التي تقع تحت سيطرتها منذ العام 1967؟

فالمعضلة الأساسية الأولى التي تواجهها إسرائيل منذ انتصاراتها السريعة والمفاجئة في حرب 67 تتمثل في إيجاد الصيغ العلمية الكفيلة بالاحتفاظ بالأراضي المحتلة، ودمجها في فضائها السيادي لغايات أمنية وإستراتيجية ودينية، مع تفادي المخاطر الجسيمة المنجرة عن منح المواطنة لسكانها. حيث يؤدي ذلك إلى خلق دولة مزدوجة القومية يصل فيها العرب نسبة 35% من السكان وسيصبحون بعد عقود أغلبية داخل إسرائيل .

إنّ إشكاليّة الديمغرافيا في المساحة بين النهر والبحر تعني أنّ هناك سيولة في ترسيم الحدود وحركة السكان بين الماءين. والترسيم يحمل لأوّل مرّة حركة باتجاهين، تحريك الخط الأخضر"حدود الرّابع من حزيران" شرقاً بحيث تضمّ إسرائيل نهائياً مراكز استيطانيّة كبيرة، مثل ضمّ إسرائيل الأحياء الفلسطينيّة حول القدس مثلاً، أو غرباً بحيث يتمّ التخلص من تجمّعات فلسطينيّة داخل إسرائيل متاخمة للضفة الغربية. وتهجير الفلسطينيين لا ينحصر في سكان المناطق المحتلة لعام1967بل تشمل المخططات الديمغرافيّة الفلسطينيّة داخل إسرائيل نفسها، وهنا يتمّ تداول جملة من الأفكار السّاعية إلى الهدف ذاته، وهو تفريغ إسرائيل الجديدة من سكانها الفلسطينيين عبر تعديلات حدوديّة غربي الخط الأخضر.

فمثلاً رسم الحدود غربي وادي عمارة في منطقة المثلث المتاخمة للضفة الغربية يتمّ من جانب واحد بإلحاق150ألف فلسطيني في إسرائيل بمناطق الكيان الفلسطيني الذي سينشأ. فالنمو السكاني والأرض هاجس إسرائيل وهناك استراتيجيّات هدفها العمل على نقل الفلسطينيين من داخل إسرائيل "عرب48" إلى الكيان الفلسطيني الجديد، لأنّ هذا الكيان بنظرهم سيشكل حلاً لكل الفلسطينيين داخل الدولة اليهوديّة. وإنّ إمكانيّة الذهاب مع الديمغرافيا شوطاً جديداً تبقى واردة وهي في صميم المصالح الإسرائيليّة الإستراتيجيّة. ومن هذه المشاريع التي تعبّر عن هذا الواقع مشروع "تمام 6"، الذي يصادر بقية أراضي48 وهو مشروع يعطي صوراً جديدة لمنطقة الشمال في إسرائيل.

ومخطط تكثيف الاستيطان يستهدف تكريس الاحتلال الإسرائيلي الحالي في الضفة وجنوب غزة والجولان، واستكمال تهويد الأراضي في هذه المناطق بما يخلق أمراً واقعاً يصعب تغييره في المستقبل، أو حتى التفاوض بشأنه. وبحيث تشكل هذه المستوطنات أرضاً رحبة لاستيعاب مزيداً من المهاجرين اليهود، وبما يخفف من وطأة المشكلة الديموغرافية التي تعاني منها إسرائيل، ويخلق حافزاً للتدخل العسكري الإسرائيلي مستقبلاً ضد المناطق العربية، حتى في حالة انسحاب القوات الإسرائيلية منها في إطار التفاوض حول مستقبل الأراضي المحتلة، كما هو الأمر في مدينة الخليل والقدس الشرقية.

فلا وجود ولا مستقبل بالمنظور الإستراتيجي الإسرائيلي للدولة العبرية إلا بالسّيطرة الفعليّة والكليّة بالوجود السّكاني الخالص لليهود في حدودها. وتعتمد إسرائيل في تحديد مصالحها الاستراتيجيّة وإدارة صراعها مع دول المنطقة على منهج واضح ودائم يرتكز على الدّعامات التالية:
1- اعتماد إسرائيل في المقام الأوّل على قواها وقدراتها الذاتيّة وأن تعمل باستمرار على تطويرها بحيث تحقق التفوّق على كل من يعتبر أو يشكل تهديداً لأمنها القومي الحيوي.
2- ادراك إسرائيل حاجتها إلى حلفاء أقوياء تعتمد على خدماتهم، ولكن يجب عدم ربط الأمن القومي الإسرائيلي بمصير أحد.
3- اعتماد الحلفاء على إسرائيل منهج يجب ترسيخه فبوسعهم الاعتماد على إسرائيل بمقدار اعتمادها عليهم، وبالتالي حاجتهم لإسرائيل هي بمقدار حاجتها لهم أن لم يكن أكثر، حيث تبقى القوة هي حجر الزاوية لكل جهد إسرائيلي يستهدف كسب حلفاء جدد، والمحافظة على تحالفات قائمة.
4- كلّ ما هو عربي أو إسلامي وليس فلسطينياً فحسب يشكل تهديداً حاضراً أم مستقبلاً للأمن القومي الإسرائيلي. فالسّمة الأيديولوجيّة لأي نظام لا تعني إسرائيل بشيء بمقدار طبيعة سلوك وممارسة تلك الأنظمة تجاه المصالح الإسرائيليّة الإستراتيجيّة القوميّة.
5-  لا تهتم إسرائيل كثيراً بما إذا كانت الدّولة العربيّة أو الإسلاميّة المعنيّة ديمقراطيّة أو غير ديمقراطيّة، وطنيّة أو قوميّة، رأسماليّة أو اشتراكيّة، علمانيّة أو غير علمانيّة. انّ كل دولة تقع في إطار مجالها الحيوي الإستراتيجي وتعتمد نظاماً سياسياً قوياً ومتماسكاً، لديه سياسة مستقلة يمكن أن تشكل خطراً أمنياً أو مستقبلياً على الأمن القومي الإسرائيلي. وذلك بغضّ النظر عمّا إذا كان هذا النظام السّياسي مرتبطاً مع إسرائيل بمعاهدة سلام أو حسن جوار.

من هذا المنطلق تعتقد إسرائيل بأنّه عليها عدم الثقة والاعتماد على أي كان، بل العمل على اضعاف وتفتيت المحيط مهما كانت النتيجة. وبالتالي يجب إقامة إسرائيل الكبري ذات الهوية اليهودية النقية، كقوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط، ولتحقيق ذلك مستقبلياً – وفي ضوء ما يسمي بعملية السلام التي قبلها العرب-  فإن على إسرائيل أن تسعي من خلال معاهدات السلام وترسيم الحدود إلى ضم ما تستطيعه من المناطق التي احتلتها في عام 1967، والتي تحقق متطلبات أمنها من وجهة النظر الجيوإستراتيجية، ويكفل لها الحصول على مصادر مياه إضافية، وفرض شرعيتها على تلك الأراضي، مع إخلائها من السكان العرب حفاظاً على الهوية اليهودية، على أن تعمل الإستراتيجية العسكرية على تحقيق ذلك من خلال الردع الوقائي ، وتأمين عمليات الضم والاستيطان وتهويد الأراضي، والتحكم في المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً مع الاعتماد على الذات عسكرياًًًً واقتصادياً.

العقدة الديمغرافيّة والأمنيّة ستبقى وقد تكون بمثابة مفتاح الحل لكثير من تلك المعضلات التي تعاني منها إسرائيل، فمسألة الديمغرافيا تحمل أبعاد إستراتيجيّة مستقبليّة تحدّد ملامح الدولة العبريّة ومصيرها. حيث تحاول إسرائيل شرعنة وجودها في المنطقة بكافة الوسائل وشتى الطرق وترى أنّ عليها الاعتماد على تغيير النمط السائد لشكل الدولة، من النمط القومي إلى النمط الديني المذهبي.  ويعتبر موضوع التعويض المادي والمعنوي ليهود العالم العربي بالنسبة لإسرائيل أحد أهمّ أوراقها المستقبليّة في إطار مشروعها إسرائيل اليهودية، أو في إطار مفاوضاتها النهائيّة مع الفلسطينيّين لمقايضتهم مع حقوق اللاجئين الفلسطينيّين الذين صدرت في شأنهم قرارات دوليّة تضفي شرعيّة قانونيّة على حقوقهم، بعكس نظرائهم اليهود.

ويبدو أنّ الإسرائيليين الذين رضخوا للجغرافيا، ولو مؤقّتاً، وقبلوا مرغمين على الانكفاء عن أرض فلسطينيّة، يريدون تفويض أنفسهم عن المستوى الديمغرافي من خلال إخلاء إسرائيل اليهوديّة في حدودها بعد انسحاب الحدّ الأقصى من العرب. وبالمنظور الإسرائيلي لا يمكن معالجة مسألة اللاجئين العرب عام 1948 دون أن الأخذ بالحسبان عدداً مماثلاً من اللاجئين اليهود الذين طردوا من الدول العربية، فمن وجهة النظر الإسرائيلية جرت عملية تبادل سكاني بين الدول العربية، ودولة إسرائيل: العرب هربوا خوفاً من الحرب، بينما طرد اليهود من الدول العربية في أعقاب تلك الحرب.

ومشروع إسرائيل الجديد القائم على الإمساك بالديمغرافيا والعبث بالجغرافيا كان يرى بالعراق منذ احتلاله من قبل الولايات المتحدة سبيلاً في تحقيقه، فالعراق قد يقدم مستقبلاً أفضل مساهمة في حل مشكلة الخطر الديمغرافي الذي يقضّ مضاجع الأمن القومي الإسرائيلي.

فهل يمكن القول أنّ هناك ظروف قد نشأت نتيجة للحرب على العراق وتغيير نظام الحكم فيه قد تحوّل العراق مستقبلاً إلى الدولة العربية الأولى التي ستجابه ماضيها في مجال النظرة لليهود؟ 

تبقى إسرائيل حذرة في كشف أوراقها الاستراتيجيّة وفتح هذا الملف الآن خشية ظهور مطالب فلسطينيّة وعربية مقابلة لمطالبها، ممّا يضع الدّولة العبريّة في موقف حرج ولكن ورقة تعويضات اليهود العرب ستبقى ورقة إستراتيجيّة تخدم المصالح الإسرائيليّة.


2010-09-16

في مفهوم العولمة






سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
صحيفة المتوسط اونلاين
31-10-2010

بات مصطلح " العولمة " أو " الكوننة" ، من المفردات الأكثر شيوعاً في أواخر التسعينات ، لكنه بداً بالظهور منذ أواسط الستينات بفضل مؤلفين شهيرين هما : مارشال مال لوهان وكنتن فيور ، بالإضافة إلى الكاتب زيغنينو بريجنسي. ويبدو أن صياغة تعريف للعولمة مسألة شاقة وذلك بسبب تعدد التعريفات لهذا المفهوم ، حيث يتأثر الباحثين غالباً بموقفهم المسبق من العولمة ، فمنهم من يؤيد ، ومنهم من يرفض العولمة. وعلى الرغم من كل أثار العولمة التي تظهر في الأفق إلا أن  موضوعها لا يزال صعب التحديد، ويصعب وضعه في إطار منهجي محدد ، فالعولمة عملية تاريخية تحاول أطراف مختلفة  أن تدفع بها إلى طرق مختلفة  وإن كانت ترمي في النهاية إلى هدف واحد .

والعولمة في مفهومها العام كما تدل الصياغة اللغوية ، تشير إلى عملية مستمرة من التحول والتغيير ، فعندما نقول عولمة النظام الاقتصادي أو عولمة النظم السياسية ، أو عولمة الثقافة ، فإن ذلك يعني تحول كل منها من الإطار القومي ليندمج ويتكامل مع النظم الأخرى في إطار عالمي . والعولمة كمفهوم متطور، ينظر لها على انها اتجاه متنام يصبح معه العالم دائرة اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية واحدة ، تتلاشى في داخلها الحدود بين الدول.

والعولمة يدافع عنها البعض ويهاجمها البعض الآخر، حيث يرى منهم أنها : تبشر بوعود مشرقة للجميع وهناك من يعتبرها الوجه الآخر للهيمنة الامبريالية على العالم ، تحت الزعامة المنفردة للولايات المتحدة الأمريكية. وهي حركة جهنيمية تنطلق بسرعة وتخطف في طريقها الآمال والآحلام. ولقد استخدم مفهوم العولمة للتعبير عن اقتصاد السوق، بعد فشل تجربة الأنظمة الاشتراكية واعتبار اقتصاد السوق هو المنتصر النهائي، مما جعل البعض يتكلم عن نهاية التاريخ ونهاية الأيديولوجيا والجغرافيا السياسية.

وهناك وجهة نظر تقول بأن العولمة هي عملية الدخول بسبب تطور الثورة المعلوماتية والتقنية والاقتصادية معاً، في طور التطور الحضاري ، يصبح فيه مصير الإنسانية موحداً أو نازعاً للتوحد. إذ يرى جيمس روزناو أحد علماء السياسة الأمريكية، بأن العولمة علاقة بين مستويات متعددة للتحاليل الاقتصادية والسياسية والثقافية والأيديولوجية .

لا شك أن المفهوم الفكري للعولمة لم يتبلور ويستقر بعد ، وهذا راجع إلى أسباب متبانية عدة منها الخضوع إلى منهج ذاتي في التحليل، ورغبة في تزكية مسلمات أيديولوجية معينة وإغفال أو غض النظر عن معطيات ووقائع جديدة أهمها العملية التطورية العالمية ، ويقصد بذلك التقدم العلمي والتقني العاصف والسريع .

وعلى الرغم من أن عملية العولمة قد ضربت جذورها في الأعماق ، إلا أنها لا تزال غير واضحة المعالم ، لا من حيث تحديد مفهوم الظاهرة أو من حيث اختيارها على أرض الواقع . وتاريخياً تعتبر العولمة ليست ظاهرة جديدة ، بل أن بداياتها الأولى ترجع إلى نهاية القرن السادس عشر، مع بدء عملية الاستعمار الغربي لآسيا وأفريقيا والأمريكيتين. ثم اقترنت بتطور النظام التجاري الحديث في أوروبا، الآمر الذي أدى إلى ولادة نظام عالمي متشابك ومعقد عرف بالعالمية ثم العولمة بعد ذلك.

يتضح من ذلك أن ظاهرة العولمة ليست وليدة هذا العصر الحاضر، وانما هي ظاهرة ذات أصول تاريخية وربما تيارات تاريخية يمكن أن تدرس بشكل واضح ملموس . وأذا كانت العولمة ظاهرة ذات أصول تاريخية، فهذا يحتم علينا أن نلجأ إلى تحقيب التاريخ بأعتباره المنهج الذي يمكننا من وضع هذه الظاهرة في سياقها التاريخي . وفي هذا الإطار، يمكن الاشاره إلى عدد من ألاحداث الرئيسية التي مهدت للعولمة ونذكرها على سبيل الذكر وليس الحصر:

عام 1866 أول خدمة دولية للتلغراف عبر المحيطات .عام 1884 إدخال نظام التنسيق على مستوى العالم للساعات وفقاً لتوقيت غرينش.عام 1891 أول نظام للاتصال التلفوني بين لندن وباريس .عام 1920 أول إذاعة بالراديو من محطة :"K.D.K,A " الأمريكية .عام 1929 أول نظام لانتقال الأموال عبر الحدود الدولية دون ضرائب في لوكسمبورغ .عام 1930 ربط بين 242 محطة عبر ست قارات في آن واحد .عام 1949 إدخال نظام العطلات المترابطة ، الذي شجع السياحة  العالمية على نطاق واسع .عام 1957 عصر القذائف البلاستيكية العابرة للقارات.عام 1957 إطلاق أول قمر صناعي إلى الفضاء الخارجي .عام 1962 بدء أول اتصالات دولية بالآقمار الصناعية .عام 1969 أول طائرة نفاثة واسعة الحجم من طراز بوينغ 727 .عام 1971 إنشاء أول نظام إلكتروني لأسعار صرف الأوراق المالية .عام 1972 أول مؤتمر دولي للتنمية البشرية .عام 1974 الحكومة الأمريكية تزيل القيود على أسعار صرف العملات الأجنبية .عام 1976 بدأ أول بث مباشر بالأقمار الصناعية (الستالايت) .عام 1977 إتمام ربط كامل للأنسجة البصرية حول العالم الأمر الذي سهل عملية استخدام الوسائط المتعددة والمحمولة وغيرها .عام 1994 اتفاقية منظمة التجارة العالمية بدلاً من GATT.

يمكن القول أن للعولمة تاريخاً قديماً وليست فقط نتاج العقود الماضية، التي ازدهر فيها مفهوم العولمة وذاع وانتشر، وأصبح أحد المفاهيم الرئيسية لتحليل الكثير من الظواهر المتعددة ، ولعل مما جعل العولمة تبرز آثارها في هذه المرحلة التاريخية، هو تعمق آثار الثورة العلمية والثقافية من جانب، والتطورات الكبرى التي حصلت في عالم الاتصال والتكنولوجيا من جانب آخر .إذ إن تسارع تكنولوجيا الاتصال أدى إلى تطور واتساع مفهوم العولمة التي أصبحت الآن السمة المميزة للتاريخ المعاصر وغدت كما لو كانت تياراً متدفقاً يسري في أوصال هذا العالم .

2010-09-06

لبنان والعروبة (ج 2 )







سلام الربضي \ باحث ومؤلف في العلاقات الدولية

منبر الحرية بالشراكة مع معهد كيتو \ الولايات المتحدة الأمريكية.

4  \ 9 \ 2010


عندما نتحدث عن العروبة، علينا أن نفرق بين مفاهيم ثلاثة :

-       العروبة كواقع إنساني وجغرافي وتاريخي.
-       العروبة كمجال حيوي وهوية ومصير مشترك.
-       العروبة كأيديولوجية قومية.

وعند التحدث عن لبنان، علينا أن نتخلى عن ثلاثة مواقف مسبقة، تعطل أو تشوه نظرتنا إليه.

-       الطائفية التي مصدرها الشعور بالخوف أو الشعور بالغبن.
-       الشوفينية التي لم تعد تتلاءم مع روح العصر.
-       الأيديولوجية القومية أو الطبقية التي تتجاهل بعض الخصائص الهامة للوجود اللبناني  .


وإشكالية العلاقة بين لبنان والعروبة قد تصاغ على شكل التساؤلات التالية :
هل هناك تناقض أساسي بين مصلحة لبنان، أي مصلحة الشعب اللبناني، ومصلحة الكيان اللبناني وبين العروبة فى جوهرها؟
هل نظرية القومية اللبنانية بخصوصيتها وبمعطياتها التاريخية والعاطفية تقوى أمام المستلزمات الموضوعية التي قد تشد لبنان إلى العروبة؟
  
لا يمكن أن يقوم أي شكل من أشكال الوحدة أو الاتحاد على أساس عاطفي أو ديني أو عرقي أو على أساس إذابة القوميات والأمم في ذلك البلد أو تلك الدولة. أو على أساس سيطرة دولة على أخرى سواء كان ذلك اقتصادياً أو سياسياً كما لا يمكن لأي شعب أن يقرر مصيره إنطلاقاً من اعتبارات ظرفية أو مكانية، إننا في الوطن العربي إذا بنا نعيش في كل بلد المعاضل والساعات التي يعيشها البلد الآخر فما يحصل في العراق أو مصر أو الأردن كأنه يحصل في لبنان موافقة أومعارضة وبالتالي لا يسعنا فهم المعضلة اللبنانية دون فهم المحيط العربي.

ولبنان قد يكون حاجة إلى العرب لا سيما في الوقت الحاضر حيث الطور التاريخي الذي تمر به البلدان العربية وما يرافقها من حالة اضطراب نفسي وخارجي. وما ينجم عن تلك الحالة من ردات فعل تنسجم كلها في التضييق على الحريات السياسية كقيود على الصحافة، والدينية والفكرية في مجال تغير الأديان وافتقادها مثلاً، وفي الانغلاق على الخارج، وبالتالي فالأضواء مسلطة ساطعة على هذا البلد الصغير لبنان، وما يتميز به من مساحة واسعة من الحرية ، وما أحوج الوطن العربي إلى مثل لبنان القريب منه والمستقبل المميز عنه في آن واحد.

ويوم لبنان يفقد طابعه المميز وحريته، لا يخسر ذاته بمقدار ما يخسره العرب أنفسهم فإذا كانت القومية اللبنانية قبل كل شيء حرية وانفتاح وانعتاق وتفاعل خصب وخدمة مستمرة، فإن الوطن العربي لا يسعه أن يكون أقل تحمساً من هؤلاء المنادين بها والمحافظة على لبنان مستقل خدمة للعرب قبل أن تكون خدمة للبنان.

فمن لا يخلص في خدمة لبنان، ويقوم بموحباته الوطنية نحوه بإيمان كلي وتضحية مستمرة، لا يسعه أن يكون صادقاً في حبه للعرب، ولا يخدم القضية العربية، لأن الإخلاص لا يتجزأ ولأن تقدم الجزء يؤدي لا محالة إلى تقدم الكل. وإذا نظرنا إلى الخارج لرأينا أن العالم لا ينظر إلى مجموعة البلدان العربية إلا نظرته إلى بلد واحد ولا يعطي العالم الخارجي لأحد البلدان العربية أهمية إلا بمقدار ما هو عريق ويمثل وجهة نظر سائر البلدان العربية أو لا يمثل. 

فالوجود التاريخي والسياسي لكافة أقطار الوطن العربي وجود عربي واضح، كما إن أحكام الجغرافيا تفرض على بعض الدول لعب أدوار إقليمية فمصر برغم كبر حجمها وطاقاتها ومركزها لم تستطيع أن تعيش خارج محيطها العربي _ بعد توقيع اتفاقية كامب دايفيد 1978_   فترة طويلة على الرغم من كل ما تقدم لها من الغرب. فالعلاقات بين البلدان العربية ليست مطلق علاقة إنسان بإنسان، وليست عملاً تركيبياً بشكل اعتباطي، وليست عملية نستملحها أو نستقبحها، بل هي تحكي الواقع الحياتي.

وهنالك الكثير من المشاكل الملحة التي تفرض نفسها على عالمنا العربي حالياً، فمثلاً كيف نواجه الاحتلال الإسرائيلي؟ كيف يستعيد الشعب الفلسطيني حقه القومي في وطنه؟ كيف نحرر العراق؟ كيف يمكن الحفاظ على استقرار السودان؟ كيف نجعل الثروات الطبيعية والمالية مجلبة خير على جميع العرب؟ فالإدعاء بالعصمة والكمال سذاجة ووهم وعلينا الاعتراف بوجوب التطور والانفتاح، وهذا الموقف يملي علينا وجوب الإنعكاف على ذواتنا لنصل إلى حقيقة واقعنا عن طريق المنطق ولا نكتفي بالعاطفة طريقاً لها.

فواقعنا بحاجة إلى الكثير من التوضيح والتكميل والوطنية ليست مجرد شعور تجاه الوطن وعاطفة، ولكنها أفعال وأعمال تنم عن شعور وعن عاطفة لا يكفي أن نثيرها من اجله نتألم لما نرى ونشاهد في بلادنا من مأسي وانحرافات وأن نعلن ألمنا وننشره كتابة وكلاماً لكي نعتبر موفين قسطنا من الوطنية، لا بل ذلك الموقف النظري الخارجي قد يلحق الضرر بالبلاد إذا لم يقترن بتنفيذ الموجبات والالتزامات الوطنية، تنفيذاً مثالياً صارماً لا سيما من ناحية التضحية.


2010-09-03

التآكل في العلاقات التركية الإسرائيلية واستبعاد التغيّر الاستراتيجي





إعداد: سلام الربضي، باحث في العلاقات الدولية [1]  

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات \ بيروت
1 \ 9 \ 2010


العلاقات التركية الإسرائيليّة تشهد في هذه الفترة الخطيرة حالة من التوتر[2]، رغم المحاولات من أجل تصفية الخلافات القائمة. وقد كشفت العلاقات المتوترة بين البلدين عن نفسها بصورة واضحة عندما اتهمت تركيا إسرائيل بممارسة "إرهاب الدولة" ضد الفلسطينيين. وبالطبع فإنّ هذا الاتهام عكس التوتر في العلاقات بين البلدين خاصة بعد حرب غزة، والانتقادات التركية أصبحت أكثر حدّة تجاه إسرائيل منذ احتلال العراق، لتعبّر عن الاستياء التركي من السّياسة الإسرائيليّة في العراق وفلسطين ولبنان[3].
وتثير تركيا في حركتها الناشطة إقليمياً لتصفية الخلافات وعقد التفاهمات، أسئلة متباينة الاتجاهات من قبيل:


- هل تركيا تسعى إلى محور إستراتيجي إقليمي يجمعها بسوريا وإيران ويبعدها عن إسرائيل؟

- هل خيار تركيا الاستراتيجي قائم على رغبتها في تراكم الإحلاف للتقدم إستراتيجياً ؟

- هل تكون الحركة التركية الجديدة منسقة وغير بعيدة عن الإستراتيجية الأميركية مع الاحتفاظ بقدر من الحرية للمناورة في الجزئيات والتفاصيل؟

تساؤلات تطرح ولا تكون الإجابة عليها ممكنة إلا انطلاقاً من التذكير بمسلمات أساسية وتحليل الوقائع مما يساهم في فهم المشهد المستجد في العلاقات الإقليمية التي تنسجها تركيا واثرها على الإستراتيجية الإسرائيلية. 

المبحث الأول: كردستان العراق ولعبة تبدل المصالح والأثمان


تركيا تجد أنّه كلما ازداد التغلغل الإسرائيلي في العراق وتحديداً شمالاً فإنّ ذلك سوف ينعكس سلباً على المستوى الأمني والسّياسي وعلى دورها الإقليمي. والمصالح الإسرائيليّة في شمال العراق المتمثّلة بدعم الأكراد تأتي من منطلق احتواء الخطر على وضع إسرائيل الإستراتيجي؛ فإسرائيل تشعر بالدّرجة الأولى بأنّّّها مهدّدة من إيران سواء على صعيد برنامج التسلح الإيراني أو تعزيز إيران لموقعها الإقليمي، وتحاول من خلال الورقة الكرديّة إيجاد توازن إستراتيجي مع النفوذ الإيراني في جنوب العراق.

وإذا أردنا معرفة مدى تغلغل النفوذ الإسرائيلي في شمال العراق، فما علينا فعله سوى تتبع مسار العلاقات التركية الإسرائيليّة في الآونة الأخيرة، حيث أصبحت تركيا تنظر باستياء شديد لمدى تدخل وتكثيف الوجود الاستخباراتي العسكري والاقتصادي الإسرائيلي في شمال العراق. وهذا ما قد صرّحت به الحكومة التركيّة على لسان رئيس الوزارء التركي أردغان منذ احتلال الولايات المتحدة للعراق. 

ولقد تمّ نشر الكثير من التقارير التي تحدّثت عن قيام إسرائيل بتدريب الميليشيات الكرديّة في شمال العراق، وتورّطها في عمليّات سرّيّة بدول مجاورة ممّا أدّى إلى مزيد من التوتّّر في العلاقات التركية الإسرائيليّة. ورغم نفي كل من إسرائيل والقيادات الكرديّة في شمالي العراق لهذه التقارير، فإنّ تركيا لم تقتنع خاصة مع ورود تقارير أخرى أشارت إلى قيام إسرائيل بإرسال عملاء لها داخل إيران للحصول على معلومات عن برنامجها النووي[4].

حقيقة المصالح الإسرائيليّة في دعم الأكراد تأتي من منطلق تشتيت القرار السياسي والأمني القومي في العراق، وتوزيع الامكانيّات الاقتصاديّة والعسكريّة على أكبر عدد ممكن من الجبهات لتبقى الجبهة الشرقيّة لإسرائيل أكثر أمنا. وتحاول إسرائيل من خلال التغلغل في شمال العراق سدّ الفراغ السياسي والأمني في حال لم تستطع الولايات المتحدة الأميركيّة السّيطرة على العراق أو فشل مشروعها فيه. ومن هذا المنطلق يجب على إسرائيل أن تبحث عن خيارات وبدائل استراتيجيّة لها تحسّباً لأيّ مستجدّ، وهو ما تجده في كردستان شمال العراق [5].

ومن منظور إستراتيجي أمني وسياسي، فإنّ التواجد الإسرائيلي في شمال العراق يعتبر بمثابة ورقة ضغط على كلّّ من سوريا وتركيا وإيران، وخاصّة على المستوى العسكري والأمني حيث أصبحت عملية التجسّس الإسرائيليّة من خلال الأجهزة المتطوّرة أكثر خطورة على تلك الدّول أو من خلال ما يمكن القيام به على صعيد اللّعب بالورقة الكرديّة سياسياً. وتنامي الدّور الإسرائيلي عبر البوابة الكرديّة، والدّور الإيراني عبر البوابة الشيعيّة، يعني أنّ اسرائيل وإيران هما اللاعبان الأساسيّان في العراق بعد الولايات المتحدة [6].

إسرائيل تعمل في شمال العراق وفقاً لما يخدم مصالحها، ومن الطبيعي أن تكون متضاربة مع المصالح التركية فهل سينعكس ذلك على التحالف الاستراتيجي التركي الإسرائيلي؟ وهل هذا الواقع سوف يجعل الولايات المتحدة الأميركيّة مضطرة للاختيار ما بين مصالح إسرائيل في شمال العراق وبين تركيا، حليفتها الإستراتيجيّة؟

دائماً تطرح فكرة أن أمام أميركا خياراً واحداً فقط حين يتعلق الأمر بتركيا وكرد العراق، وهو أنه يجب أن تدعم تركيا على حساب الكرد. هذا الطرح يؤمن به كثيرون في تركيا والمنطقة عموماً والجدل حول هذا الموضوع لم يتوقف منذ قررت الولايات المتحدة إقامة الملاذ الآمن لكرد العراق في ربيع 1991 ودعمها الضمني لتحوله لاحقاً إقليماً لكردستان العراق خارج سلطة بغداد قبل أن يكتسب الإقليم الشرعية بموجب الدستور العراقي الذي أقرّه الشعب في استفتاء 2006، وهذا الجدل اكتسب طابعاً حاداً بعد رفض تركيا مرور القوات الأمريكية عبر أراضيها لاحتلال العراق[7].

من دون الخوض في إشكالية علاقة الولايات المتحدة مع الأكراد وتركيا، فمن الخطأ تأكيد صحة الافتراض القائل أن التحالف الأمريكي التركي يجب أن يعني دائماً ضمناً أو مباشرة، أنه على حساب كرد العراق [8]. وهذا لا يعني بالضرورة صحة افتراض معاكس مفاده أن مصلحة أميركا في التحالف مع الكرد على حساب تركيا. الأصح يتمثل في أن التحالف الأمريكي التركي يمكن أن يعزز أكثر المصالح الإستراتيجية لتركيا في المنطقة، إذا أصبح كرد العراق طرفاً ثالثاً فيه [9]. 

الأكيد أيضاً أن تحقيق الاستقرار والحدود الآمنة بين تركيا وإقليم كردستان يخدم مصالح العراق، إذا أخذنا بالاعتبار الانعكاسات السلبية التي يسببها أي توتر بين تركيا والإقليم الذي هو جزء من العراق على العلاقات بين العراق وتركيا. كذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة االتي لها مصالح مشتركة وبعيدة الأمد في العراق، ويهمها إقامة علاقات إستراتيجية بين العراق وتركيا.

ولكن هل تسمح حكومة إقليم كردستان لحزب العمال الكردستاني أن يقف عائقاً أمام تحالف ممكن مع تركيا وأميركا يخدم مصالحها على المدى البعيد؟

أن آفاق مثل هذا التحالف يستحق من إقليم كردستان العراق تفكيراً براغماتياً وجهداً حقيقياً، لإيجاد السبل الكفيلة بالوصول إلى هذا الهدف الإستراتيجي[10]. وهذه الرؤية تبقى مرتبطة بمقاربة إسرائيل لهذا الواقع على علاقتها مع الأكراد، وكيفية تقيّيم إسرائيل لما يجري في شمال العراق على مصالحها الإستراتيجيّة وأمنها القومي، وتحديداً ما بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني. كما أنّ الخطر الإيراني سيكون هو العامل الرئيسي في تحديد خيارات إسرائيل الإستراتيجيّة في تلك المنطقة. 

أنها قد تكون لعبة تبدّل المصالح والأثمان حيث تتخوف إسرائيل من قدرة إيران على الخروج من أزمتها النوويّة مع مجلس الأمن والولايات المتحدة الأميركيّة بأقل الأضرار، مما يترتّب على إسرائيل ضرورة اتخاذ قرارات قد تكون صعبة للغاية [11].

وفي هذا الإطار تحاول إسرائيل تحريض تركيا على إيران، معتمدة على ملف الدعم الإيراني لحزب العمال الكردستاني من أجل أن تلعب تركيا دوراً في تسهيل ضرب المنشآت النوويّة الإيرانيّة [12].

فمنذ توقيع الاتفاقية الإستراتيجية بين البلدين في عام 1996، كانت تسعى إسرائيل إلى تحقيق عدة أهداف إستراتيجيّة من جرّاء تعاونها الإستراتيجي مع تركيا، من أهمها الضغط على إيران حيث ترى إسرائيل فيها قوّة إقليميّة تشكل خطراً عليها في حال استطاعت إيران امتلاك القنبلة النّووية. بالإضافة إلى أنّ إيران تمتلك بنية عسكريّة متقدّمة وأسلحة دمار شامل وأسلحة كيماويّة. كما أنّّها دولة مصنّّّّعة للأسلحة وبالذّات الصّواريخ البالستيّة، يضاف إلى ذلك أنّ إيران هي داعم رئيسي للمقاومة في لبنان وفلسطين [13].

المبحث الثاني: السياسة التركية الجديدة كقوة ناعمة ومؤثرة في محيطها

منذ وصول الإسلاميين للحكم في تركيا تحاول الحكومة التركية القيام بجهود دبلوماسيّة بارزة لتدعيم العلاقات التركية مع العالم الإسلامي والعربي، والتي شابها الكثير من التوتر بسبب تنامي العلاقات الإسرائيليّة التركية [14]، حيث قامت أنقرة بتسوية خلافاتها مع سوريا وأصبحت هي الوسيط في مفاوضات السلام بين إسرئيل وسوريا كذلك عملت على توثيق علاقتها التجارية مع سوريا من خلال الغاء تأشيرات الدخول بين البلدين [15]. وعلى الرغم من التطورات الإيجابية التي أصابت العلاقة بين سوريا وتركيا في العقد الأخير من القرن الماضي وحتى اليوم. 

ولكن،هل يمكن القول أن البلدين قد تحررا من الصور والمدارك النمطية [16] التي كانت سائدة بينهما؟ وهل التقارب الحالي يوصلهما إلى مرحلة العلاقات الإستراتيجية القابلة للاستمرار؟ [17].

استشراف العلاقة بين الدولتين عمل محفوف بالمخاطر وبمثابة تأمل استباقي للمستقبل، لأسباب تتعلق بخلفيتهما التاريخية وسياستهما الخارجية، بالإضافة إلى البيئة الإقليمية والدولية وبيئتهما البينية. وتتركز العلاقات التركية السورية في الشؤون الإقليمية والدولية من دائرتي نشاط رئيسيتين هما: المنطقة العربية وما يربطها بالصراع العربي الإسرائيلي، والعلاقة بأوروبا والولايات المتحدة الأميركية[18]. وأنّ الانفتاح العربي على تركيا قد ساعد على إعادة الدّفئ في العلاقات العربية التركية. ولقد جاءت الخطوة السّياسيّة والدبلوماسيّة العربية في تأييد وصول تركي لرئاسة الأمانة العامة لمنظمة العمل الإسلامي محاولة ناجحة نحو اعطاء تركيا دور على المستوى الإقليمي والإسلامي[19].

على الرغم من انزعاج إسرائيل كثيراً من العلاقات الإستراتيجية الجديدة بين تركيا وسوريا من ناحية وعلاقاتها المتميزة مع إيران والعراق من جهة أخرى، فإن تلك البلدان لم تحتج على طبيعة العلاقة بين تركيا وإسرائيل، ولم تضع علاقة تركيا وإسرائيل في الميزان[20]. وتركيا تسعى وبكل جدية لاحتلال موقع متقدم في الشرق الأوسط كانت قد افتقدته منذ قرن تقريباً، وهي تأخذ بعين الاعتبار النفوذ الإستراتيجي الأمريكي في المنطقة. 

وتركيا تراقب تطور الاوضاع وتعلم أن أميركا رغم دخولها المباشر عسكرياً إلى المنطقة منذ عقدين واحتلالها للعراق، فهي لم تستطع أن ترسي الاستقرار بالمنطقة وفي افغانستان. وتركيا في علاقاتها الخارجية تجاوزت خلافاتها التاريخية وخلافات جيرانها البينية، بدءاً من إيران والعراق وسورية حتى إسرائيل وأرمينيا وأذربيجيان واليونان، عبر شراكات وتفاهمات سياسية واقتصادية، فمثلاً سعت تركيا لتجاوز صراعها التاريخي مع أرمينيا عبر شراكات اقتصادية والتوسط في حل مشكلة إقليم ناكورنو كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجيان[21].

تحاول إسرائيل إثارة الأكراد ودفعهم للمطالبة بدولة مستقلة على حساب الدول الثلاث، إيران وتركيا وسوريا، وإسرائيل تقدم مساعدات مختلفة لحزب العمال الكردستاني التركي. الأمر الذي عملت أنقرة على إحباطه، من خلال اتخاذ بعض المبادرات الإدارية والثقافية والاقتصادية لصالح الأكراد، وكان من آخر تلك المبادرات إنهاء الحبس الانفرادي لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، وكذلك السماح لعودة بعض المقاتلين الأكراد لتركيا [22].

هذه السياسة الجديدة تحمي حدود تركيا من الأخطار المحتملة، وبخاصة النزعات الكردية الانفصالية، لإنقاذ وتفعيل دورها كقوة ناعمة ومؤثرة في محيطها، ولتحقق لها مصالحها التي تتجاوز أو تجاوزت بها أزماتها الاقتصادية التي سيطرت عليها لعقود. فالعثمانية الجديدة ليست أصولية ماضوية، قدر ما هي إعادة توجية للبوصلة الكمالية خارجياً وداخلياً بدرجة ما، عبر ضبط المسافة يبن المصالح المختلفة والمنافع المشتركة مع أطراف مختلفة ومتصارعة. وقد تكون هذه السياسة التركية المتبعة من قبل حكومة ذات أصول إسلامية، لم يبقى فيها من هذه الإسلامية سوى الضئيل الذي لا يرضي الإسلامية العربية ولو قليلاً، وهي قد تكون العلامة الأولى والأبرز في مرحلة ما بعد الإسلمة، بعد فشل الإسلام السياسي [23].

لا بد من طرح إشكالية الخيار الاستراتيجي لتركيا والمقاومة الفلسطينية اليوم مع بروز الدور التركي في المنطقة باعتباره رافعة للإسلام السني، في ما إذا كانت حركة المقاومة في فلسطين ستبقي على الرافعة الإيرانية؟ أم أنها ستجد في الحاضنة التركية الجديدة فرصة للقفز إلى الضفة المحاذية من النهر ؟ قد يرتبط ذلك الخيار الاستراتيجي على المدى البعيد، بتصور الأتراك أنفسهم لدورهم في منطقة الشرق الأوسط وأبعاده المختلفة، ومدى تفكير الحركة المقاومة باستدارة إستراتيجية في تصوراتها ومواقفها السياسية الكبرى[24].

لقد تصاعد الدور الإقليمي لتركيا في الشرق الأوسط وجاءت حرب غزة لتؤكد هذا الدور، وهي حلقة من حلقاته بعد رعايتها للمفاوضات السورية الإسرائيلية في العام 2008، وهي تعتمد بالأساس على التوازن، والقيام بدور الوسيط لا الطرف وعلى الشراكة مع أطراف الصراع. فهناك شراكة تركية مع سوريا في مجالات مختلفة، وأيضاً الشراكة العسكرية والاقتصادية مع إسرائيل مستمرة [25].


كما أن مواقف تركيا السياسية، وتتمتعها بميزات جغرافية، يؤهلها للأضطلاع بدور كبير في معالجة ثلاث نزاعات خطيرة، ارتسمت منذ أوائل عام 2009 وهي: غزة، والخلاف الروسي الأوكراني على الغاز. وتردي العلاقات الدولية المتصل بالمسألة النووية الإيرانية، ويمكن لتركيا على نحو حاسم الإسهام في إيجاد مخرج للمسائل المتفجرة كلها [26].

وقد يكون لتركيا دور على صعيد أزمة الغاز الأوروبي، حيث يمكن امداد الاتحاد الأوروبي بالغاز الروسي عبر مضاعفة طاقة نقل الغاز من تركيا إلى غرب أوروبا [27] أي طاقة مشروع "نابوكو". ولماذا لا يتم نقل الغاز الإيراني الإضافي إلى الغرب؟

فإذا كان بوسع غاز أذربيجيان بلوغ الأناضول ثم أوروبا من طريق جورجيا، فغاز تركمانستان وغاز كازاخستان بالأحرى يقتضي حلاً آخر [28]، وهذا يؤمن الاكتفاء الأوروبي من الغاز على ثلاث دعائم هي المغرب وأوراسيا الشمال السلافية وأوراسيا الجنوب التركية الإيرانية [29]. ومن أسباب الدخول التركي على خط الأزمة في المنطقة هو إرسال رسائل إلى أوروبا مفادها: أن الحضور والدور الإستراتيجي التركي المتنامي في الشرق الأوسط ستستفيد منه أوروبا، إن هي وافقت على ضم تركيا إلى ناديها. وتسعى تركيا لاسترداد مكانتها ودورها في العالمين العربي والإسلامي إن سدت أوروبا أبوابها في وجه انضمامها للاتحاد الأوروبي [30].

وعليه كي لا تبقى تركيا "محرومة من دخول المسجد والكنيسة" على حد وصف المثل الكردي، اتجهت لاستثمار المشاكل والأزمات في المنطقة والارتداد إلى توظيف خلفيتها الإسلامية والشرق أوسطية، بعد أن قضت أكثر من نصف قرن وهي تحاول الإنضمام للنادي الأوروبي [31].

المبحث الثالث: مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية وتجاوز مصالح الدولتين

 نتيجة الوقائع المستجدة منذ احتلال العراق والتطور الملحوظ في مقاربة تركيا لمصالحها الإستراتيجية يبقى التساؤل كيف ينعكس ذلك التطور على العلاقات التركية الإسرائيلية؟ فهل ستزداد وتيرت التوتر في العلاقة بين البلدين وصولاً إلى الانحدار الحاد ومن ثم القطيعة؟

السياسة التركية الجديدة تعمل على كسب المزيد من الأصدقاء ولا ترغب أن يكون لها أعداء جدد أو أن تبني علاقاتها الجديدة على أنقاض بعض الأصدقاء الآخرين وخاصة إسرائيل، لأن ثمن ذلك قد يكون باهظاً على عدة مستويات ومجالات، وبالرغم من ردود الفعل التركية المتعددة إزاء الممارسات والمواقف الإسرائيلية المختلفة ومواقف الرأي العام المتشنجة في كلا البلدين وخاصة بعد أزمة قافلة الحرية. ولكن ما زالت الحكومتان تحافظان على علاقتهما الاقتصادية والعسكرية إلى حد ما في جميع المجالات، إذ لم تقم تركيا مثلاً بإلغاء أو تجميد عقود التسليح أو الدفاع أو التجارة مع إسرائيل بشكل نهائي، وهو أيضاً حال العلاقات الدبلوماسية بين البلدين [32].

لا يبدو أن لكلا الطرفين مصلحة في تعميق الخلافات القائمة بينهما أو تطوير مداها ومضمونها بغض النظر عن حجم الضرر أو استفادة هذا الطرف أو ذاك، بل إن أمر العلاقات التركية الإسرائيلية ومستقبلها على ما يبدو قد يتجاوز مصلحة البلدين [33]. إذ أن توتر العلاقة أو القطيعة بين الطرفين قد يُلحق الضرر بكثير من الأطراف الدولية والإقليمية ومنها العربية، وبالتحديد سوريا، فإذا رغبت تركيا الدخول على خط مفاوضات السلام الإسرائيلية العربية ينبغي أن تكون لديها علاقات جيدة مع هذه لدولة [34] .

تركيا على يقين أن أميركا لن تستطيع في المستقبل أن تستمر مستفردة بقرار المنطقة، لذلك اتجهت لاعتماد إستراتيجية خاصة بها في المنطقة لا يكون فيها ارتباط عضوي كلي مع الولايات المتحدة، ولا يكون فيها أيضاً مواجهة أو عداء لأميركا حتى في إطار علاقتها مع إسرائيل. ويعي أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركية، وهو المنظر الاستراتيجي التركي أهمية تركيا الاستراتيجية لواشنطن. حيث يحاول الربط بين مصالح تركيا الوطنية وتحقيق المصالح الأميركية في قوس جغرافي كبير، ممتد من آسيا الوسطى والقوقاز والشرق الأوسط وحتى شرق المتوسط. ويسند دائماً سياسات تركيا الخارجية إلى تناغمها مع المصالح الأميركية، إذ إن تحقيق تركيا لمصالحها في جوارها الجغرافي يعني تحقيق الولايات المتحدة لمصالحها. 

هذا الواقع ملموس من خلال تتبع الموقف التركي من القضية الأذربيجانية حيث أن سياسة تركيا حيال الصراع الأذربيجاني_الأرميني وانحيازها لمصلحة أذربيجان، من منطلق أن ضعف أذربيجان المهمة جغرافياً والغنية بموارد الطاقة، سيخسر التحالف الأطلسي التوازن في كامل القوقاز وآسيا الوسطى لمصلحة موسكو وتحالفاتها وبالتالي إضعاف للنفوذ الأمريكي[35].

كما أن قدرات تركيا الاقتصادية والعسكرية وتحالفاتها الدولية لا تؤهلها مع ذلك للعب دور إقليمي في كل جهات جوارها الجغرافي، سواء في البلقان أو القوقاز أو الشرق الأوسط أو البحر الأسود وحتى شرق المتوسط، إذ لا يستطيع لعب هكذا دور سوى القوى العظمى، وهي بديهة من بديهيات العلاقات الدولية.وتحاول تركيا أن تخفف من أعباء علاقتها مع إسرائيل حتى تتمكن من ممارسة دور الدولة الإقليمية الكبرى في محيطها. وتركيا تعمل على إمكانية الحفاظ على علاقتهم مع الولايات المتحدة دون المرور بإسرائيل [36].

وفي المنظور الإستراتيجي الإسرائيلي والأمريكي تركيا تشكل ركناً لا يستغنى عنه في أي إستراتيجية تعد للشرق الأوسط، وحاجة يفرضها الموقع الجيوسياسي لتركيا من وجوهه الأساسية خاصة الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية والسياسية فضلاً عن العسكرية. والولايات المتحدة باتت مدركة للصعوبات التي تواجهها في المنطقة وترى في تركيا احتياطاً إستراتيجي يمكن الركون إليه ليشكل عامل استقرار وحاجة ملحة في الأزمات المعقدة  [37].


ولتدعيم الدّور الإسرائيلي في الشرق الأوسط ترى إسرائيل أنّ توطيد علاقاتها الإستراتيجيّة مع تركيا، من شأنه أن يدعم دورها الإقليمي في المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة والأمنيّة، على الرغم من كل ما تشوب العلاقات بين البلدين حالياً من شوائب. إذ أنّ تلك العلاقة تمنحها بطاقة دخول رسميّة أخرى غير معاهدات السّلام العربيّة الإسرائيليّة، إلى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عبر دولة إسلاميّة. كما أنّ تعاونها الاقتصادي مع تركيا سيمنحها القدرة على طرح نموذج لكيفيّة التعاون بين دول المنطقة. إضافة إلى سعيها لمواجهة الدول الإقليميّة في المنطقة وهي إيران،سوريا، مصر، والسعودية التي قد تحاول إيجاد نوع من التوازن الإستراتيجي مع تركيا وإسرائيل.

وتعلق اسرائيل آمالاً من خلال توطيد علاقتها مع تركيا، على أن تكون بوابة دخول لها إلى الدّول الإسلاميّة في آسيا الوسطى، حيث الموارد الاقتصاديّة الهامّة هناك، وبخاصّة البترول وذلك لأنّ تركيا تربطها بتلك الدول علاقات دينيّة وتاريخيّة وقوميّة وجوار جغرافي [38].

الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية تتقن فن الواقعية السياسية والعمل على محورين حتى ولو كان اتجاههما الظاهر متعاكساً. حيث لا يتم الدخول في لعبة سياسة آحادية الاتجاه، بل يتم الاعتماد على الثنائية القائمة على اتجاه رئيسي للحركة المباشرة واتجاه فرعي أو غير مباشر مرادف لبعض القوى الإقليمية صاحبة القدرة على المناورة وصاحبة المصلحة في العمل ذاته. وتطبيقاً لهذا المبدأ فان إسرائيل والولايات المتحدة قد لا ترى خطر إستراتيجي في التحرك التركي الجديد في الشرق الأوسط وتحديداً باتجاه سوريا وإيران، والدخول المباشر على خط القضية الفلسطينية لانتاج تفاهمات إستراتجية معهما، ولا يكون هذا التحرك في نهاية المطاف خطراً إستراتيجياً على كلا الدولتين. 

التفاهم التركي الإيراني السوري بأبعادة اللبنانية والفلسطينية قد يشكل نافذة آمنة للولايات المتحدة وإسرائيل في مرحلة تمهيدية وانتقالية نتيجة الوقائع المستجدة في المنطقة، سواء على صعيد اخفاق الولايات المتحدة في العراق وافغانستان من جهة أو على صعيد اخفاق إسرائيل في مواجهة المقاومة في الجنوب اللبناني أو المقاومة الفلسطينية في غزة. تمهيداً لكسب وقت تحتاجه تحديداً إسرائيل، من أجل إعادة رسم وتحديد إمكاناتها العسكرية واستخلاص العبر من إخفاقاتها العسكرية السابقة.

والولايات المتحدة وإسرائيل حريصتا على علاقاتهما الإستراتيجية مع تركيا والتحرك التركي ونتائجه قد تقدم لهما اهداف إستراتيجية منها :

أولاً: إقامة التوازن مع إيران على مسرح المشرق العربي .

حتى لا تبقى وحدها من الدول الإسلامية ممسكة بهذا الملف، من حيث دعم الفلسطنيين ونقد المواقف العربية المتعاجزة في مواجهة إسرائيل. ولكن هذا الطموح أمامة عقبات كثيرة، أقلها ما يتأتى عن الواقع الجغرافي ووجود قوى مقاومة أساسية، لا يمكن أن تقدّم تركيا على إيران، ولو كانت لا ترفض مساعدة الطرفين معاً. كذلك الآمر فيما يتعلق بتركيا فهل من مصلحتها الإستراتيجية لعب مثل هذا الدور وهل تضمن إسرائيل تركيا على هذا الصعيد الإستراتيجي ؟

ثانياً: تقديم فرصة لسوريا للتخفيف من اعتمادها على إيران كحليف إستراتيجي. 

وهذا المنطق تعول عليه إطراف عدة بشكل بالغ لأنه يشكل المدخل الفعلي لاراحة إسرائيل، عبر تشتيت جبهات المقاومة المدعومة من إيران. ولكن يبقى دون هذا الطموح الإستراتيجي عوائق لا يستهان بها، منها ما يعود إلى طبيعة العلاقة ومنها ما يعود إلى الإستراتيجية السورية، التي ترى قوتها تكمن في ذاتها واتساع مروحة تفاهماتها أو تحالفاتها، الآمر الذي يمنعها من الدخول في عملية الإستبدال ويدفعها في عملية التراكم التحالفي [39].

ثالثاً: إسرائيل لا يمكنها في ظل الواقع الحالي الاستغناء أو التفريط بعلاقتها مع تركيا،.

وقد تكون مضطرة لمراعاة بعض المواقف التركية وتفهمها صوناً لهذه العلاقة. وهنا قد تستفيد أميركا من الآمر دون أحراج لها. فإنشاء قوة ضغط إقليمي على إسرائيل دون أن تتسبب في أحراج الإدارة الأميركية أمام الكونغرس أو الهيئات الاخرى التي تخضع بشكل أو بآخر لضغط اللوبي اليهودي. والولايات المتحدة قادرة لو شاءت الضغط مباشرة على إسرائيل لتدفعها لفعل ما _ خاصة بعد العام 2006 [40]_ لكنها لاتريد ذلك حتى لا تضعف إسرائيل ولكي لا تنكشف اكثر أمام الدول العربية المتحالفة معها.

أمريكا تريد إسرائيل القوية المنيعة ولكن المنضبطة نوعاً ما، وقد يأتي الموقف التركي في هذا السياق وبتقاطع مصالح مع جميع الأطراف دون استثناء. لهذا يأتي الضغط التركي على إسرائيل منحصراً في الشكليات والجزئيات، أما الأساسيات فلن تكون محلاً له حتى اشعار آخر أو تغير جذري في المواقف الإستراتيجية التركية.

الظروف المستجدّة منذ احتلال العراق قد تنعكس على مصالح إسرائيل وتركيا الإستراتيجيّة ممّا قد يتطلب إعادة النظر من قبل الحكومة التركية لسياستها المتّبعة وذلك مع دخول تركيا مرحلة جديدة من حوارها مع أوروبا مستقبلاً حول البدء في مرحلة مفاوضات العضويّة، إذ إنّ تركيا ستكون مضطرّة للبدء في الانسجام مع المعايير الأوروبيّة في السياسة الدوليّة، وفي مقدّمتها إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل تماماً كالولايات المتحدة.

وتدرك تركيا أنها مقبلة خلال مفاوضات العضويّة على مطالب أوروبيّة حسّاسة منها الاعتراف بالإبادة الأرمنيّة على الرغم من توقيع اتفاقية سلام مع ارمينيا عام 2009 [41]. وقد تلعب إسرائيل دوراً من خلال علاقاتها ونفوذ اللوبي اليهودي في أميركا وأوروبا في مواجهة بعض هذه المطالب التي تؤرق تركيا. والتنسيق الأمريكي التركي موجود على صعديد تصفية الحكومة التركية لتمرد حزب العمال الكردستاني شمال العراق، من الطبيعي إلا يأتي هذا التنسيق خارجاً عن الإرادة الإسرائيلية[42].

 

الخاتمة 

على الرّغم ممّا طرأ على تلك العلاقات الإسرائيليّة التركيّة من مستجدّات، الا أنه من المستبعد أقله حالياً أن تكون هناك حالة تغيّر إستراتيجي من قبل الطرفين في علاقاتهما الإستراتيجيّة. وهناك سياسة تركية جديدة مفادها إبعاد تركيا عن سياسة المحاور وإقامة علاقات جيدة مع جميع القوى الإقليميّة والدوليّة بالقدر الممكن. وفي هذا السّياق كان الانفتاح التركي على سوريا وإيران وروسيا وقبرص وارمينيا، وإذا كان من المفترض اعتبار ذلك تقليص للعلاقات مع إسرائيل، الا أنّ التعاون بين تركيا وإسرائيل لم ينقطع بشكل نهائي وما زال مستمراً.


كما إن تمتين العلاقات التركية الإسرائيلية من شأنها زيادة نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط نتيجة علاقاتها الإستراتيجيّة مع كل من تركيا وإسرائيل. والعديد من المعطيات تؤكد استمرار العلاقة الإستراتيجية بين إسرائيل وتركيا، منها الإعلان عن مشروع تركي- إسرائيلي مشترك لمد أنابيب نفط وغاز إلى الهند من بحر قزوين مروراً بمرفأي جيهان التركي وإيلات الإسرائيلي. 

هناك خطط وضعت موضع التنفيذ أهمها مشروع القرن الإستراتيجي الذي تشكّل تركيا محوره الأساسي Med Stream Project الذي تفوق كلفتة 12 مليار دولار. الذي يربط البحور الأربعة، قزوين والأسود والمتوسط والأحمر، ويساعد على ربط منطقة آسيا الوسطى بالشرق الأوسط ضمن رؤية تركيّة لدور محوري في مشروع طاقة أكبر يمتد من الصين شرقاً إلى أوروبا غرباً ومن تركيا شمالاً إلى الهند جنوباً التي انضمت إلى المشروع في نهاية 2008. ويتضمن من ضمن ما يتضمن أنابيب لنقل النفط والغاز والماء والكهرباء والألياف الضوئية من تركيا إلى إسرائيل[43].

المؤكّد أنّ هناك تآكلاً في العلاقات الإستراتيجيّة بين تركيا وإسرائيل. ولكنّ إسرائيل تدرك أنّ تركيا ما زالت تعتبر إسرائيل شريكاً إستراتيجياً لها في الشرق الأوسط، وأنّ هناك مصالح إستراتيجيّة قويّة تربط بين البلدين. ورغم مخاوف إسرائيل من التقارب التركي مع كل من سوريا وإيران، فإنّها تراهن على عدم قيام تركيا بمراجعة علاقاتها الوثيقة بإسرائيل على الرغم من التوتر الحاصل في العلاقات بين البلدين، حتى لو وصل الآمر إلى درجة تخفيف مستوى التمثيل الدبلوماسي أو لو حتى تم تجميدها.



الهوامش:

[1] سلام الربضي، باحث في العلاقات الدولية،  www.salamalrabadi.blogspot.comJordani_alrabadi@hotmail.com    



[2] لقد كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بـ "إسرائيل" كحكومة شرعية وطالما ارتبطت معها بعلاقات ودية، وفي بعض الأوقات متوترة.  وقد اعترفت بها في عام 1949.


[3] ودعا اردوغان إلى ضرورة ممارسة الضغط على إسرائيل لانها تستمر في انتهاكاتها الجوية والبحرية للأجواء اللبنانية وقصفها لقطاع غزة  وهذا امر لا يمكن القبول به ابداً. وانتقد التهديدات بتوجية ضربة عسكرية لإيران لأنه لا يمكن القبول بتجربة عراق جديدة في المنطقة، إذ  أن ما تتهم به إيران هو محاولتها امتلاك سلاح نووي، وتركيا لا تؤيد امتلاك أي دولة للسلاح النووي في المقابل هناك سلاح نووي في إسرائيل، والذين ينتقدون إيران لمحاولة امتلاكها سلاحاً نووياً لا ينتقدون إسرائيل التي تمتلك بالفعل سلاحاً نووياً، وهذه مشكلة حقيقية.وذهب اردوغان إلى حد الدعوة إلى اصلاح في هيكلية الأمم المتحدة بسبب  عدم تطبيق إسرائيل لأكثر من مئة قرار صادر عن مجلس الأمن. فالقرارات التي لم تطبقها إسرائيل قد تجاوز عددها 100 قرار الآمر الذي يدعو إلى ضرورة القيام بإصلاح في الأمم المتحدة، لأن لا معنى لهذه  القرارات ولا قيمة لها إذا كان يتم اتخاذها ولا مجال لتطبيقها. واكد على أن تركيا لا تؤيد موقف إسرائيل هذا ولن تبقى صامتة ازاء هذا  الآمر. ولقد نددت إسرائيل بالتصريحات التركية التي ادلى بها رئيس الحكومة التركية ووصفت كلامه الذي تضمن انتقاداً لاذعاً لممارسات إسرائيل بالهجوم العشوائي على اسرائيل, واتهمته بالسعي إلى الاضرار بالعلاقات الثنائية بين البلدين معتبرة إن انتقادات تركيا العلنية الذي كثيراً ما تتسم بالحدة لسياساتها قد تعرض العلاقات الثنائية للخطر. واكدت حرصها على عدم المس بشرف تركيا، وترغب في علاقات ثنائية جيدة. راجع " اردوغان يندد برفض اسرإئيل لـ 100قرار دولي ويدعو لإصلاح الأمم المتحدة"، صحيفة الرأي، عمان، 12-1-2010.
[4] وقد تم نشر الكثير من التقارير التي تشير الى تغلغل النفوذ الإسرائيلي في شمال العراق،ومن تلك التقارير تقرير الكاتب الأمريكي الشهير سيمور هيرش مجلة، نيو يوركر، مجلة نيويوركر، 21-6-2004 .كذلك فقد ذكرت كثير من التقارير الاستخباراتية الغربية ومنها الفرنسية في العام 2007 عن وجود 1200 عنصر من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية منذ عام 2004 يدربون عناصر البشمركة في مدينتي أربيل والسليمانية وهذا ما كان قد اكدتة صحيفة بديعوت أيضاً بكشفها أن معسكراً للتدريب يعرف باسم المعسكرZ يديره ضباط إسرائيليون أنشئ في منطقة صحراوية شمال العراق. راجع صحيفة الأخبار،بيروت،19-1-2010..

[5] سلام الربضي،العلاقات التركية الإسرائيلية وكردستان العراق، صحيفة خبرني الالكترونية، 7 -2 – 2010. تم الدخول بتاريخ 14-3-2010.

      
[6] سلامة نعمات،"عراق عربي شقيق"، صحيفة الحياة، بيروت، 25-6-2004.

[7] فيما شارك الأكراد بحماسة مع الولايات المتحدة في احتلال العراق وكان لهم دوراً فاعلاً في مناطق الموصل وكركوك .


[8] إن أي استنتاج يقوم على هذا الافتراض قابل للنقاش.


[9] كامران قرة داغي،" تحالف تركي كردي أمريكي؟ لم لا"، صحيفة الحياة، بيروت، 30-3-2008.


[10] لمزيد من المعلومات حول مجمل ابعاد وتداعيات المسألة الكردية يمكن مراجعة كتاب الدكتور موسى ابراهيم، "قضايا عربية ودولية معاصرة"، دار المنهل اللبناني، بيروت،2010، صفحة 127-169.


[11] زهير قصيباتي،" شمس الاتراك والغبار الأميركي الإسرائيلي"، صحيفة الحياه، بيروت، 25/2/2008.


[12] سلام الربضي،العلاقات التركية الإسرائيلية وكردستان العراق، تم الدخول بتاريخ 2172010.


[13] وعليه فانّ إسرائيل ترى في تعاونها العسكري مع تركيا ورقة ضغط على إيران من خلال الأراضي التركية، لتكون قاعدة عسكريّة للتجسّس عليها، وإمكانيّة استغلالها لضرب المنشآت العسكريّة الإيرانيّة، ذلك لأنّ القواعد العسكريّة التركية تتيح لإسرائيل ضرب أيّة أهداف عسكريّة واقتصاديّة في إيران بسهولة لقربها من الأراضي التركية، إذ بإمكان طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ضرب تلك الأهداف دون حاجة للتزوّد  بالوقود في الجو. 


[14] خاصة في أعقاب إبرام اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين عام 1996، وأهم ما جاء فيها أن يشترك جيشا البلدين في أي معركة  تحدث بين احداهما ودولة ثانبة، مما يسمح لإسرائيل بزيادة عمقها الإستراتيجي.



[15] هذا وقد وقعت سوريا وتركيا إعلاناً مشتركاً لتأسيس مجلس للتعاون الإستراتيجي ويشمل المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والنقل والطاقة ومجالات المصادر المائية والبيئية والثقافة والتعليم والعلم كما تم الاتفاق على إلغاء التأشيرات والسمات المتبادلة على سفر المواطنين بما يسمح للمواطنين في كلا البلدين بالتنقل بينهما دون إجرائات على الحدود. راجع صحيفة السفير، بيروت، 17-9-2009.


[16] ان العلاقات السورية التركية مرت بمراحل متأزمة  في أواسط وأواخر التسعينات ومنها على سبيل المثال: اتهام  تركيا لسوريا بدعم حزب العمال الكردستاني، ومنها أيضاً الخلاف المائي بين البلدين.والجدير ذكره أن تركيا مازالت مسيطرة على لواء الاسكندرونه الذي احتلته عام1939 من سوريا.


[17] في هذا الصدد يمكن مراجعة كتاب سعيد عقيل محفوض ،"سورية وتركيا الواقع الراهن واحتمالات المستقبل"، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2009. الذي يستخلص ان العلاقة بين البلدين تنمو في ظل بيئة إقليمية مخترقة وهشة، على الرغم من التفاصيل والتعليقات اليومية والكتب العامة المنجزة سريعاً، والتي تجعل القارئ يظن انه يفهم ما يدور بين الجارين بمجرد الاطلاع عليها.
[18] عماد الشدياق،" متغيرات دولية  تفرض افقاً تقاربياً جديداً"، صحيفة المستقبل،بيروت،12-1-2010.

[19] حيث تم اختيار التركي كمال الدين إحسان أوغلي أمين عام لمنظمة  المؤتمر الإسلامي.


[20] إذ بدا الأمر طبيعياً خاصة وأن الكثير من الدول العربية ترتبط باتفاقيات وبعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل بشكل علني كمصر والأردن، أو بشكل خفيّ وغير مباشر أحيانا كبعض دول الخليج العربي ودول المغرب العربي.
[21] سيطرت أرمينيا على هذا الإقليم إثر الصراع الدموي الذي تفجر بين أرمينيا وأذربيجان في عام 1992، والذي انتهى عملياً بسيطرة أرمينيا على إقليم ناغورني كراباخ والذي تطالب أذربيجان باستعادته.وتركيا تربط تحقيق المصالحة الشاملة مع أرمينيا بالتوصل إلى تسوية  للصراع الأرميني - الأذربيجاني، باعتبار أن تركيا لها مصالح إستراتيجية  في أذربيجان، فالأذريين هم من أصول تركية. كما أن تركيا  تخشى من أن تؤدي مثل هذه المصالحة دون تسوية الصراع الأذري- الأرميني إلى انقلاب أذربيجان عليها والتحالف مع دول إقليمية كبرى كروسيا، وأن يؤدي كل ذلك إلى تغيير وجهة خطوط أنابيب النفط والغاز التي من المقرر مدها عبر الأراضي التركية. وفي بداية العام  2009 تم افتتاح اذاعة تركية باللغة الارمنية في تركيا تعبيراً عن سياسة الانفتاح التركية تجاه أرمينيا.ولمزيد من المعلومات حول قضية كاراباخ يمكن مراجعة كتاب: شاهين افاكيان ،" كارباخ وجهة نظر قانونية"، ترجمة وتعريب نورا اريسيان،الهيئة الوطنية الارمنية_الشرق الاوسط،2006.
[22] بالإضافة إلى قيام أحمد داوود أوغلو وزير الخارجية التركي في اواخر العام 2009 بزيارة إقليم كردستان العراق في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول تركي لكردستان العراق، حيث التقى رئيس الإقليم مسعود برزاني في أربيل وتم افتتاح قنصلية تركية فيها، راجع صحيفة الأهرام،القاهرة،1-11-2009. 
[23] لمزيد من المعلومات حول التطوارات الداخلية التركية والمتغيرات الإستراتيجية التركية في مقاربتها للمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية يمكن مراجعة كتاب : محمد نور الدين،" تركيا الصيغة والدور"، دار الريس ،بيروت،2008.

[24] محمد أبو رمان، "هل خرجت حماس أقوى سياسياً أم أضعف"، صحيفة الحياة، بيروت، 29-1-209


[25] هاني نسيره، "اردوغان وفحوى لخطاب عن بني عثمان"، صحيفة الحياة، بيروت، 18-1-2009.


[26] الكسندر ادلر، "تركيا في القلب من أزمات أوروبا الكبرى ومعالجتها"، صحيفة لوفيغارو، باريس،24-1-2009


[27] جورج كيوك ،" تركيا ممر أوروبي للطاقة وبديل من روسيا"،صحيفة لوفيغارو، باريس 22- 6- 2007.


[28]  حيث ينبغي نقله إلى باكو في أنبوب بحري يمر ببحر قزوين وهو باهظ التكلفة.


[29] جورج كيوك، مرجع سابق الذكر.


[30] في حال تم تطوير التفاهمات الإستراتيجية بين تركيا وسوريا وإيران قد يؤدي ذلك إلى انشاء ما يشبه الكومنولث" بين تركيا وسوريا وإيران ودول الجوار الآسيوية بحيث يمكن أن يكون هذا "الكومنولث" بديلاً لرفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ذلك أن بناء منظومة إقليمية تمتد من البلقان والشرق الأوسط. حتى القوفاز يشكل تعويضاً مناسباً عن العضوية في الاتحاد الأوروبي. وقد تستخدم  تركيا هذه المكانة الجديدة التي تتمتع بها لتكون بطاقة دخول إلى الاتحاد الأوروبي باعتبارها حلقة الوصل بين أوروبا وآسيا.



[31] هوشنك أوسي، "اردوغان واعظاً وداعية سلام"، صحيفة الحياة، بيروت، 1-2-2009.

[32] على الرغم من اقدام تركيا على عدم السماح للجيش الإسرائيلي بالمشاركة في المناورات العسكرية لحلف شمال الاطلسي في اواخر العام  2009. حيث كان متوقع أن إسرائيل ستستغل مناورات "نسر الأناضول" لجمع معلومات عسكرية عن سورية وإيران الأمر الذي دفع تركيا، فيما بعد، إلى رفض مشاركة إسرائيل فيها وصولاً إلى إلغائها بعد أن رفضت قوات الناتو "حلف الأطلسي" القرار التركي.


[33] د. عبد اللّطيـف الحنّـاشي،العلاقات التركية الإسرائيلية وانعكاساتها على الأمن القومي العربي،  تم الدخول بتاريخ 26-11-2009

         
[34] وكان قد صرح الرئيس السوري بشار الأسد مطالباً تركيا بتحسين علاقاتها مع حليفها الإسرائيلي، وذلك حتى تضمن مجدداً القيام بدورالوساطة بين سوريا وإسرائيل. كما أكد  إذا رغبت تركيا في مساعدتنا في موضوع إسرائيل فينبغي أن تكون لديها علاقات جيدة مع هذه الدولة.كما تساءل الرئيس السوري كيف يمكن تركيا عكس ذلك أن تلعب دوراً في عملية السلام، صحيفة الخليج ، 9-11- 2009". 

[35] مصطفى اللباد،" مفكر تركيا الاستراتيجي: أحمد داود أوغلو"، صحيفة الجريدة،الكويت،11-4-2009.  


[36] نبيل زكي ،"تركيا تبحث عن مجالها الحيوي"، تم الدخول بتاريخ 25-1- 2010. 
[37] العميد الدكتور امين حطيط ، اين امريكا من اعادة التموضع التركي،  تم الدخول بتاريخ 10-11-2009. 

[38] لمزيد من المعلومات حول التطور التاريخي للعلاقات الإسرائيلية التركية يمكن مراجعة كتاب : مرغريت حلو،," العلاقات التركية الإسرائيلية"،مركز الدراسات الارمنية، بيروت 1994.
[39] امين حطيط ،"اين امريكا من اعادة التموضع التركي"، مرجع سبق ذكره. 
[40] حيث ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل انذاك من خلال وزيرة الخارجية الأمريكية كوندا ليزا رايس من أجل عدم وقف عدوانها على لبنان مما أدى إلى اطالة آمد الحرب لمدة 33 يوم.  


[41] ثمة مشكلات وعقبات تعترض طريق المصالحة النهائية وأهم هذه العقبات محاولة البحث عن أرضية للتوصل إلى حل لقضية الإبادة الارمينية التي وقعت في الربع الأول من القرن الماضي. حيث تم تشكيل لجاناً حكومية وأخرى مشتركة لدفع وتيرة الاتفاق في هذا السياق، فقضية الإبادة الارمينية حفرت نفسها عميقاً في الذاكرة والثقافة الروحية والوجدانية لدى الأرمن في الداخل والخارج. وخلال العقدين الماضيين نجحت اللوبيات الارمينية في أوربا وأمريكا، وبدعم رسمي من أرمينيا في جعل هذا الملف قضية سياسية حاضرة على أجندة برلمانات العديد من الدول، فقد أقر عدد من هذه البرلمانات قوانين بهذا الخصوص تحولت إلى نقطة خلاف سياسية مع تركيا.ولمزيد من المعلومات حول الإبادة الارمنية والواقع الارمني يمكن مراجعة كتاب عدنان السيد حسين،"حق تقرير المصير القضية الارمنية نموذجا"، مركز الدراسات الارمنية, بيروت, 1998. كذلك راجع موقع الهيئة الارمنية الوطنية – الشرق الاوسط على الانترنت: http://www.ancme.net
[42] محمد نور الدين،"العلاقات التركية الإسرائيلية مرحله جديدة"، صحيفة الشرق، الدوحة، 9/1/2005.
[43] تقرير، أمن الطاقة الإسرائيلي والجيوبوليتيك الإقليمية،مركز الجزيرة للدراسات،تم الدخول بتاريخ 13-7-2010.
       




المراجع: 

الكتب

1- ابراهيم موسى ،" قضايا عربية ودولية معاصرة "، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2010.
2- افاكيان شاهين ،" كارباخ وجهة نظر قانونية"، ترجمة وتعريب نورا اريسيان ،الهيئة الوطنية الارمنية،2006.
3- حسين السيد عدنان،"حق تقرير المصير القضية الارمنية نموذجا"، مركز الدراسات الارمنية، بيروت، 1998.
4- حلو مرغريت ،" العلاقات التركية الإسرائيلية"،مركز الدراسات الارمنية، بيروت، 1994.
5- نورالدين محمد ،" تركيا الصيغة والدور"، دار الريس ،بيروت،2008.
6- محفوض عقيل سعيد،"سورية وتركيا الواقع الراهن واحتمالات المستقبل،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2009.

التقارير

1- تقرير ،"أمن الطاقة الإسرائيلي والجيوبوليتيك الإقليمية"،مركز الجزيرة للدراسات،2010.
2- تقريرسيمور هيرش، مجلة نيويوركر، 21-6-2004.
3- العميد الدكتور امين حطيط ،"اين امريكا من اعادة التموضع التركي"،موقع التيار الوطني الحر،2009.

المقالات

1- الكسندر ادلر،"تركيا في القلب من أزمات أوروبا الكبرى ومعالجتها"، صحيفة لوفيغارو، باريس،24-1-2009
2- هوشنك أوسي، "اردوغان واعظاً وداعية سلام"، صحيفة الحياة، بيروت، 1-2-2009.
3- مصطفى اللباد،" مفكر تركيا الاستراتيجي: أحمد داود أوغلو"، صحيفة الجريدة،الكويت،11-4-2009.  
4-  عماد الشدياق،" متغيرات دولية  تفرض افقاً تقاربياً جديداً"، صحيفة المستقبل،بيروت،12-1-2010.
5- سلام الربضي،"العلاقات التركية الإسرائيلية وكردستان العراق"، صحيفة خبرني الالكترونية، 7 -2 – 2010.
6- هاني نسيره، "اردوغان وفحوى لخطاب عن بني عثمان"، صحيفة الحياة، بيروت، 18-1-2009.
7- جورج كيوك،" تركيا ممر أوروبي للطاقة وبديل من روسيا"، صحيفة لوفيغارو، باريس،22- 6- 2007.
8- محمد أبو رمان، "هل خرجت حماس أقوى سياسياً أم أضعف"، صحيفة الحياة، بيروت، 29-1-209.
9-  كامران قرة داغي،" تحالف تركي كردي أمريكي؟ لم لا"، صحيفة الحياة، بيروت، 30-3-2008.
10- زهير قصيباتي،" شمس الاتراك والغبار الأميركي الإسرائيلي"، صحيفة الحياه، بيروت، 25/2/2008.
11- محمد نور الدين،"العلاقات التركية الإسرائيلية مرحله جديدة"، صحيفة الشرق، الدوحة، 9/1/2005.
12-  سلامة نعمات،"عراق عربي شقيق"، صحيفة الحياة، بيروت، 25-6-2004.

الصحف

1- صحيفة الحياة، بيروت.
2- صحيفة الأخبار، بيروت.
3-صحيفة الرأي ،عمان.
4- صحيفة الأهرام،القاهرة.
5- صحيفة السفير، بيروت.
6- صحيفة الخليج، الأمارات .



For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com