سلام الربضي: باحث في العلاقات الدولية \ أسبانيا
وفقاً للنظرية الواقعية ومن خلال قراءة
التاريخ العالمي للقوى العظمى، يجب التنبأ بنهاية الآحادية القطبية والبحث عن
القوى العظمى الجديدة على مستوى الدول. ولكن، هناك بعض التعقيدات المطروحة على مستوى
صعوبة التنبؤ باتجاهات تطور النظام العالمي، والتي تجعل من سيناريوهات المستقبل
مهمة علمية شاقة. لان هذه الظواهر لا تزال في طور التشكيل والتكوين.
كما أن المتغيرات العالمية
الواقعية والمقاربات الفكرية والفلسفية لها في ظل ما يسمى بعصر العولمة، تجعل من
المستحيل استراتيجياً، الحديث عن نظام عالمي يتحكم فيه قطب واحد، أو عدة أقطاب
يتنازعون السلطة حول العالم. فهنالك الكثير من الإشكاليات، التي تتعلق بالنظام
العالمي والتغيرات الحاصلة، والتي تتطلب محاولة استشراق مستقبل، وهوية هذا النظام،
والفاعلين الأساسيين فيه، من زوايا مختلفة، في ظل دخول البشرية في عصر الشبكة
المعلوماتية التفاعلية، ووجود مؤسسات المجتمع المدني العالمي، والصعود السريع لدور
الأفراد.
وفي خضم هذا الواقع، يأتي مصطلح
عصر عدم القطبية تعبيراً ، عن عالم ينتقل من نظام القطب الواحد، إلى نظام تنعدم
فيه القطبية، بمختلف أشكالها، أو تصبح بلا معنى: الأحادية أو الثنائية أو المتعددة
الأقطاب. وذلك، بسبب عوامل نوعية كثيرة، ثقافية واقتصادية وسياسية. وهذه العوامل
أصبحت من سمات عصرنا الراهن، وستبقى لسنوات غير قليلة. بل إن بعضها، هو اليوم من
أهم محددات كثير من الشؤون العالمية والإقليمية، وحتى المحلية.
واستناداً على ذلك، يتضح أن انتقال السلطة والتغيير في موازين القوى العالمية ليست دائماً لعبة
صفرية النتائج Samgame Non Zero- بمعنى،
أن زيادة نفوذ وسلطة وقوة دولة ما، لا تعني بالضرورة فقدان الدول الكبرى الأخرى، السيطرة على النفوذ العالمي. ونتيجة لذلك الاستنتاج تحاول الكثير من النخب، البحث عن طرق
لدعم موقع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الواقع العالمي المستجد، خوفاً من
الوقوع في الفراغ أو من أجل الحيلولة دون حدوث الفوضى. إذ أنه يمكن للولايات
المتحدة أن تواصل ممارسة دور قطبي عالمي، بالرغم من تراجعها عن موقع القطب الواحد،
الذي يعود إلى ظهور قوى جديدة على المسرح العالمي، أكثر مما يعود إلى ضعفها
العسكري أو السياسي أو الاثنيـن معاً .
ولكن بجميع الأحوال يمكننا طرح
التساؤلات الاستراتيجية التالية:
من المستغرب كيف إن النفوذ الحقيقي الواقعي
لقوة الولايات المتحدة الأمريكية،لم يستمر أو
يستقر لأكثر من 15 أو 20 عام ؟؟
وانطلاقاً من المقياس الزمني والمنطق التاريخيي،
هل يمكننا القول أن هذه الفترة الزمنية
مجرد لحظة لا يمكننا البناء عليها؟؟
يبدو أنه لا مهرب من الاستنتاج المبني على السجل التاريخي، بأن الانحدار
النسبي طويل الأجل لقوة الولايات المتحدة
ما زال مستمراً حتى هذه اللحظة. وبناء على ذلك، هل يصبح السؤال المنطقي
والاستراتيجي الآن في نطاق البحث العلمي والأكاديمي هو :
ليس إذا كانت الصين سوف تصبح القوة العظمى عالمياً ، بل متى؟؟؟؟؟
تبقى كثيرة هي التساؤلات
الجوهرية، التي تشغل تفكير النخب على امتداد العالم، في مجالات السياسية والاقتصاد
والثقافة والبيئة، والتي تحاول استكشاف ما هو قادم. أنها أسئلة تحمل في كل من
طياتها متعة إضافية، من متع استقراء مستقبل عالمنا السياسي. لكن تبقى الإشكالية الأساس ترتكز حول ما إذا كان باستطاعة
أي شخص أن يتنبأ بمستقبل القوى الحالية
للعالم المعاصر؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق