سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
من أهم مظاهر الثورة التكنولوجية الجديدة، أنه لا توجد هناك لحظة فاصلة نستطيع القول عندها أن ثورة جديدة قد بدأت. فالتطور بطبيعته تدريجي ومستمر ومتراكم، ومن الضرورة التنبيه إلى إن التاريخ مستمر لا انقطاع فيه. وفي هذا الإطار يمكن طرح التساؤلات التالية :
1- هل هناك علاقة بين التكنولوجيا والثورات الاقتصادية الكبرى؟
2- ما هو دور الدولة في ظل الاقتصاد العالمي؟
3- ما هو الفرق بين الاقتصاد النقدي والاقتصاد الحقيقي؟
4-هل الثورة المالية ناتجة فقط عن التقدم التكنولوجي؟
5- كيف يمكن مقاربة العلاقات الدولية في ظل الاقتصاد العالمي؟
6- هل هي نهاية الجغرافيا ؟
أن الحضارة الإنسانية لا ترجع إلى أكثر من 1% من تاريخ الإنسان على الارض، وإذا كانت عملية اكتشاف الزراعة ثورة اقتصادية كبرى غيرت في طبيعة الحضارة فإن التغيرات اللاحقة وحتى قيام الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر ظلت طفيفة وهامشية. ولقد كانت الثورة الصناعية بمثابة أخطر انقلاب اقتصادي بعد الثورة الزراعية الأولى. وإذا كان الاقتصاد الصناعي يقوم على اقتصاد السوق والقدرة على القيام بالحساب الاقتصادي، فإن توفير الشروط والأوضاع المناسبة لإجراء هذا الحساب الاقتصادي يعتبر أمر ضروري.
وهناك عدد من الشروط الواجب توافرها سواء على صعيد استقرار النظام القانوني أو النقدي، كذلك فإن الحقوق الشخصية من التزامات مالية وأوراق تجارية وأصول مالية، أضحت هي أساس الثروة في عصر الصناعة. ومن هذا المنطلق، فإن ظهور الدولة المعاصرة كان ضروري لتوفير هذه الشروط. ولقد لعبت الدولة دوراً رئيسياً في التطور الرأسمالي، بحيث لا يمكن أن يقوم نظام رأسمالي بدون وجود الدولة، وهذا يعتبر بمثابة رد على كثير من النظريات الحديثة التي ترى بأن الرأسمالية والعولمة أو ما يسمى بالنيوليبرالية الحديثة قد قضت وسلبت الدولة كل إمكانياتها وأسباب وجودها.
فنحن الآن نعاصر مرحلة جديدة هي مرحلة الانتقال من العلاقات الاقتصادية الدولية إلى الاقتصاد العالمي. وإذا لم يكن بعد الاقتصاد العالمي أصبح حقيقة كاملة فهو على الأقل حقيقة كامنة تمثل مستقبل العلاقات الدولية. والعالمية لا تسري فقط على النواحي التكنولوجية بل تفرض نفسها أيضاً على مختلف النشاطات الصناعية. وأصبحنا يوم بعد يوم نزيد من توحيد المواصفات والمقاييس العالمية الفنية وتنميطها.
كذلك أن الأذواق تسير في نفس الاتجاه، حيث أننا نلمح مولد المواطن العالمي. ولقد بتنا نعيش في عالم أكثر تداخلاً في علاقاته الاقتصادية، بحيث لم يعد من الممكن لدولة ما أن تنعزل عما يجري فيه مهما علت مكانتها.
وإذا كانت الإشكالية الأهم في العولمة قائمة على نظرية صاموئيل هنتجتون حول الصدام الحضاري أو أطروحة فرانسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ. فقد يكون التساؤل الأقرب إلى طبيعة ظاهرة العولمة هو التساؤل عما إذا كنا بصدد نهاية الجغرافيا وليس نهاية التاريخ؟
ولقد أصبح النظام الاقتصادي العالمي الجديد، يوفر سيطرة على الموارد من دون الحاجة إلى الاستيلاء المادي المباشر. سواء كان ذلك عن طريق براءات الاختراع، أو التأثير في الأسواق المالية أو شبكات التسويق، أسعار الصرف، الاسهم ... إلخ.
أن خطورة الجغرافيا تكمن ليس فقط في أنها حدوداً سياسية بل هي مواقع مكانية وموارد طبيعية.وفي ظل الابتكارات التكنولوجية والاكتشافات العلمية يطرح التساؤل حول أهمية الجغرافيا بالنسبة للموارد الطبيعية في ظل زيادة انخفاض القيمة النسبية لإسهامات هذه الموارد في تحديد قيمة الإنتاج بالمقارنة مع الجهود الإنسانية في مجالات البحث والتسويق والابتكار أي اقتصاد المعرفة ؟؟؟؟؟