سلام الربضي \ باحث في العلاقات الدولية
اسلام تايمز
9-12-2010
لقد تفاعلت تطورات اقتصادية وتكنولوجية بالغة الاهمية، ساعدت على إفراز العديد من مظاهر الخلل وعدم الاتساق بين المؤسسات والنظم ، وبين حقائق جديدة. ومن أهم هذه التطورات الثورة التكنولوجية، وما أدت إلية من تغير في المعطيات الاقتصادية للعالم المعاصر ، وقد واكبت هذه التطورات التكنولوجية، تغيرات أخرى لا تقل عنها أهمية في المؤسسات والسياسات العامة، والتي كان لها بدورها أثار بعيدة المدى. فمن القضايا المطروحة حالياً على الساحة العالمية والسياسات المطبقة :
أ – الليبرالية الجديدة.
ب – التنمية المستدامة.
ج – حماية البيئة.
د – الحكم الصالح.
و – المعونات الدولية للتنمية.
ن- العولمة.
ز – الترتيبات الاقليمية .
من الواضح إن تلك القضايا تطرح إشكالية قوة الدولة، فإن الدولة لم تكن في يوم من الأيام أقوى مما عليه هي الآن، فيما تتمتع به من أدوات للتأثير في الحياة الاقتصادية، سواء عن طريق وسائل التأثير عبر السياسات الاقتصادية، أو من خلال دورها التنظيمي وتوفير الخدمات الرئيسية. إذ إن الانحسار الذي أصاب الدولة، هو في صعيد الانتاج في القطاع العام. فطرح بعض الجوانب المتعلقة بالدولة والاقتصاد أمراً مهماً مثل القطاع الخاص (الأفراد) والمجتمع المدني، كذلك إلى جانب الاقتصاد هناك السياسة والأخلاق.
أن أداة السياسة الرئيسية هي الدولة، التي يتركز فيها استخدام السلطة. في حين أن المجال الطبيعي للاقتصاد هو السوق، حيث تعبر المصالح أو المنافع عن نفسها، فيما تظهره هذه السوق من خلال مؤشرات وخاصة الاسعار . وما بين السياسة والاخلاق والاقتصاد فإن نقطة التقاطع تكون قائمة على ما يعرف بالحكم الصالح القائم على ترابط مفهوم اقتصاد السوق وحقوق الإنسان والديمقراطية.
على صعيد التنمية، الإشكالية تكمن بكيفية تشجيع الدول الرأسمالية أو بالآحرى تشجيع رأس المال إلى الانتقال إلى الدول النامية الأقل نمواً وليس للدول الأكثر نمواً. وعلى صعيد العولمة يجب النظر إلى تاريخ الاقتصاد العام، لفهم الاقتصاد المعاصر بشكل أوضح، باعتباره تاريخاً للمبادلة وقيام الأسواق وتوسيعها. والعولمة ليست وصفة أو حزمة معرفة، بقدر ما هي لحظة من لحظات التطور، ارتفع فيها معدل توسيع الأسواق والترابط في الاقتصادات، على مستوى رقعة متزايدة من العالم.
وإذا كان لكل عصر أبطاله، فعصر العولمة أبطالها ونجومها، الشركات عبر الوطنية، ورجال الإعلام ومراكز المال، ومراكز البحوث، وشركات التسويق، والمخابرات وربما المافيا، ولكن يجب علينا عدم نسيان أهمية وتزايد دور المنظمات غير الحكومية. كما أن الفرد أصبح هو الحكم والفيصل، حيث الجميع يحاول استمالته سواء بالإقناع أو الخداع. فالفرد هو من جهة ناخب وهو من جهة أخرى مستهلك، فعلى الصعيد الاقتصادي، ورغم من عدم عدالة التوزيع فإن المواطن العادي ما زال يمسك بزمام القوة الاقتصادية. كما أن هذا الفرد هو أساس السلطة السياسية، فرأيه في صناديق الاقتراع أو من خلال استطلاعات الرأي ما تزال تحكم التوجهات السياسية والاقتصادية وهنا أيضاً قد يكون المطلوب صوته الشكلي فقط.
والمشكلة تكمن بأن هذا الفرد الذي يمثل الحكم والفيصل، يواجه قوى المال والإعلام والمخابرات. وبالتالي القدرة على إخضاعه لمختلف أنواع التأثير. فمن المعضلات الحالية، هو التناقض بين تطور الاقتصاد وتطور السياسة، فالاقتصاد يتجه نحو العالمية ولا يأبه بحدود السياسة والجغرافيا، أما السياسة، فالتنظيم السياسي ما زال وطنياً وقومياً. وتكمن المشكلة الأساسية في تلاقي عالمية الاقتصاد من ناحية وقومية السياسة من ناحية أخرى، وهو التناقض الأساسي لظاهرة العولمة.
من هنا تنفصل العلاقة بين السلطة والمسؤولية، حيث هناك سلطة اقتصادية عالمية لا يكاد يفلت منها مكان على المعمورة، ومسؤولية سياسية وطنية أو حتى محلية، فالقرارات التي تؤثر بالاقتصاد العالمي تصدر من الكونغرس ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، والتي تحاسب من قبل الناخبين في الولايات المتحدة أو في أروقة السياسة في ألمانيا وفرنسا، على الرغم من تأثير هذه القرارات في اقتصاد العالم برمته.
والترتيبات الإقليمية المختلفة من ترتيبات واعية للتنسيق والتكامل فيما بينها. والتي قد تأخذ هذه الترتيبات شكلاً مؤسسياً وشكلياً في شكل معاهدات أو في شكل ترتيبات خاصة أكثر مرونة.
قد تكون أنجح هذه الترتيبات هي السوق الأوروبية المشتركة، التي تحولت إلى الاتحاد الأوروبي وهناك الكثير من الترتيبات الإقليمية مثل منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا)، مجموعة الآسيان، المجموعة العربية، ويمكن اعتبار تجربة الاتحاد الأوروبي أنجح تجربة على هذا الصعيد. وعلى الدول في الشرق الأوسط أن تأخذ تجربة الاتحاد الأوروبي كنموذجاً يمكن الاستفاده منه. طبعاً وفقاً لما يتلائم مع أمكانياتنا ومع طبيعة أنظمتنا ومجتمعاتنا السياسية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق