2010-03-26

دبلوماسية مؤتمرات القمة العربية والمنهج الدبلوماسي الاقتصادي




سلام الربضي \ باحث أردني

http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleNO=57239
28 _3_2010


بادئ ذي بدء من الأهمية التفريق بين الدبلوماسية العربية وبين دبلوماسية القمم العربية باعتبار إنه منهجياً لا يمكن القول أن هناك دبلوماسية عربية ولكن من الناحية العملية في إطار مؤتمرات القمة العربية يمكن التحدث عن دبلوماسية عربية. فمنذ انطلاق أول قمة عربية بوصفها مؤسسة سياسية عام 1964وحتى قمة الدوحة 2009 تم عقد ما يقارب 33 قمة  وفي ظل واقع عربي يواجهه تحديات ليس أقلها ما تعرض له قطر عربي من احتلال العراق 2003 وما تعاني منه فلسطين المحتلة وبالإضافة لتأزم الوضع في السودان كذلك الحال للمستجدات على الساحة اليمنية يجعلنا نعيد الذاكرة لأول مؤتمر عربي عقد في انشاص 1946لمناصرة القضية الفلسطينية لنجد حالنا قد أنتقلنا من مناصرة قضية إلى مناصرة قضايا فلسطين وتحرير وطن عربي آخر العراق من جهة إلى اليمن والسودان والصومال ولبنان من جهة أخرى.



في ضوء هذه المقاربة وما يعانيه عالمنا العربي من تحديات منذ تداعيات 11/9 عموماً واحتلال العراق خصوصاً تكمن أهمية موضوع الدبلوماسية ومؤتمرات القمم العربية فمن منطلق الواقع العربي تعتبر القمم العربية هي المؤسسة السياسية الأولى - إذا جاز التعبير - التي تتخذ القرارات بصفتها تضم رؤساء وملوك الدول العربية الذين يملكون زمام السلطة في الوطن العربي. وفهم دبلوماسية هذه القمم هو مدخل لفهم المجريات والتحولات في الواقع العربي حيث الحاجة ملحة لتقييم الأداء الدبلوماسي العربي من أجل القدرة على مجابهة تلك التحديات.


ومن خلال التتبع التاريخي والتحليل لمؤتمرات القمة العربية وانطلاقاً من صلب واقعنا المعاصر كثير من التساؤلات تطرح سواء على صعيد التجربة أو على صعيد إشكاليات التغيير.

أولاً: على صعيد التجربة


هل هذا الانحدار التدريجي الذي أصاب الدبلوماسية الجماعية العربية سببه قصور في الدبلوماسية أم ناتج عن طبيعة وواقع الأنظمة السياسية العربية ؟ 

هل يمكن القول أن دبلوماسية القمم العربية هي دبلوماسية منفعلة أكثر مما هي فاعلة وهي دبلوماسية لا تجيد استغلال الفرص ؟ 

هل يمكن التحدث عن دبلوماسية في غياب رؤية استراتيجية واضحة تصب هذه الدبلوماسية في خدمتها ؟


دبلوماسية القمم هي دبلوماسية تقليدية لا تعنيها قصة ممارسسة الضغوط إلا ما ندر أي دبلوماسية حكمة الصبر والصمت وانتظار التغييرات وهي غير قادرة على الفعل والتأثير وتغلب عليها سياسة التعايش مع الأوضاع . بالفعل هذا ما تعبر عنه التجربة العربية على صعيد مؤتمرات القمة , كما أن الخلل يكمن في عدم تنفيذ قرارات هذه القمم وغياب مساءلة من يتحمل مسؤولية هذا التردي كالجهاز الدبلوماسي العربي المتمثل بالجامعة العربية ووزارات الخارجية العربية , والقرار الرسمي العربي على أعلى مستوى المسؤول عن هذا التعطيل بالدرجة الأولى .

إذا تجاوزنا كل تلك التساؤلات يمكن القول أن دبلوماسية القمم العربية القائمة على الكل أو لا شيء لم تحقق أهدافها  وفي حال اعتمدت مبدأ المبادرة ورمي الكرة في ملعب الخصم فهي لم تكن في سياق ورؤية استراتيجية واضحة تأخد في عين الاعتبار مبدأ القوة بكل أشكالها , فهي قائمة دوماً على مبدأ سياسة الهروب إلى الأمام, فإذا كانت الدبلوماسية هي فن الممكن فهل هذا الممكن له أن يتحقق إلا إذا ساندتة عوامل القوة في أبعادها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والمعنوية , وعندما تغيب هذه العوامل تصبح هذه الدبلوماسية عبارة عن طواحين للهواء بلا جدوى أو مردود .

ثانيا: على صعيد إشكاليات التغيير

إذا كان هناك انحدار على صعيد دبلوماسية مؤتمرات القمم العربية فكثير من التساؤلات مشروعة :

ا - هل التغيير يكمن في اعتماد الدبلوماسية السياسية ؟ 

2- أم يكمن في اعتماد الدبلوماسية القانونية ؟

3- أم آن الأوان لاعتماد الدبلوماسية الاقتصادية ؟

4- هل التغيير الذي يجب اعتماده على ضوء تجربة القمم العربية هو الاعتماد على الدبلوماسية الفردية القطرية التي أثبتت نجاحها وتفوقها على الدبلوماسية الجماعية ؟


قد تكون الإجابة على تلك التساؤلات هي النافذة التي من خلالها يمكن لنا إصلاح واقعنا ومن ثم الانطلاق منه إلى كيفية التعاطي مع ما هو إقليمي وما هو دولي. وبعيداً عن التحليل ولو تم ترك العنان للغة الأرقام لوجدنا أن ما بين عام 1945_2010 تم صدور الكثير من القرارات التي لم ينفذ منها شيئ فكما يقال أن أكبر وأقدم أرشيف في العالم من القرارات غير المنفذة هو أرشيف الجامعة العربية.

بعد تجربة 65 عام لا بد من معرفة كيفية إنعاش دبلوماسية المؤتمرات العربية ؟ فهل نعتمد النهج الإصلاحي القانم على النهج القانوني كاإصلاح آليات الجامعة العربية وميثاقها أي النظر إلى عملية الإصلاح باعتبارها في الأساس سعياً للتوصل إلى أفضل الصيغ القانونية الكفيلة بإخراج هذه المؤتمرات من كبوتها ؟


هذه المبادرات القانونية موجودة منذ العام 1948عندما دعت سوريا بتعديل الميثاق ليشمل ضرورة امتناع أعضاء الجامعة عن التفاوض والتعاقد مع الدول الأجنبية إلا بعد التفاهم على أسس هذا التعاقد ضمن الجامعة, ناهيك عن المطالبة بالانتقال من مبدأ الإجماع إلى مبدأ التصويت أو الأغلبية. لكن لا يوجد جديد تحت الشمس ، فمحاولات التطوير لم تغب عن الساحة منذ التوقيع على ميثاق الجامعة ومع كل مؤتمر من مؤتمراتها ولكن لسبب أو لآخر قد اخفق معظمها والجلي أن المحصلة على هذا الصعيد كانت صفراً أو ما يزيد عليه بقليل.

أخطر ما يمكن أن يحيط بمحاولات التغيير هو التصور بأننا قد نأتي بجديد, فالجديد الذي يجب غرسه هو تغيير تلك الخصائص البنيوية في النظام العربي التي حالت دون الاستجابة لمقترحات التطوير في الماضي واجهضت ما أجيز منها في الواقع العملي, حيث إذ أصر البعض على اعتبار الإصلاح مجرد صياغة قانونية مبتكرة كفيلة بإعطاء دفعة لمؤسسة المؤتمرات فسوف يكتشفوا بعد حين أن هذا التصور سوف يفضي بنا إلى السير في طريق التية ذاته , حلقة مفرغة نتخيل في أولها أننا ماضون نحو هدفنا فإذ بنا بعد سنوات أو عقود نعود إلى نقطة البدء.

قد يكون من الأجدر نهج الدبلوماسية السياسية القانمة على ايجاد نقاط تلاقي وترابط ولو بالحد الأدنى لتكون ركيزة لما نتطلع إلية في المستقبل. والمدخل الرئيسي لهذا المستقبل يكمن في اتباع المنهج الدبلوماسي الاقتصادي, فدبلوماسية القمم العربية قائمة على البعد السياسي الصرف وليس على البعد السياسي المصلحي المباشر, وفي حال وصلنا إلى هذا النضوج نستطيع أن نكون فاعلين على المستوى الداخلي والخارجي , والواقع الأوروبي نموذج يمكن الاقتداء به مع مراعاة خصوصية أوضاعنا الثقافية والسياسية في مكاناً ما .

الأيديولوجية دائماً والحمد لله متوفرة لدينا إلا أن المصالح الاقتصادية فهي دانماً على الهامش فهل يمكن لنا ذكر قمة عربية واحدة كانت ذات طابع اقتصادي صرف باستثناء قمة الكويت 2009 التي عقدت في ظل الأوضاع العربية المتوترة نتيجة حرب غزة وتداعياتها على صعيد العلاقات العربية العربية؟

عدم التناسق بين الأقطار العربية ينعكس على واقعنا وهو أحد أسباب تعثر الدبلوماسية الجماعية _ هذا الواقع ينطبق على طبيعة العلاقات العربية العربية فيما بينها أو على صعيد العلاقات الإقليمية كالعلاقات العربية التركية والعربية الإيرانية, فمثلاً نجد أن العلاقات العربية الفردية بين الدول العربية أكثر فعالية من العلاقات العربية الجماعية وهذا ينطبق أيضاً على العلاقات العربية الإقليمية فالعلاقات السورية التركية أو السورية الإيرانية الفردية كانت أنجح من العلاقات العربية الجماعية مع تلك الدول سواء على الصعيد السياسي وحتى الاقتصادي _ فنحن بحاجة إلى الدبلوماسية الاقتصادية القادرة على محاولة الدمج ما بين هذا الوضع غير المتناسق لكي نكون قادرين على تجاوز كل الصعوبات.

في ظل عالم متغير يجب النظر إلى دبلوماسية مؤتمرات القمم العربية على أساس أنها جزء من كل، وهي انعكاس للواقع الوطني والقومي, ومن ثم فإن إصلاحها يرتبط بإصلاح هذا الواقع في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

2010-03-19

الدبلوماسية ومسألة المياه





سلام الربضي \ باحث ومؤلف في العلاقات الدولية


http://news.maktoob.com/article/3406211


21-3-2010       موقع مكتوب الاخباري

منذ القدم لجأت الدول إلى المياه لرسم حدودها ولحماية نفسها من المعتدين أو لشن الهجوم على العدو ولقد تم استخدام المياه كوسيلة استراتيجية وتكتيكية وكسلاح للضغط والدعاية. وتكمن أهمية مسألة المياه على عدة مستويات :
أولاً: الامثلة التاريخية الدالة على تطبيق نظرية الحدود على الأنهار والبحيرات كثيرة جداً، ويكفي القول على أن 52% من الترسيمات الحدودية في أمريكا اللاتينية تتطابق مع مواقع هيدروغرافية، في مقابل 34% في أفريقيا، و25% في أوروبا، و23% في آسيا أي بمتوسط عالمي قدره 32%. حيث هذه الحدود الطبيعية تم التوصل إليها بعد حروب ومعاهدات صاغت تاريخ العلاقات الدولية منذ ما قبل الميلاد ومن هذا المنطلق تم استخدام المياه كوسيلة دفاعية وهجومية استراتيجية وتكتيكية في الصراعات بين الأمم أو الدول.
ثانياً: المياه تغطي 71% من مساحة الكرة الأرضية ولكن 98% منها تحتوي على نسبة عالية من الملوحة تجعلها غير صالحة لمعظم الاستخدامات كما تشكل المياه وسطاً معقداً وهشاً وهي مصدر حياة الكائنات الحية وهناك القليل جداً من النشاطات البشرية سواء في الإنتاج أو الاستهلاك لا يستخدم المياه كمادة لا بديل لها.
تشير التقارير الدولية أن موارد المياه المتاحة لكل فرد في العالم سوف تتقلص بنسبة لا تقل عن 50% خلال الفترة الواقعة بين عامي 2000 - 2025 وتكمن الخطورة عند معرفة أن نسبة الاستهلاك العالمي للمياه تزداد بمعدل 8.4% سنوياً. وفي خضم هذا الواقع العالمي الذي يعاني من مشكلة نقص حاد في الوضع المائي أصبح تقاسم مصادر المياه ضرورياً أكثر فأكثر وصعباً بفعل تنوع الحاجات والاستخدامات واللاعبين. وفي ظل التقارير والدراسات التي تشير إلى أن القرن الحالي سيشهد حروباً داخلية وخارجية للسيطرة على المياه مثلما شهد القرن الماضي حروباً على النفط وتبدو المياه رهاناً استراتيجياً تدخل في صميم الأمن القومي لأي بلد سواء على الصعيد السياسي، الاستراتيجي، الاقتصادي الاجتماعي.

على ضوء ما تم التوصل إليه عالمياً من اتفاقيات ومعاهدات لتنظيم هذا الوضع إلا أن هناك كثير من الإشكاليات لتي تطرح مستقبلياً لكيفية تعاطي الدبلوماسية مع هذه المسألة, فإذا كانت التقارير تتنبأ بوجود أزمات وصراعات مائية مستقبلية فهل هذا مؤشر على أهمية الدور الدبلوماسي في المستقبل؟ 
هل هذا الوضع المائي الجديد المستقبلي يعبر عن حتمية الصراعات والنزاعات؟ 
أم أن طبيعة هذه النزاعات والصراعات المائية تحتم علينات العودة إلى الجغرافيا؟م
هل تفرض الدبلوماسية الجغرافية – إذا جاز التعبير – نفسها وتضع الدول أما خيارات غير تقليدية كواقع الصراع العربي الإسرائيلي؟ 
هل هذا يدفعنا إلى القول أن العصر القادم هو عصر دبلوماسية الجغرافية المائية؟ 
ما هو حيز التحرك الدبلوماسي والسياسي لكل من الدول الغنية في مصادر المياه أو الدول شحيحة الموادر المائية؟
هل يمكن فهم الاستراتيجية التركية المستقبلية دون فهم السياسة المائية لتركيا الباحثة عن دور إقليمي متعاظم في منطقة يعاني 14 بلداً فيها إضافة إلى ثماني بلدان في الاتحاد السوفييتي سابقاً من مشاكل مائية وغذائية؟
كيف يمكن للدبلوماسية الكويتية التعاطي مع الثمن السياسي الذي سوف تدفعه الكويت مقابل الحصول على الماء في المستقبل سواء عن طريق إيران أو العراق؟
ما هو انعكاس أزمة المياه على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي؟
هل ستكون أزمة المياه المستقبلية بمثابة عود الثقاب الذي سوف يشعل فتيل الانفجار والصراع الحتمي؟ 
أم تكون تلك الأزمة بمثابة الباب الذي سوف يتم الدخول عن طريقه إلى مرحلة جديدة من العلاقات القائمة على التعايش الحتمي؟

تكمن الخطورة في مسألة المياه بأنها تدخل في صميم الأمن القومي الأمن الغذائي, وتعتبر المياه كأحد المصادر الأكثر تفاوتاً في التوزيع في العالم حيث تتقاسم عشرة بلدان 60% من المياه العذبة في العالم وهي بالكيلومتر المكعب سنوياً كالأتي :
1- البرازيل 5670     2 – روسيا 3904      3- الصين 2880
4- كندا 2850        5- أندونيسيا 2530     6- الولايات المتحدة 2478
7- الهند 1550        8 - كولومبيا 1112   9- الكونغو الديمقراطية 1020
على سبيل المقارنة، فإن كل دول الاتحاد الأوروبي ما عدا النمسا وفنلدا والسويد تستفيد من 816كلم3 في السنة, وعلى النقيض الآخر فإن البلدان الأكثر افتقاراً هي البلدان الأصغر أو الأكثر وعورة وهي من أسفل إلى أعلى بالكلم3 سنوياً:
الكويت والبحرين صفر تقريباً من المياه العذبة المتجددة،
مالطا 25، سنغافورة 600, كل من ليبيا والأردن 700, قبرص 1000.
وعلى طرف ونقيض آخر فإن سيرينام تملك تدفقاً سنوياً معدله مليوني متر مكعب لكل نسمة وإيسلندا 708000 م3، ومتوسط دول الاتحاد الأوروبي 2530م3.

على صعيد عالمنا العربي فإن معظم مصادر المياه العربية تنبع من مصادر غير عربية مما يجعل الأمني القومي العربي قابل للاختراق من قبل كثير من الدول منها على سبيل المثال تركيا، أثيوبيا، إسرائيل. وكثيراً ما يتم استخدام المياه كسلاح تهديد ضد العرب والضغط عليهم وهو ما حدث فعلاً عام 1998 الضغط التركي على سوريا, وكما حدث أيضاً بين مصر وأثيوبيا. ولكن يبقى الأمر أكثر تعقيداً على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي حيث أمام هذا الوضع المائي الصعب فإن إسرائيل تقترح تعاوناً مائياً في المنطقة من فرضية أن العقدين القادمين من القرن الحادي والعشرين سيكونان على الأرجح عقدي صراع وتشاحن على موارد المياه في الشرق الأوسط وتعتبر أن حل أزمة المياه بالطرق التقليدية لم يعد يجدي نفعاً، وأنه لا مفر من أدوات وأساليب جديدة لإدارة هذا الصراع قبل أن يتحول إلى أزمة حادة يصعب حلها. 

تدخل مسألة المياه بالنسبة إلى إسرائيل في صميم الأمن القومي بل هي مسألة وجود بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتحاول إسرائيل من خلال هذا الوضع المعقد أن تأخذ المياه كنموذج حتمي للدخول في سلام وتطبيع مع الدول العربية يخدم مصالحها الاستراتيجية. ونتيجة لتلك الوقائع والمعطيات لا بد من طرح ومواجهة تلك التساؤلات المستقبلية :

هل هناك استراتيجية عربية واضحة فيما يتعلق بالأمن القومي المائي العربي؟ 

هل الأمن القومي المائي لبعض الدول العربية سوف يفرض عليها خيارات قد تكون خارج إطار العمل العربي المشترك؟ 

هل يمكن لنا التنبؤ بطبيعة العلاقة العربية العربية في ظل الأزمة المائية مثلاً ماذا سيحدث في المستقبل بين مصر والسودان، العراق وسوريا، الأردن وسوريا؟ 

هل هناك رؤية واضحة للمستقبل المائي ولكيفية التعامل مع الخيارات الحتمية المائية التي سوف تفرض نفسها على الصراع العربي الإسرائيلي؟

ووفقاً لما يرسم من صورة قاتمة للوضع المائي العالمي والإقليمي يبقى التساؤل مشروع عن كيفية إيجاد السبل لحل هذه المعضلة سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي أو على صعيد القانون الدولي، طبعاً بالإضافة إلى السياسة العامة الداخلية في كل بلد؟ فمسألة المياه في الإطار العام ولكونها أزمة عالمية فإن السبيل لحل هذه المعضلة يكمن على ثلاث مستويات :
أولاً- محلياً:
الحلول التقنية التي يمكن لكل دولة أن تنتهجها للحد من تفاقم الأزمة، ومنها ما هو قائم على سياسة ترشيد الاستهلاك، وإقامة السدود، تحلية مياه البحر، وإتباع سياسة زراعية قائمة على أخذ بعين الاعتبار الوضع المائي. والتوعية الوطنية القائمة على التربي على احترام هذه المادة الحيوية ثقافة خلقية المياه وهذا مثلاً ما فعلته الحكومة الكويتية رافعة شعار الماء عديل الروح.
ثانياً – عالمياً:
أحد أسباب أزمة المياه عالمياً هو ما يحدث على صعيد عالمي من تلوث بيئي ينعكس يومياً على الوضع المائي وأقل ما يمكن قوله في هذا الإطار ما ينتج عن التلوث البيئي من ارتفاع في درجة حرارة الأرض مما يترك آثاراً خطرة للغاية على الثروة المائية العالمية. ومن هذا المنطلق تكمن أهمية الفاعلين الدوليين ومنهم المنظمات غير الحكومية المدافعة عن البيئة. ومسألة المياه عالمياً نموذج يؤكد - ويجب علينا أن نقر بذلك – بأن هناك دبلوماسية جديدة تظهر على الساحة الدولية وهو ما يعرف بدبلوماسية المنظمات غير الحكومية.
ثالثاً – قانونياً :
أشواطاً كبيرة قد قطعت عالمياً لوضع معاهدات واتفاقيات دولية لتنظيم مسألة المياه ومن آخرها اتفاقية عام 1997 اتفاقية الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية إلا أنه في ظل استمرار التوزيع غير المتكافئ للموارد المائية والنمو المتزايد للطلب تبدو المياه رهاناً استراتيجياً مولداً لأوضاع نزاعية بين الدول تبقى تحت رحمة موازين القوى في غياب تشريع دولي حقيقي ملزم في مجال المياه، بالإضافة إلى غياب الآلية الواضحة لكيفية التعامل مع المخالفين لهذه الاتفاقيات أو عدم المشاركين فيها فمثلاً هل يمكن لدولة كتركيا لديها هذا الرهان الدولي الاستراتيجي أن تتخلى عنه؟

في النهاية علينا محاولة الإجابة عن تساءل استذكاري فيما إذا كان هناك في عصرنا الحديث نموذج صراعي ما بين الدول – فيما يتعلق بالمياه- تم حسمه عسكرياً ؟


قد تكون الإجابة على هذا التساؤل التاريخي  بمثابة المؤشر الذي على ضوئه يمكن رؤية وتحليل ما سوف تؤول إليه الأوضاع في المستقبل؟




2010-03-17

الأمن الحقيقي الإسرائيلي وهوية المنطقة العربية






سلام الربضي \ باحث ومؤلف في العلاقات الدولية
موقع خبرني الالكتروني
www.khaberni.com/more.asp?ThisID=31647&ThisCat=63
5\4\2010

 
ترى إسرائيل أنّ انخراطها في مشاريع شرق أوسطية سيعود عليها بفوائد سياسيّة، اقتصاديّة وأمنيّة وهي محطة انطلاق جديدة في مسار وجودها وتطوّرها. وإذا أردنا الغوص في حيثيّات أقدميّة المشاريع الشرق أوسطية وإلى من تعود فكرته، يمكن الاكتفاء بقراءة كتاب شمعون بيريس "الشرق الأوسط الجديد" وربطه بما يطرح الآن لنرى أنّ إسرائيل هي الأساس المحوري في النظام الشرق أوسطي حيث يطرح بيريس أفكاراً قائمة على إقامة نظام إقليمي تكون إسرائيل جزءاً محورياً فيه وهذا النظام قاعدته الأمن والاقتصاد وإشاعة الديمقراطيّة وهذه الأفكار هي دعائم النظام الشرق أوسطي الكبير أو الأوسع ذائع الصيت .
 

بغضّ النظر عن اسم وحجم هذا المشروع وامكانية تحقيقة فإسرائيل تحتل موقع المحور والقاعدة الإستراتيجيّة فيه. والمصالح الاستراتيجيّة لإسرائيل تكمن في كل طيّاته حيث أنّ انخراطها في هذا المشروع سيعود عليها بفوائد سياسيّة جمّة، إذ سيفسح في المجال أمام قيام علاقات طبيعيّة بينها وبين جيرانها وسيمكّنها من تدوير الزوايا الحادّة في القضيّة الفلسطينيّة، كا قضية القدس، اللاجئين وحق العودة. وهذا المشروع سيكبح مسار التكامل العربي ويسهّل أيضاً لإسرائيل الانخراط في إطار متعدّد القوميّات على نحو متكافئ مع الهويّات الأخرى.
 

من الناحية الاقتصاديّة هذا المشروع يؤدّي إلى تحويل إسرائيل إلى شريك اقتصادي في أسواق المنطقة ومياهها وبنيتها التحتيّة. وفي ظل اقتصادي عالمي قائم على المعرفة والتكنولوجيا، فإنّ إسرائيل ستكون من منطلق تفوّقها التكنولوجي صاحبة الموقع المتميّز في هذا النظام. وعلى الصّعيد الأمني فالأمن الإسرائيلي هو على قائمة المصالح التي يضمنها ويحققها المشروع لتصبح إسرائيل جزءًا من هذا الأمن بدلاً من كونها خطراً وعدواً لهذا الأمن العربي.
 

الإستراتيجيّة الإسرائيليّة من بعد الحرب الأميركيّة على العراق تعمل في الدّرجة الأولى على تفتيت الدول العربية من قناعة لا ريب فيها لدى إسرائيلي مفادها أنّ الأمن الحقيقي لإسرائيل لا يمكن أن يتحقق على المدى البعيد طالما أنّ لهذه المنطقة هويّتها العربيّة والإسلاميّة، وطالما وجدت دول كبيرة نسبيّاً كالعراق، سوريا ومصر فالأمن الحقيقي لإسرائيل يقتضي تغيير هويّة المنطقة الثقافيّة، الحضاريّة والسّياسيّة إلى "شرق أوسطية". وبالتالي لا بدّ من تغيير تركيبتها الاجتماعيّة إلى فسيفساء طائفيّة وإقليميّة. 


طالما بقيت المنطقة عربيّة ستبقى إسرائيل غريبة فيها أمّا إذا أصبحت هويّة المنطقة شرق أوسطيّة، أي أصبح وضع كل المنطقة شاذاً، فإنّ وجود إسرائيل سيصبح طبيعيّاً فيها. والاحتلال الأميركي للعراق جاء ليصبّ في هذه الخانة فإسرائيل ترى بأنّ العراق المقسّم والمفتّّت إلى مذاهب وطوائف ودويلات متعدّدة هو النموذج والبداية لما يجب أن تكون عليها المنطقة بأسرها مستقبلاً لتضمن بذلك أمنها الحقيقي في المستقبل البعيد.
 
الأمن الحقيقي الإسرائيلي على المدى البعيد يتطلب تنفيذ مشروع تفتيت التفتيت أو تجزئة التجزئة، من أجل خلق فراغ إقليمي يسمح لإسرائيل أن تلعب الدّور الإمبراطوري السّياسي والاقتصادي والثقافي والأمني الذي تطمح له وخلق محيط تابع تستمدّ منه إسرائيل القوّة والحيويّة من خلال تحويل التهديد المحتمل إلى مجال حيوي يصل إلى أطراف الصين.


الوثيقة الإسرائيليّة التي وضعتها المنظمة الصهيونيّة العالميّة organization world zionist  التي ترجمها البروفيسور إسرائيل شاحاك عن مجلة كيفييم تعكس رؤية إسرائيل الشرق أوسطيّة للمنطقة برمّتها. ومن ال مقتطفات الرئيسيّة في هذه الوثيقة التاريخيّة الاستراتيجية: 

مصــر: 

إنّ تفكيك مصر إقليميّا إلى مناطق جغرافية متمايزة هو الهدف السياسي لإسرائيل في الثمانينات على جبهتها الغربية. فإذا أسقطت مصر، فإنّ دولاً مثل ليبيا والسودان وحتى الدول الأبعد لن تتمكن من البقاء بشكلها الحالي وسوف تلحق بسقوط وانحلال مصر. والرؤيا التي تتمثل بدولة قبطية مسيحيّة في أعالي مصر إلى جانب عدد من الدول الضعيفة ذات السلطات المحليّة التي لا ترتبط بحكومة مركزيّة، هي مفتاح التطور التاريخي الذي أجّله فقط اتفاق السّلام، والذي سوف يتبدّد حتميّاً على المدى الطويل. 
 

سـوريـا : 

إنّ سوريا سوف تتناثر بالتطابق مع تركيبتها الإثنيّة والدينيّة إلى عدد من الدول، بحيث يكون هناك دولة شيعيّة علويّة على السّاحل ودولة سنّّيّة في مناطق حلب، ودولة سنيّة أخرى في منطقة دمشق تعادي جارتها السّنيّة في الشمال. أمّا الدروز، فسيكون لهم الدولة الخاصة بهم أيضاً، ربّما حتى في الجولان، وبالتأكيد في منطقة حوران وأجزاء من شمال الأردن. وهذه الحالة سوف تكون ضمانة الأمن والسّلام في المنطقة على المدى البعيد. 
 

العــراق: 

العراق الغني بالنفط من جهة، والممزّق داخلياً من جهة أخرى، مضمون كمرشح لأحد أهداف إسرائيل. إن انحلاله أكثر أهمية بالنسبة لنا من انحلال سوريا. فالعراق أقوى من سوريا، وعلى المدى القصير، تشكل القوّة العراقية الخطر الأكبر على إسرائيل... وكل خلاف عربي داخلي سوف يساعدنا على المدى القصير، وسوف يمهّد الطريق لتحقيق الهدف الأهم، أي تحطيم العراق إلى طوائف كما في سوريا ولبنان. ان تقسيم العراق إلى أقاليم على أساس خطوط إثنيّة دينيّة كما كان الحال في سوريا خلال الزّمن العثماني هو أمر ممكن. وهكذا ستقوم ثلاث دول أو أكثر حول المدن الأساسية الثلاث: البصرة، بغداد والموصل. وستنفصل المناطق الشيعيّة في الجنوب عن السّنة والأكراد في الشمال، ومن الممكن أنّ المواجهة العراقية – الإيرانية الحالية قد تعمّق هذا التبلور.

السعوديـة : 

الجزيرة العربية بأسرها مرشحة طبيعياً للتفكك بسبب الضغوطات الداخليّة والخارجيّة، وهذا الأمر محتوم خاصّة في السعودية، وبغضّ النظر عمّا إذا بقيت قوّتها الاقتصاديّة أم تضاءلت على المدى الطويل، فإنّ الانشقاقات الداخليّة والانهيارات ستكون تطوّراً طبيعياً وماثلاً في ضوء التركيبة السّياسيّة الحاليّة.
 
الأردن:

يشكل هدفاً استراتيجياً آنياً على المدى القصير، ولكن ليس على المدى الطويل. فالأردن لا يمثل خطراً جدّياً على المدى الطويل بعد انحلاله ونقل السلطة إلى الفلسطينيين. ليس هناك أيّة فرضيّة لاستمرار الأردن بتركيبته الحاليّة مدة طويلة. وسياسة إسرائيل في الحرب والسّلام يجب أن تتوجّه نحو تصفية الأردن بنظامه الحالي، نقل الحكم للأغلبيّة الفلسطينيّة وتغيير النظام شرق النهر، فيكون الأردن لهم، والمناطق غرب النهر لليهود. سيكون هناك تعايش وسلام حقيقيين فقط عندما يفهم العرب أنه بدون حكم يهودي بين النهر والبحر، لن يكون لهم أمن ولا وجود، فإذا أرادوا دولة وأمناً فإنّ ذلك سيكون لهم في الأردن فقط . 

في هذه الوثيقة أيضاً هناك تصوّر من النمط التفكيكي ذاته عن دول المغرب العربي والبربر, وعن السودان وجنوبه وعن لبنان وطوائفه
        
           



2010-03-09

الإسلام والعروبة والأسس الحضارية






سلام الربضي \ باحث ومؤلف في العلاقات الدولية

موقع خبرني الالكتروني - عمان 

www.khaberni.com/home.asp?mode=more&NewsID=30254&catID=65

10-3-2010

يجمع علماء الأنتروبولوجيا على أن البلاد العربية تشكل أعرق بقعة حضارية في العالم، انتقل فيها الإنسان إلى العصر الحضاري في 1000 الخامس قبل الميلاد, وبالتالي يجب النظر إلى الحضارة العربية من منظارين، منظار تعددي ثابت، ومنظار متداخل متحرك.

أ- المنظار التعددي الثابت:

لقد توالت عى أرض العرب ثقافات متعددة أهمها :


أولاً ثقافة وادي النيل: وتميزت بنظرة روحانية وأخلاقية للوجود.


ثانياً ثقافات بين النهرين: واتصفت بنظرة قانونية وحقوقية للعلاقات الإنسانية .


ثالثاً ثقافات أخرى: منها العبرانية والفينيقية والآشورية، ولقد تأثرت بالحضارات التى سبقتها.


رابعاً: الثقافات المسيحية: وتأثرت بالروحانية المصرية، وتقسم إلى الثقافة المسيحية السريانية والثقافة المسيحية الهيلينية . 


خامساً الثقافة الإسلامية: وتقوم على تراث العرب القبلي، تراث العرب المدني: أمويين، عباسيين إلخ، وتراث الشعوبيين كالفرس، الترك وغيرهم.


سادساً الثقافة الغربية: منذ بداية القرن التاسع عشر وهي ما زالت تؤثر في البلاد العربية في مجالات مختلفة منها المؤسسية والمعاملات والأخلاق العربية، ولقد وصلت الثقافة الغربية إلى الوطن العربى عبر موجات حضارية ثلاث: الثقافة الغربية الدينية, الثقافة الغربية الليبرالية، الثقافة الغربية الماركسية.

ب- المنظار المتداخل والمتحرك :

إن الحضارات التي سبق تعدادها لم تلتصق إحداها بالأخرى فحسب بل تداخلت وامتزجت واقتبست اللاحقة الكثير من السابقة لها وتطورت نتيجة لهذا الامتزاج والاقتباس ومجموع هذه الثقافات بتعددها وتداخلها وانصهارها الواحدة في الأخرى تشكل الحضارة العربية.

ويمكن توضيح علاقة الإسلام بالعروبة من خلال أربعة مراحل تاريخية وهذا التقسيم غايته التوضيح أكثر ما هو ترتيب زمني قاطع ذلك لأنه لا يمكن ضبط الحدود الزمنية ضبطاً دقيقاً بسبب تداخلها وتكاملها وتواصلها. 


المرحلة الأولى الجزيرة العربيه والإسلام :


الجزيرة العربية بظروفها ومناخاتها الطبيعية والإنسانية هيأت لظهور الإسلام كما أن للقبائل العربية المسيحية واليهودية والوثنية بصماتها في الكثير من المواقف والتعاليم والعقائد التي تضمنها القرآن الكريم إذ نزل القرآن بلغتها ومن الجزيرة انطلقت الدعوة فإذاً الصلة بين الجزيرة العربية والإسلام صلة جذور ومصير ولولا الإسلام لما خرج العرب من الجزيرة العربية ولما اتخذت اللغة العربية حجمها الضخم. 

وعندما ننظر لتعلق العرب المسلمين بدينهم، إنما نرى فيه كل تلك الخلفيات التاريخية العميقة إلى درجة المزج العضوى بين العروبة والإسلام بل إلى حد التوحيد بينهما.


المرحلة الثانية العهد الأموى والعباسي :


تميزت الدعوة الإسلامية بأنها كانت رفيقة العمل السياسي فكانت فتحاً دينياً عسكرياً ونشر معتقدات وبناء دولة، وتحولت فيما بعد إلى إمبراطورية عربية واسعة الانتشار وامتدت أيام الأمويين لتصل إلى أفريقيا والأندلس غرباً وإلى خراسان وما حولها شرقاً ومع هذا الاتساع برزت الحركات الدينية والأحزاب السياسية وأصبحت الخلافة وراثية وتأثرت الإدارة العربية بالإدارة الفارسية واليونانية والقبطية وأصبحت العربية ليس فقط لغة الدين بل أيضاً لغة الدولة والإمبراطورية وتم قطع عملة عربية إسلامية استبدلت مكان الدنانير والدراهم البيزنطية والفارسية.

ما يميز حكم الأمويين أن المسلمين من غير العرب لم يكن لهم حظ في الحكم ولا نصيب في الحياة الاجتماعية وعندما تسلم العباسيون الحكم بعد سقوط الأمويين تبدلت نوعية الحكم ونشأت أوضاع جديدة وهامة على صعد مختلفة أهمها التجزئة وتقلص الرابطة العربية لصالح الرابطة الاسلامية حيث استعان العباسيون بالمسلمين غير العرب في مختلف المراكز وأعلاها فضعف الدور الذي يلعبه العنصر العربى وزالت الرابطة الوثيقة التي كان يستند عليها في الحكم أبان الخلفاء الراشدين والأمويين إذ أن العامل الديني إن لم يكن مدعماً بعصبية قومية متحدة يضعف فعله وظل هذا الوضع على ما هو عليه حتى جاء المغول وأزالوا الدولة العباسية في المشرق كله .

وبالرغم من انحسار وضعف العنصر العربى فى الحكم إلا أنه تم التعويض عنه في العهد العباسي بقيام حركة فكرية زاخمة شارك فيها العرب وغير العرب من خلال اللغة العربية وجعلوا من ذلك العصر العصر الذهبي من تاريخ الفكر العربي _ على الرغم من أن تاريخ الفكر العربي يرقى إلى ما قبل العباسيين بوقت طويل _ حيث لمعت أسماء كبار العلماء والفلاسفة والشعراء والمؤرخين أمثال الجاحظ، الفارابي، الخوارزمي، الكندي، الرازي، ابن سينا، أبو العلاء المعري، جابر بن حيان، الغزاني، ابن طفيل، ابن رشد، ابن خلدون .


الإشكالية تكمن عندما يتم التساؤل حول ما يمكن تسميته فكراً عربياً أم فكراً إسلامياً؟

فهنا نواجه معضلتين فهذه الفلسفة مكتوبة باللغة العربية ولكن كثير من رجالها غير عرب بل هم ترك كالفارابي، وفرس كالغزالي، ويوجد عند الفرس والأتراك أساليب مختلفة للتفكير حسب بيئتهم، فكيف يحق لنا أن نسمي هذه الفلسفة عربية ورجالها أكثرهم من غير العرب، وإذا أردنا تسميتها إسلامية، فعلينا معالجة كل ما كتبه المسلمين في لغاتهم المختلفة : الهندية الفارسية ... إلخ ونحن لا نعالج إلا القسم المكتوب باللغة العربية فقط، كما أن هناك أفراد من غير المسلمين ساهموا في الفكر العربي من المسيحيين واليهود, ويلاحظ من استعراض المرحلة الثانية من تاريخ العرب والإسلام ملاحظات رئيسية مهمة جداً :


1- عملياً وبعد انتهاء العصر الأموي لم يعد هناك دولة عربية إسلامية موحدة.


2- من حيث العامل الديمغرافي يصعب القول أن العصر العباسي كان عصراً عربياً بسبب الاختلاط الكبير بين العرب وغيرهم.


3- انفتاح العرب والمسلمين ضمن ديارهم على الحضارات السابقة.


أن العرب والمسلمين في عصورهم الذهبية كانوا عنوان الانفتاح الفكري والثقافي ولم ينغلق العرب والمسلمين على ذاتهم ولم يدعوا يوماً أنه فى خزائنهم الروحية والفلسفية غذاء يكفيهم مؤونة الاتصال بالشعوب والثقافات الأخرى.


المرحلة الثالثة مرحلة الحكم العثماني عصر الانحطاط : 


أسدل الستار على الحكم العربي بجميع أشكاله فدخل العرب عصر انكفاء سياسي رافقه انحطاط فكري حتى القرن العشرين حيث فقدت اللغة العربية دورها وزخمها وتدهورت العلوم والآداب والفنون وسائر النشاطات الفكرية ما عدا القليل منها، وعندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون تأثر الكثير من العرب بالأفكار والمبادئ التي قامت عليها الثورة الفرنسية مما ساعد الكثير من العرب والأتراك على الانتصاب في وجه الاستبداد والنظام التركي وقد ظهرت أربعة اتجاهات سياسية تصادمت فيما بينها :

1- اتجاه عثمانى أو جامعة عثمانية.
2- الاتجاه التركي الجمعية الطورانية.
3- الاتجاه العربي.
4- الاتجاه الإسلامي.


المرحلة الرابعة اليقظة العرببه والإسلامية :


بعد زوال الحكم العثماني، نشأ في المشرق العربي حركة قومية متنامية برزت على الصعيدين السياسي، والفكري، فظهرت محاولات إقامة الدولة العربية الموحدة، قبل ترك الاستعمار الفرنسي والإنكليزي وبعد الحرب العالمية الثانية، واستقلال العرب اقترن ذلك بقيام الأحزاب وظهور المفكرين لنشر الوعي العربي وثم تمت الدعوة لإحياء دور الإسلام وتحديد دوره في العصر الحديث والبحث في علاقة الدين بالقومية وخاصة الإسلام بالعروبة.


For communication and cooperation

يمكن التواصل والتعاون مع الباحث والمؤلف سلام الربضي عبر الايميل
jordani_alrabadi@hotmail.com