www.alrasheednet.com/index.php?item=read&id=5810
في سياق الغاء العراق لشرط مقاطعة إسرئيل للشركات الأجنبية التي ترغب في المشاركة في معرض بغداد الدولي التجاري السنوي منذ اواخر العام 2009, يمكن القول أنّ المطامع الاقتصاديّة لإسرائيل لم تقتصر فقط على الاستفادة من المساهمة في إعادة إعمار العراق فقط لأنّ ذلك أمر مفروغ منه، خاصّة في ظل النفوذ الأميركي في العراق وما يعنيه ذلك من إفساح المجال لدور إسرائيلي فيه، بل وإعطائها الأولويّة على غيرها من الدول الرّاغبة في المساهمة في عمليّات الإعمار، حيث يمكن للشركات الإسرائيليّة العمل بسهولة، بل هنالك أيضاً أهداف ومصالح استراتيجيّة اقتصاديّة بعيدة المدى يمكن لإسرائيل تحقيقها وجني ثمارها في العراق ومن أهمّها ما يلي:
أ- المساعدة في دعم الاقتصاد الإسرائيلي الذي يتعرض لأزمات متتالية ازدادت سوءًا منذ اندلاع الانتفاضة الثانية،انتفاضة الأقصى، والتي تسبّبت في تراجع النمو في الاقتصاد الإسرائيلي إضافة إلى العديد من القطاعات الاقتصاديّة الإسرائيليّة المتضرّرة من جرّاء الوضع السّياسي المتأزّم في فلسطين، ومنها قطاع الصّناعة والتجارة،بالإضافة إلى الارتفاع في فاتورة الطاقة.
ب- فتح الأسواق العراقيّة والتي يصل حجمها إلى نحو25 مليون نسمة عراقيّة أمام المنتجات الإسرائيليّة وما يعنيه ذلك من ترويج للصّادرات الإسرائيليّة، فضلا عن تشغيل الكثير من المصانع الإسرائيلية. وهو ما يصبّ في النهاية في خدمة المواطن الإسرائيلي، سواء من ناحية خلق فرص عمل جديدة وخفض معدّلات البطالة التي تعاني منها إسرائيل، أو من ناحية زيادة المدخول الفردي للمواطن.
ج- اعتبار العراق جسراً لبدء الخروج من العزلة العربيّة، وتمهيد الطريق نحو استعادة زخم العلاقات الاقتصاديّة بين إسرائيل والدول العربيّة، وذلك باعتبار العراق نقطة التقاء اقتصادي بين االشركات الإسرائيليّة والعربيّة. وهو ما يمكن أن يمهّد الطريق نحو فتح الأبواب العربيّة المغلقة أمام المنتجات الإسرائيليّة، وكسر حاجز المقاطعة العربيّة لإسرائيل.
د- محاولة بناء علاقة تحالف إستراتيجي طويل الأمد مع العراق الجديد، وذلك عبر النفوذ الأميركي، وهو ما يعني مستقبلاً اعتراف الحكم في العراق بالمصالح الإسرائيليّة في العراق، خاصّة في ظل التفوق والتقدّم التكنولوجي والتقني الإسرائيلي الذي يمكن الاستفادة منه عراقياً لإعادة بناء منشآته وبنيته التحتيّة. وهكذا يصبح هناك اعتماداً عضوياً على التقنيّات والتكنولوجيا الإسرائيليّة في بناء الاقتصاد العراقي الجديد.
ه- الاعتماد على الدّور الأميركي في تسهيل الحصول على حصّة من مشاريع الإعمار، بحيث يصبح للشركات الإسرائيليّة الأولويّة على غيرها من شركات المنطقة، وذلك نظراً لعاملين أساسيين هما: خبرة الشركات الإسرائيليّة في معرفة أسواق المنطقة العربية ومدى احتياجاتها، والعامل الثاني الخبرة التكنولوجيّة العالية التي تتمتع بها الشركات الإسرائيليّة دون غيرها من نظيراتها العربيّة.
و- لقد رافق ذلك ضغط إسرائيلي كبير على مسؤولي الإدارة الأميركيّة لدمج الشركات الإسرائيليّة في عمليّات بناء العراق، وهو ما كان قد طالب به وزير الخارجيّة الإسرائيلي آنذاك سيلفان شالوم، من نظيره الأميركي كولن باول، بعد انتهاء العملّيّات العسكريّة مباشرة واحتلال العراق في 2003 لأهميّة دمج إسرائيل في مشاريع الإعمار في العراق. وربط في ذلك الوقت، رئيس الوزراء السابق لإسرائيل، شارون، هذه المسألة جزئياً بموقفه من الاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري.
ز- الإلمام بكافة تفاصيل الأوضاع في العراق للوقوف على فرص وإمكانات المساهمة الفعليّة في مشاريع الإعمار. ولذا فقد بادرت شركات المعلومات الإسرائيليّة بنشر كثير من الدراسات حول مستقبل نمو الاقتصاد العراقي، ومنها شركة دان إند بردستريت الإسرائيلية (D&B). فوفقاً لها، سيسجّل الاقتصاد العراقي خلال المستقبل نموّاً بمعدل12% سنوياً.
ح- الدخول في مناقصات حول مشاريع الإعمار في العراق ومنافسة الشركات الأخرى، بما فيها الأميركيّة. كما أنّ وزارة الدّفاع الأميركيّة، البنتاغون، لم تبدِ أي اعتراض على مساهمة الشركات الإسرائيليّة في مشاريع الإعمار بالعراق، ولا يوجد أي مانع يحول دون قيام هذه الشركات بالقيام بالأعمال اللازمة لإعمار وترميم العراق. بل انّ البنتاغون قد أوصى بإشراك شركات مصرية وأردنية في المناقصات، إذ سيسهم الأمر في دمج إسرائيل من الناحية السّياسيّة بصفة أكبر.
قبل أن تحطّ الحرب أوزارها في العراق عام 2003، كان في حكم المؤكد أنّ إسرائيل ستكون عضواً في نادي الدول الرابحة منها، خاصّة على الصّعيد الاستراتيجي. ولكن لا يمكن اغفال المجال الاقتصادي حيث تعمل على حصد المزيد من المكاسب الاقتصادية من خلال اعمار العراق, فيتم جني أرباح طائلة بوسائل عديدة وعبر شركات استثماريّة مختلفة وبناء علاقات تعاون وصداقة مع دول عربيّة مركزيّة كانت حتى الأمس من ألدّ أعدائها، ممّا يفتح المجال واسعاً أمامها مع باقي أرجاء الوطن العربي، وطبعاً لا يمكن حدوث ذلك دون مساعدة الولايات المتحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق