13 كانون الأول 2010
سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
السياسات الاقتصادية خضعت لتغيرات وتوجهات جديدة، وقد أدى ذلك إلى تعديلات في شكل المؤسسات القائمة وأسلوب عملها. فضلاً، عما استدعاه من إنشاء مؤسسات جديدة، كما أن التطور الاقتصادي والترابط المتزايد بين الاقتصادات المختلفة، قد ساعدا على ظهور قضايا جديدة مثل ما أطلق عليه العولمة GLOBALIZATION وبداية الاهتمام بعدد من القضايا التي وجدت لأول مرة اهتماماً عالمياً لم يتوافر لها سابقاً، كقضايا البيئة، كما أن قضايا التنمية الاقتصادية أخذت طابعاً جديداً عرف بالتنمية البشرية .
ولقد حدث تطور ملحوظ بالجانب المؤسسي للنظام الاقتصادي على النحو التالي :
1- تطور صندوق النقد :
سرعان ما ظهرت في التطبيق مشاكل عدة فرضت نفسها على طبيعة عمل الصندوق كمشكلة مدى توافر السيولة الدولية. كما أن بقاء أسعار الصرف ثابتة معناه من الناحية العملية، أن تتخلى الدول عن استقلال سياستها النقدية في الداخل وتخضعها لاعتبارات التوازن الخارجي. ومع وضوح أزمة التنمية وخاصة مع ازدياد أعباء المديونية الخارجية على الدول النامية، اتجه صندوق النقد الدولي مع البنك الدولي إلى الاهتمام بقضايا التنمية والإصلاح الاقتصادي، خاصة مع تحول عدد من دول الاشتراكية سابقاً إلى نظام السوق .
وأهم تطور أصاب الصندوق الدولي هو ما عرف بإنشاء حقوق السحب الخاصة، وهي أقرب إلى النقود منها إلى الديون العادية. وهي تقوم بجمع وظائف النقود في المدفوعات الدولية، وتحدد قيمة حقوق السحب الخاصة، وفقاً لعدد من العملات الأساسية في المعاملات الدولية. كما هناك تطور في عمل الصندوق على صعيد قضايا الإصلاح الاقتصادي حيث اتجه الصندوق إلى قضايا دول العالم الثالث خاصة مع بروز أزمة المديونية.
والصندوق يقدم قروض مقابل الالتزام بعدد من السياسات عرفت باسم المشروطية، المرتبطة بما يسمى سياسات التثبيت المالي أو النقدي. وفيما بعد تم نقد عمل الصندوق، من حيث اعطائه واعتماده على وصفة وحيدة دون مراعاة الاوضاع الخاصة لكل دولة.
2 – تطور البنك الدولي:
تم الانتقال من سياسة الاهتمام بالنمو الاقتصادي باعتباره المؤشر الرئيسي للنجاح فقط إلى الاهتمام بقضايا التوزيع، وبذلك أصبح النمو مع التوزيع هو أحد محددات مشروعات تمويل البنك الدولي. وفي الثمانينات اتجهت مشروعات البنك نحو برامج التكيف الهيكلي، القائمة على تمويل البنك لسياسات الدول المتجهة نحو إعادة هيكلة الاقتصاد، والانتقال إلى القطاع الخاص وتخصيص المشروعات.
أن سبب فشل سياسات التنمية في كثير من الدول يعود إلى فساد النظم السياسية السائدة. إذ أنه لا يوجد أمل حقيقي في أية تنمية متواصلة ما لم يحدث تغيرات جذرية في أساليب الحكم، لينتشر فيما بعد مصطلح وتعبير الحكم الصالح، ويقصد به كل أساليب استخدام السلطة سواء من الحكومات أو من إدارات محلية أو في إدارة المشروعات. ولقد تم إدراك إن الدولة ليست هي اللاعب الوحيد في الساحة وهناك مجالاً أمام القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني لتلعب دوراً رئيسياً . والمؤسسات الاقتصادية بقيت تعبر عن الإيديولوجيات السائدة في الدول الصناعية.
3 – منظمة التجارة الدولية:
من خلال استعراض الفترات الزمنية والاحداث المتواصلة إلى أن تم إنشاء منظمة التجارة الدولية، من الأهمية بمكان، القول أنه يجب دائماً التركيز على المشاركة لأنها تعطي مردودية أكثر من الانعزال والنقد، على الرغم من ضعف الامكانيات. وهذا الواقع تعبر عنه تجربة الدول النامية في منظمة التجارة العالمية. ومع أن هنالك الكثير من السياسات داخل المنظمة التي لا تخدم مصالح الدول النامية، ومع ذلك يجب علينا النظر للنظام الاقتصادي أو للمنظمات، كمنظمة التجارة العالمية بنظرة كاملة، من خلال ما تفرضه من التزامات وما تعطيه من فرص، فيجب أن نرى الصورة أو ننظر للنظام بمجموعة.
4- المؤسسات غير شكلية
ومع كل ذلك هناك مؤسسات غير شكلية تعبر عن ترتيبات غير مقننة، تلعب دوراً رئيسياً في تنظيم العلاقات الاقتصادية، سواء كانت هذه القوى تأخذ شكلاً تنظيمياً قانونياً، أم كان لها وجود واقعي، مثل الشركات عبر الوطنية. أو ظهور إلى جانب المؤسسات الدولية الاقتصادية بعض التجمعات، مثل مجموعة الدول العشر، ومؤتمرات القمة الاقتصادية للدول الصناعية . ومثل هذه التنظيمات الفوقية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد العديد من المؤشرات في الحياة الاقتصادية. وإذا أردنا أخذ نموذج لهذا الواقع فإن نظام "اليورو دولار" أو "اليورو ماركت" يعبر عن ذلك الواقع .